تجربة غير مشجعة لوزارة مكافحة الفساد في غياب القوانين الرادعة

تويني لـ {الشرق الأوسط} : أمّنَّا جباية أفضل ونجحنا بخفض المصاريف

نقولا تويني وزير مكافحة الفساد
نقولا تويني وزير مكافحة الفساد
TT

تجربة غير مشجعة لوزارة مكافحة الفساد في غياب القوانين الرادعة

نقولا تويني وزير مكافحة الفساد
نقولا تويني وزير مكافحة الفساد

لم تكن وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد التي نشأت للمرة الأولى في عام 2016 على قدر تطلعات اللبنانيين الذين لم يلمسوا بعد مرور أكثر من عامين على انطلاق عملها، أي إنجاز يُذكر في الحد من الفساد المستشري في البلاد، وهو العنوان الذي شكّل بنداً أول في معظم البرامج الانتخابية للأحزاب اللبنانية في الاستحقاق النيابي الأخير.
وبينما يؤكد معنيون بمتابعة الملف أن الوزارة لم تحقق أي شيء يُذكر، وأن السبب الرئيسي وراء ذلك غياب القرار السياسي بمكافحة الفساد، يرى الوزير المختص الذي يتولى حالياً تصريف الأعمال نقولا تويني، أن وزارته نجحت في «خلق دينامية جديدة في البلد ودفعت أكثر من 90% من السياسيين والمهتمين بالشأن العام لإعطاء الأولوية في برامج عملهم لهذا الملف، وهو في حد ذاته خطوة إيجابية يتوجب الوقوف عندها»، لافتاً إلى أنه «وفي غياب هيكلية وموازنة وكادر توظيفي وتولي فريق متطوع مهام الوزارة بمساعدة أجهزة الرقابة والأجهزة الأمنية، فإن ما تم إنجازه أساسي، إن كان لجهة النجاح بتمرير كل المناقصات عبر الدائرة المختصة التابعة للتفتيش المركزي، أو لجهة تأمين جباية أفضل سواء في المنطقة الحرة أو الجمارك، إضافة إلى النجاح في خفض المصاريف». ويضيف تويني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كما وضعنا من خلال إقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، أسساً قانونية بالتنسيق والتعاون مع وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية لمكافحة الفساد بشكل علمي». ويقر الوزير بوجود ضغوط شتى قد يتعرض لها أي أحد في مسيرة مكافحة الفساد، «باعتبار أن كل لبناني يعتبر أن لديه مرجعية طائفية قادرة على حمايته، لكن المسؤول قادر على إثبات تميزه بالالتفاف على هذه الضغوط ومواصلة المسيرة إلى الأمام».
ويرى معنيون بالملف أن لا إمكانية لتفعيل عمل الوزارة والنهوض بها من دون إقرار 4 قوانين رئيسية تُعد أشبه بـ«منظمة دفاعية» هي: إنشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد، وحماية كاشفي الفساد، وتوحيد المناقصات، وتعديل قانون الإثراء غير المشروع.
ويشدد الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، على أن «الخطوة الأولى المطلوب القيام بها في حال كانت هناك نيات ورغبة جدية في مكافحة الفساد، تحويل الوزارة من وزارة دولة تم إنشاؤها بمرسوم إلى وزارة ذات هيكلية من خلال قانون يقره مجلس النواب يحدد مهامها ودورها».
ويعد شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «اعتماد أكثرية القوى السياسية عنوان (مكافحة الفساد) سواء في حملاتها الانتخابية كما في المرحلة الراهنة، مرده غياب الخطاب السياسي الجدي والذي يبدو في معظمه حاليا من دون قيمة تُذكر وغير قادر على جذب اللبنانيين الذين يعانون بمعظمهم من أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة نتيجة تفاقم الفساد». ويضيف: «حتى إن القوانين التي تم إقرارها في السنوات الماضية واعتقدنا أنها خطوة أولى في مسار مكافحة الفساد، تبين أنها، وبالتطبيق، تسهم في توفير غطاء للفاسدين»، مشيراً إلى أن «قانون الإثراء غير المشروع يطلب مثلاً من المتقدم بأي أخبار بحق أحد الفاسدين بوضع ضمانة مالية تقدر بـ25 مليون ليرة لبنانية على أن يغرّم بمبلغ 200 مليون ليرة في حال لم يتمكن من تقديم وثائق تؤكد ادعاءاته وقد تصل العقوبة أيضاً للسجن»، موضحاً أن هذا البند أدى إلى عدم قيام أي شخص منذ عام 1999، تاريخ إقرار هذا القانون، بتقديم أي بلاغ يُذكر مرتبط بإثراء غير مشروع.
كذلك يشرح شمس الدين، أنه وفي ما يتعلق بقانون حق الوصول إلى المعلومات، «فقد أقدمت الحكومة مؤخراً على فرض مبلغ معين كي يتمكن أي شخص من تصفح الجريدة الرسمية عبر الموقع الإلكتروني، أضف أنه في حال لم تكن أي إدارة متجاوبة مع أحد طالبي المعلومات، فهو لن يكون قادراً على تقديم شكوى بحقها لأنه لم يتم حتى الساعة إنشاء الهيئة المختصة بالنظر في الشكاوى والتي نص عليها هذا القانون».
ويجزم شمس الدين بأن «وزارة مكافحة الفساد لم تقم في العامين الماضيين بأي شيء يُذكر، وهي لا تتحمل وحدها المسؤولية، إنما السبب الرئيسي يبقى غياب القرار السياسي الفعلي بمكافحة الفساد، أضف أن الأجهزة الرقابية التي يتوجب أن تتولى هذه المهمة، هي أصلاً فاسدة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».