خيارات صعبة أمام قمة سنغافورة

خبراء يعتبرون ان مدى نجاحها لا يمكن أن يعرف قبل أشهر وحتى سنوات

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المبعوث الكوري الشمالي الجنرال كيم يونغ شول في البيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المبعوث الكوري الشمالي الجنرال كيم يونغ شول في البيت الأبيض (أ.ب)
TT

خيارات صعبة أمام قمة سنغافورة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المبعوث الكوري الشمالي الجنرال كيم يونغ شول في البيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المبعوث الكوري الشمالي الجنرال كيم يونغ شول في البيت الأبيض (أ.ب)

سأل الرئيس الأميركي دونالد ترمب وسائل الإعلام الدولية: «هل تصدقون أننا نتحدث عن إنهاء الحرب الكورية» معتداً بجرأته الدبلوماسية، بعدما أكد الجمعة أن القمة مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون ستعقد كما كانت مقررة في سنغافورة، وحسب موعدها السابق، بعد محادثات غير مسبوقة استمرت أكثر من ساعة في البيت الأبيض مع موفد رفيع المستوى من بيونغ يانغ، نقل إليه رسالة شخصية من الزعيم الكوري الشمالي. وقال ترمب للصحافيين: «سنلتقي في 12 يونيو (حزيران) في سنغافورة». لكن يعتقد كثير من المراقبين أن مدى نجاحها لا يمكن أن يعرف قبل أشهر، وحتى سنوات.
وستمثل القمة تحدياً لمعظم الدبلوماسيين المخضرمين. وقبل عام فقط كان ترمب، الذي دخل للتو عالم السياسة، يهزأ بكيم، وينعته بـ«رجل الصواريخ الصغير»، فيما كان الزعيم الشاب يسخر منه، ويصفه بأنه «مختل عقلياً وخرف».
قد تكون الرهانات على القمة ازدادت أكثر بسبب الإطار الزمني المتسارع، وربما يكون ترمب قد أقر بأنه لا يمكن انتظار نتائج كبيرة في الاجتماع الأول، لكنه يريد تسجيل مكسب قبل انتهاء ولايته في 2021.
وفي أول اختراق محتمل في العملية المشحونة، قد تشهد القمة توقيع اتفاق سلام بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وهو ثمرة حملة دبلوماسية شاقة قد تمهد الطريق نحو تحسن حذر في العلاقات بين البلدين. والدولتان في حالة حرب من الناحية التقنية منذ عقود، وإن تم تجميد النزاع بهدنة قبل 65 سنة، لكن الذي تسعى إليه واشنطن فعلاً هو نزع السلاح النووي في كوريا الشمالية.
غير أن بيونغ يانغ طالما أصرت على أن تصبح دولة نووية تحظى بالاحترام، وإذا كانت قد أعلنت تعليق التجارب النووية والصاروخية، فتسليم قنابلها ليس على طاولة البحث. فكيف يمكن تحقيق ما يبدو مستحيلاً؟ كيف يمكن للطرفين التوصل لما تطالب به واشنطن، وهو «نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية بشكل كامل، وقابل للتحقق، ولا يمكن الرجوع عنه»؟ لدى الكثيرين شكوك حول ذلك.
ويقول المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بوريس توكاس، لوكالة الصحافة الفرنسية، بشأن القمة: «سنعرف على الفور ما إذا باءت بالفشل»، ويوضح: «إذا امتنع كيم مثلاً عن تقديم ضمانات خطية بنزع السلاح النووي، أو إذا صدر فقط إعلان نيات دون خريطة طريق».
وسعى الزعماء الكوريون الشماليون لربع قرن لعقد لقاء مباشر مع رئيس أميركي خلال فترة ولايته، لكن ترمب وافق على لقاء كيم في مارس (آذار) فقط، ويبدو الآن أنه على عجلة لتحقيق ذلك. والاستعجال كبير إلى حد أن كثيرين في واشنطن يخشون أن يبادر ترمب بسذاجة إلى تقديم تنازلات دون الحصول على ضمانات بشأن الترسانة الكورية الشمالية.
لكن المنتقدين مرتاحون لأن ترمب يقول علناً إن الاجتماع قد لا يكون سوى بدء العملية، وبعض المسؤولين السابقين يعتقدون أنه يمكن تحقيق بعض التقدم.
