واشنطن ولندن تتعهدان منع إيران من تطوير أسلحة نووية

التلفزيون الإيراني يعرض أجهزة طرد مركزي تنوي طهران إنتاجها أثناء مقابلة مع رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية  (أ.ب)
التلفزيون الإيراني يعرض أجهزة طرد مركزي تنوي طهران إنتاجها أثناء مقابلة مع رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية (أ.ب)
TT

واشنطن ولندن تتعهدان منع إيران من تطوير أسلحة نووية

التلفزيون الإيراني يعرض أجهزة طرد مركزي تنوي طهران إنتاجها أثناء مقابلة مع رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية  (أ.ب)
التلفزيون الإيراني يعرض أجهزة طرد مركزي تنوي طهران إنتاجها أثناء مقابلة مع رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية (أ.ب)

قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إنه اطلع على تقارير عن خطط إيرانية لزيادة طاقة تخصيب اليورانيوم، مشدداً على أن واشنطن لن تسمح لطهران بتطوير أسلحة نووية، وأثارت خطوات أعلنت طهران عن تنفيذها لإعادة تخصيب اليورانيوم استياء الأوروبيين الذين يحاولون إنقاذ الاتفاق وحماية شركاتهم من العقوبات الأميركية في آن.
وقال بومبيو، أول من أمس على «تويتر»: «نتابع التقارير عن أن إيران تخطط لزيادة طاقة تخصيب اليورانيوم. لن نسمح لإيران بتطوير سلاح نووي». وأضاف: إن «إيران على علم بعزمنا».
بدوره، قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، على هامش اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن «المملكة المتحدة تعتقد إلى جانب فرنسا وألمانيا، بأن اتفاق إيران النووي هو أفضل سبيل لضمان مستقبل يسوده الأمن والأمان في المنطقة».
وأفاد موقع الخارجية البريطانية نقلا عن تصريحات أدلى بها جونسون ليلة الأربعاء، بأن بلاده ملتزمة «بجعل إيران تستمر بالامتثال لالتزاماتها بموجب الاتفاق، ونتفق تماماً مع إسرائيل بأن علينا منع إيران من الحصول على أسلحة نووية».
في غضون ذلك، أفادت وكالة «مهر» للأنباء، بأن الرئيس حسن روحاني، يتوجه اليوم إلى الصين لحضور اجتماع منظمة «شنغهاي»؛ بهدف تعزيز التعاون، لكن يتوقع أن يكون الاتفاق النووي على رأس أولويات روحاني.
وكان السفير الإيراني في مجلس الحكام التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رضا نجفي، أعلن أول من أمس، عزم إيراني على إعادة تفعيل برنامجها النووي في حال إلغاء الاتفاق الدولي المبرم معها عام 2015.
وقال نجفي «الأعمال التمهيدية في حال فشل الاتفاق النووي لتتمكن من تحريك أنشطتها دون القيود المرتبطة بالاتفاق النووي». وأكد بذلك معلومات لوكالة أنباء «فارس» في هذا الخصوص.
ورد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان قائلاً: إن «هذه المبادرة غير مناسبة. هذا يدل على غضب واستياء، ومن الخطورة دائماً اللعب بالخطوط الحمر». وأضاف: «إذا انتقلنا إلى مرحلة أعلى سيلغى الاتفاق» وفق ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الألمانية «في الوضع الحالي أن ما يحصل لا يساهم في بناء الثقة».
ويحاول الأوروبيون الإبقاء على الاتفاق الذي انتزع بصعوبة في 2015، ويفترض أن يمنع إيران من حيازة السلاح الذري لقاء رفع العقوبات التي كانت تبقيها في عزلة وتخنق اقتصادها.
وعاد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، ليلة الأربعاء لتوضيح إجراءات أعلنها الثلاثاء حول العودة إلى إنتاج أجهزة الطرد المركزي وتعزيز البنية التحتية للمفاعلات الإيرانية واستعداد إيراني للسيناريو الأسوأ، وهو خروجها من الاتفاق النووي.
وحاول صالحي أن يشرح للمواطنين الإيرانيين بلغة بسيطة وغير فنية الإجراءات التي تنوي طهران تطبيقها في منشأة نطنز قرب أصفهان. وقال، إن إيران تبدأ بعد شهر من الآن إنتاج أجهزة طرد مركزي متطورة.
ويأتي التصعيد الإيراني رداً على خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في الثامن من مايو (أيار) الماضي. وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن 21 مايو استراتيجية من 12 شرطاً لإجبار طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات؛ للوصول إلى اتفاق جديد، ومن بينها ثلاثة شروط ترتبط مباشرة بالبرنامج النووي، وهي «الكشف عن كافة تفاصيل البرنامج النووي الإيراني للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما فيها النقاط التي توصلت إليها إيران. والسماح للوكالة للدخول إلى المنشآت النووية الإيرانية كافة، وإغلاق مفاعل الماء الثقيل في أراك ووقف تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية».
رداً على ذلك، أعلن المرشد الإيراني علي خامنئي في 23 مايو خمسة شروط لبقاء طهران ضمن الاتفاق. لكن طهران لم تحصل على رد لافت من الاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
وعاد خامنئي مجدداً الاثنين الماضي لإعلان خطوة جديدة بتوجيه أمر إلى المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية للوصول 190 ألف وحدة فصل للانشطار النووي؛ وهو ما يتطلب من إيران إنتاج أجهزة طرد مركزي جديدة قد تعارض نص الاتفاق النووي.
وأثناء حديث صالحي، عرض التلفزيون الإيراني صوراً لثلاثة أجيال من أجهزة الطرد المركزي «IR - 2» و«IR - 4» و«IR - 6» في إشارة إلى الأجهزة التي تنوي إيران إنتاجها في الفترة المقبلة؛ وهو ما يعني زيادة قدرتها على التخصيب السريع لليورانيوم.
ويسمح الاتفاق النووي لإيران بامتلاك 5060 جهاز طرد مركزي من طراز «IR - 1» لفترة 10 سنوات وتستبدل تدريجيا وفق بأجيال حديثة عندما يحين تخفيف القيود عن إيران.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».