«إلكسا» تضرب دول شرق المتوسط وتمنح مواطنيها عطلة قسرية

لبنانيون يراقبون الأمواج العالية وهي تضرب الكورنيش في بيروت أمس (أ.ب)
لبنانيون يراقبون الأمواج العالية وهي تضرب الكورنيش في بيروت أمس (أ.ب)
TT

«إلكسا» تضرب دول شرق المتوسط وتمنح مواطنيها عطلة قسرية

لبنانيون يراقبون الأمواج العالية وهي تضرب الكورنيش في بيروت أمس (أ.ب)
لبنانيون يراقبون الأمواج العالية وهي تضرب الكورنيش في بيروت أمس (أ.ب)

لا مزاح مع العاصفة «إلكسا» التي وصلت السواحل الشرقية للبحر المتوسط، لبنان وسوريا والأردن والأراضي الفلسطينية وإسرائيل، آتية من روسيا. وأعلنت تلك الدول عن خطط طوارئ لمواجهة تداعيات العاصفة التي استهلت بانخفاض شديد في درجات الحرارة وهطول الأمطار والثلوج.
وحذرت هيئات الأرصاد في هذه المناطق من أن العاصفة، التي بدأت أول من أمس (الثلاثاء) ستشتد اليوم (الخميس) وغدا (الجمعة) وسط دعوات للسكان إلى لزوم منازلهم. ومن المتوقع أن تضرب العاصفة السواحل المصرية بينما وصلت ارتداداتها إلى العراق أيضا، حيث انخفضت درجات الحرارة دون معدلاتها الطبيعية.
ولزم غالبية اللبنانيين بيوتهم أمس إما اتقاء للبرد الصقيعي الشديد، حيث انخفضت حرارة السواحل الشمالية إلى خمس درجات خلال النهار، أو حذرا من تراكم الثلوج التي أغلقت بعض الطرقات، أو خوفا من السيول وارتفاع منسوب الأنهار وفيضاناتها.
«ومع لبنان، بقيت كل من تركيا واليونان وأرمينيا، ترزح جميعها تحت رحمة كتل هوائية باردة جملتها إلكسا»، كما يقول لـ«الشرق الأوسط» رئيس مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت مارك وهيبه: «وتهب على هذه الدول رياح شمالية قوية، وتتساقط أمطار متفرقة، لتنحسر الموجة مساء السبت».
وتفاديا للأسوأ، عطلت المدارس وتبضع الأهالي بمن فيهم باعة الخضار والمحلات التجارية. وأخذ كل مواطن كامل احتياطاته ليتحرك بأقل قدر ممكن خلال العاصفة. ولذلك خلت الشوارع أمس، ويبدو أن الذين خرجوا من بيوتهم هم من اضطرهم العمل أو ضرورة حياتية من العسير تأجيلها، وهو ما أثار سخرية البعض الذين تساءلوا: «أين العاصفة؟ نحن لا نرى سوى البرد الشديد، فلم هذا الخوف؟».
«درهم وقاية خير من قنطار علاج».. يقول مارك وهيبه لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدا أن «ما يشاهده لبنان هو أمر طبيعي. وهذا النوع من العواصف يهب على البلاد بشكل دوري، كل سبع أو ثماني سنوات، والعام الماضي شهدت السواحل الشمالية درجات حرارة وصلت إلى صفر، خلال مرور العاصفة «أولغا» التي لم تكن أقل قسوة من «إلكسا».
واستنفر الجيش اللبناني دورياته كما قوى الأمن الداخلي، لمساعدة المواطنين، كما عملت الجرافات طوال اليوم على فتح الطرقات الجبلية، التي عادت الثلوج وأغلقتها تكرارا. وتعددت الحوادث التي تسببت بها العاصفة، ووقع أكبر حادث سير أمس بين عشر سيارات دفعة واحدة، وذلك على جسر النملية، طريق نهر البيدر، مما أدى إلى توقف السير بالكامل.
وفي الأردن، أعلنت دائرة الأرصاد الجوية تأثر البلاد بمنخفض جوي عميق في طبقات الجو كافة مصحوب بكتلة هوائية قطبية شديدة البرودة. وتفيد بيانات الأرصاد الجوية في الأردن بانخفاض درجات الحرارة نهارا بشكل ملموس إلى ما دون معدلاتها بمثل هذا الوقت من العام بنحو 8 - 10 درجات مئوية، وفقا لمصادر الأرصاد.
وقرر رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور تعطيل اليوم (الخميس) في المدارس والجامعات الرسمية والأهلية، في ظل الظروف الجوية السائدة. وبرر النسور قرار العطلة بالتسهيل على الطلبة والمواطنين، وترك المجال أمام الآليات الحكومية لفتح الطرق، مطالبا القطاعات الأخرى بمتابعة وسائل الإعلام لمعرفة آخر المستجدات عليها.
فيما أعلنت أمانة عمان والبلديات والوزارات ذات العلاقة حالة الطوارئ لمواجهة آثار المنخفض. وقالت دائرة الأرصاد الجوية إن البلاد ستبقى تحت تأثير المنخفض الجوي خلال الأيام الأربعة المقبلة، وتسقط الثلوج خلالها على المناطق الجبلية التي يزيد ارتفاعها على 800 متر، وستغطي الثلوج جميع المناطق الجبلية. من جانبه قال وزير الشؤون البلدية الأردني وليد المصري إن البلديات شكلت غرف طوارئ استعدادا للتعامل مع الظروف الجوية التي ستؤثر على البلاد. وأعلنت أمانة عمان حالة الطوارئ القصوى للتعامل مع الظروف الجوية التي قد تسود المملكة، وأن أجهزتها الفنية كافة، سواء بالدوائر المركزية أو مديريات المناطق، جاهزة للتعامل مع المنخفض الجوي.
وقد نشطت الأسواق التجارية خلال اليومين الماضيين، ولوحظ إقبال كبير من قبل المواطنين على شراء احتياجاتهم من المواد الغذائية والمشتقات النفطية وغيرها، إضافة إلى الإقبال الكبير على المخابر التي ضاعفت قدرتها الإنتاجية من الخبز لسد الطلب الكبير.
وفي فلسطين، حذر خبراء أرصاد من حدوث سيول وتراكمات ثلجية، خاصة في المناطق المرتفعة. وتصاحب العاصفة رياح شديدة البرودة، تزيد حدتها اليوم. وغمرت المياه أجزاء كبيرة من مدينة غزة، مما أثار سخط السكان الذين اتهموا السلطات بالتقصير في توفير البنى التحتية المناسبة لمثل هذه الظروف.
وعطلت الدراسة في المدارس والجامعات الحكومية والخاصة وتلك التابعة للأونروا، أمس واليوم، بسبب المنخفض الجوي.
وفي سوريا، قالت الحكومة إنها على أتم الاستعداد للتعامل مع العاصفة، لافتة إلى قدرتها على «تأمين الخدمات والمستلزمات المعيشية لجميع المواطنين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».