كان السفير جوزيف يون، الممثل الأميركي الخاص لدى كوريا الشمالية حتى أيام، وهو مخضرم في المحادثات الخلفية، قد قال إنه من أجل اعتبار القمة ناجحة على الطرفين القيام بتنازلات سريعة لبناء الثقة قبل عملية أطول تؤدي بنهاية الأمر إلى بدء عملية نزع السلاح النووي والتطبيع.
وقال يون، المستشار الحالي في المعهد الأميركي للسلام: «إن المقترح الأساسي الذي تحاول الولايات المتحدة أن تقوله لكوريا الشمالية هو: أنتم أكثر أمناً دون الأسلحة النووية منه معها». وطالما افترض القادة الكوريون الشماليون العكس: مع الأسلحة فقط يمكنهم ضمان استمرار سلالة كيم، والبقاء قوة نووية تحظى بالاحترام، مثل الهند، على المسرح الدبلوماسي. لكن قد تقنع ضمانات أمنية محددة كيم باختيار المسار الدبلوماسي بعد القمة.
وقال يون: «أولاً، أعتقد أن هذه الخطوة بالتحديد تتطلب ما أعتبره إعلان نهاية للحرب، أي أن تنهي الحرب الكورية التي وضعت أوزارها من الناحية التقنية بهدنة عام 1953»، وأضاف: «ويتطلب تحقيق ذلك بالواقع مفاوضات بشأن معاهدة سلام. وبعد ذلك بالطبع، وبموازاة ذلك، تحتاج لتطبيع دبلوماسي. واضح أنها عملية طويلة جداً».
وإذا وافقت الولايات المتحدة على بدء، كما يقترح ترمب على ما يبدو، محادثات سلام لإنهاء الحرب، وفتح مكتب ارتباط دبلوماسي في بيونغ يانغ، فإن كيم قد يرى المحادثات على أنها مفيدة.
وقال فرانك أوم، المستشار الكبير السابق لشؤون كوريا الشمالية لدى وزراء الدفاع الأميركية وحالياً الخبير لدى المعهد الأميركي للسلام بالنسبة لبيونغ يانغ، إن عبارة «نزع الأسلحة النووية» لا يعني فقط تسليم قنابلها، بل حظر الأصول الاستراتيجية الأميركية، مثل مقاتلات الشبح «إف - 22» وقاذفات «بي - وان» وتشكيلات مقاتلة من منطقتها، ولكن ما الذي يتحتم على كيم أن يتخلى عنه بالمقابل؟
قال يون: «قد تكون كوريا الشمالية مستعدة لأن تقول بنهاية الأمر إنها على استعداد لنزع الأسلحة النووية بالكامل، لكن ستوضع تعديلات على النص وصياغة أخيرة». وعلى ترمب، الذي يتباهى بأنه صانع صفقات، أن يتفاوض حول الصياغة الدقيقة كي لا يستطيع كيم إرجاء ذلك إلى ما لا نهاية، فيما تبدأ العقوبات الدولية الدبلوماسية والاقتصادية بالتلاشي.
وأضاف يون أن على كيم أن يؤكد فوراً خطياً أنه قد وافق على: وقف تجاربه الاستفزازية للصواريخ البعيدة المدى والقنابل النووية، وعليه أيضاً أن يسمح بإجراء عمليات تفتيش دولية لمواقعه النووية المعلنة، مثل يونغبيون، والكشف عن مواقع سرية أخرى توضح حجم مهمة نزع الأسلحة. فقط عندما يتحقق ذلك، يمكن للمفاوضين معرفة ما إذا كان الزعيم الكوري الشمالي جاد بشأن نزع أسلحته بنهاية الأمر. والاستخبارات الأميركية، بحسب تقارير، لا تعتقد أنه لن يكون كذلك أبداً.
وبالنسبة ليون، فإن جدية كيم، والنجاح النسبي لقمة سنغافورة، يمكن التأكد منهما فقط «في حال تقديم تعهدات ملموسة وسريعة، وواضح أن هذا ما سيسعى إليه جانبنا». ويخشى الخبراء من أن تكون مماطلة كوريا الشمالية، بتشجيع من الصين وروسيا اللتين حذرتا من تسريع العملية، لا يمكن لإدارة ترمب التساهل معها.
وقال أوم للصحافيين: «واضح أن كوريا الشمالية تسعى لعملية على مراحل، والصين وروسيا أيضاً موافقتان»، وأضاف: «لكن الولايات المتحدة تريد في المقابل عملية متسارعة، تضع الكثير من عمليات نزع السلاح النووي في المقدمة، ثم تكون كوريا الجنوبية في الوسط».
وقال يون وآوم إن التنازلات المرحلية من كلا الجانبين يمكن أن تطلق العملية في غضون سنة، لكنها إذا انهارت، يكون كيم على الأرجح سعيداً بالحد من الخسائر، والتمتع بانتصار تقني. وقال توكاس لوكالة الصحافة الفرنسية: «إن القمة ذاتها هي قبل أي شيء تنازل هائل من ترمب. إنها تعطي كيم شرعية كبيرة على المستوى الدولي والداخلي، حتى إذا فشلت في نهاية الأمر».



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.