تشكيلات أسطوانية ومشتقات بترول وحبيبات رمل سعودية في {فينيسيا للعمارة}

البينالي يشهد تصوراً للتمدد العمراني والفضاءات الشاغرة في المملكة

خرائط لمدن المملكة توضح النمو العمراني وتأثيره على البشر داخل الجناح السعودي المشارك في «بينالي فينيسيا» للعمارة (أ.ب)
خرائط لمدن المملكة توضح النمو العمراني وتأثيره على البشر داخل الجناح السعودي المشارك في «بينالي فينيسيا» للعمارة (أ.ب)
TT

تشكيلات أسطوانية ومشتقات بترول وحبيبات رمل سعودية في {فينيسيا للعمارة}

خرائط لمدن المملكة توضح النمو العمراني وتأثيره على البشر داخل الجناح السعودي المشارك في «بينالي فينيسيا» للعمارة (أ.ب)
خرائط لمدن المملكة توضح النمو العمراني وتأثيره على البشر داخل الجناح السعودي المشارك في «بينالي فينيسيا» للعمارة (أ.ب)

في «بينالي البندقية للعمارة» صخب وحركة دائبة وأعمال لمئات المشاركين من أنحاء العالم تنتشر بين قاعات العرض الرئيسية في مباني البينالي الرئيسية من «الجارديني» المحاطة بسياج من شجيرات الياسمين، أو في آرسناله، وهو حوض بناء السفن القديم، وهناك يقيم عدد من الدول العربية المشاركة معارضهم... فهنا نجد مشاركات من لبنان والبحرين والإمارات، والقادم الجديد لمعرض هذه الدورة: السعودية.
جناح المملكة العربية السعودية يستقبل الزائر بلوحة سوداء تغطي المدخل تحمل عنوان «فضاءات بينية»، وندلف بعد ذلك لقاعة العرض لنتعرف على ما يقدمه الفريق المشارك من المملكة؛ وهما المهندسان تركي وعبد الرحمن قزاز، مؤسسا استوديو «بريك لاب»، والمنسقتان جواهر السديري الباحثة المعمارية ومديرة مركز للأبحاث، والدكتورة سمية السليمان عميدة كلية التصاميم بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل.
أمامنا أسطوانات ضخمة شبه شفافة بها تكوينات قد تكون خرائط أو مجرد حبيبات رمل اندمجت مع مادة الراتنج التي استخدمت لتكوين تلك الأسطوانات. التكوين جاذب وجمالي لحد بعيد، ولكن هناك رسالة محددة خلف تلك الأسطوانات وفي داخلها.
تأخذنا الدكتورة سمية السليمان في جولة على العرض، وتشير إلى أن العمل ينقسم إلى 3 أقسام: الأول بمثابة المقدمة المكونة من الأسطوانات التي تحجب ما خلفها وتثير الفضول. تقول السليمان: «الجناح يحمل اسم (فضاءات بينية)، وهو ترجمتنا لموضوع البينالي هذه الدورة، وهو (المساحات الشاغرة). فكرنا في أن نترجم فكرة المساحات الشاغرة لتعني نمو المدن العمراني وتأثيره على البشر. أردنا أن نفسر وأن نعيد تعريف السمات المعمارية التي تشكل التجارب الاجتماعية في مدننا».
تشير السليمان إلى أن التشكيلات الأسطوانية والمصنوعة من خليط من الراتنج والرمل، هي تشكيلات طيعة ومرنة وأيضا معبرة عن البيئة السعودية، فالراتنج من مشتقات البترول بوصفه عنصرا من العناصر التي حثت على الامتداد والتحضر العمراني السريع الذي شكل المدن والعمارة في المملكة.
وإلى جانب المعنى داخل الأسطوانات الضخمة، هناك أيضا طبقات أخرى من المعاني والرموز خلف ذلك التشكيل، فكما تشير السليمان؛ فالأسطوانات أيضا ترمز للحلقات الاجتماعية التي يعيش داخلها سكان المدن... «هي نوع من الرمز للدوائر الاجتماعية التي نتحرك فيها، بعضها يندمج معاً وبعضها الآخر منفصل». التجول داخل الأسطوانات يشبه المشي داخل متاهة؛ جدران عالية تحجب ما وراءها، ولكن بعضها يفضي للآخر بشكل مدهش.
داخل الأسطوانة الأولى خرائط متحركة مرسومة بالضوء لأربع مدن سعودية هي: الرياض وجدة ومكة المكرمة والدمام. نتابع التطور العمراني والتمدد في كل منها على مر السنوات، «أمامنا قصة التمدد العمراني على مدى 5 عقود في 5 مدن، وجدنا أن التمدد العمراني يصاحبه تكوين فراغات ومساحات شاغرة تؤدي للعزلة» تستطرد السليمان قائلة: «أردنا أن نوضح كيف وصلنا للمرحلة الحالية في مدننا، وبالنظر للخرائط المتحركة أمامنا نلاحظ أن الطرق تحمل أهمية ضخمة، فهي التي تربط أجزاء المدن وتكون العلاقات بينها».
المساحة التالية تأخذنا داخل أسطوانة صغيرة أمامنا وشريط فيديو لشخص يقود سيارة، نتخيل أننا داخل تلك السيارة، فالمساحة كما تشير السليمان تعادل المساحة داخل أي سيارة، نحتل في السيارة مقعد الراكب، نلاحظ أيضا أن الأرضية مصنوعة من الأسفلت لترمز للطرق. السيارة هنا هي أكثر من مجرد وسيلة تنقل، فالمدن السعودية تعتمد عليها بشكل ضخم، هي وسيلة نقل وربط بين الأحياء والمدن وهي أيضا في داخلها مساحة اجتماعية فالركاب يعيشون ساعات طويلة فيها، مما يجعلها بمثابة مجلس متحرك. تقول السليمان: «هذه المساحة من العرض تحمل سمة شخصية، فتركيب مدننا يعني أن نعتمد على السيارة في تنقلاتنا، فطرق الاستهلاك والحياة كلها ترتبط بمقعد السيارة. هذه هي الطريقة التي نرى بها مدننا ونعيشها».
ومن مقعد السيارة ننتقل للمساحة التالية التي تقدم لقطات متحركة مأخوذة من تطبيق التواصل الاجتماعي «سناب شات»، وهو من أكثر تلك المواقع استخداما في السعودية وإحدى خصائصه الخرائط الجغرافية... تشرح السليمان الفكرة أكثر: «عندما حللنا المشاركات المختلفة من المشتركين السعوديين على التطبيق لاحظنا كثيرا من المعلومات الجغرافية والخرائط، منها نستطيع معرفة أين يذهب المشاركون والدلالات الاجتماعية لذلك».
المساحة التالية تعد الأكبر حجما والأكثر انعتاقا من الحواجز الأسطوانية، في مساحة دائرية يتوسطها ما تشبه السجادة الشرقية تتوزع حولها المقاعد الحجرية المنخفضة، نجد أنفسنا أمام فكرة المجلس. السجادة كما تشير السليمان مطبوعة بطريقة الديجيتال ومغطاة بطبقة من الراتنج وبها ذرات متجمعة من الرمال. هي مساحة تحمل ثنائية في وظيفتها، فهي تجمع الأصدقاء والعوائل، وأيضا تحجب العالم الخارجي.
من جانبه، قال المدير التنفيذي لـ«معهد مسك للفنون» أحمد ماطر إن وجود السعودية للمرة الأولى في «(بينالي البندقية للعمارة 2018) يعد ثمرة تعاون بين المعهد والمؤسسات الثقافية الدولية»، وأضاف: «هذا التعاون الذي توصل إليه المعهد مؤخراً، رغم حداثة نشأته، مع مؤسسة عالمية مثل (بينالي البندقية) وعمرها الممتد لأكثر من 120 عاماً، هو تعاون مهم ودليل على أهمية الدور الذي تلعبه المملكة في المشهد الثقافي العالمي، ويتجلى ذلك عبر نوعية الأعمال المشاركة للفنانين السعوديين، سواء القيّمون على الجناح أو المهندسون المشاركون، وما ينقلونه من إبداعات تُواكب بجديّة الحركة الفنية العالمية المعاصرة في العمارة وغيرها».
وأشار ماطر إلى أن نماذج التصاميم المعمارية المختارة للجناح السعودي تسعى لإظهار الحلول المناسبة لمعالجة تلك المساحات التي أدت في فترة من فترات التطور الحضري إلى توسّع الضواحي السكنية المحيطة بالمدن، وما تبعه من تقدم في المراكز الحضرية السعودية بهجرة الريف وظهور مناطق سكنية كبيرة في جوانب المدن الكبرى، فوجدت أحياء معزولة وغير مترابطة.
يذكر أن «معهد مسك للفنون» يعقد برنامجاً تدريبياً للشباب السعوديين في مجال الفنون البصرية والمعمارية خلال فترة المعرض، على أن يتم ترشيح شبان وشابات من السعودية بشكل دوري للالتحاق بهذا البرنامج، ثم تمثيل الجناح السعودي في هذا الحدث.

خرائط لمدن المملكة توضح النمو العمراني وتأثيره على البشر داخل الجناح السعودي المشارك في «بينالي فينيسيا» للعمارة (أ.ب)



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.