الشغف بالخطوط والحروف نقل «خطاط الحرم» النبوي الشريف من كراتشي إلى المدينة

شفيق الزمان لـ {الشرق الأوسط}: أنصح تلامذتي بالاطلاع على خطوط كبار الخطاطين والتدريب الدائم

الخطاط شفيق الزمان
الخطاط شفيق الزمان
TT

الشغف بالخطوط والحروف نقل «خطاط الحرم» النبوي الشريف من كراتشي إلى المدينة

الخطاط شفيق الزمان
الخطاط شفيق الزمان

بعد مسابقة لاختيار خطاط للعمل في الحرم النبوي الشريف عبر الخطاط الباكستاني شفيق الزمان عتبات المسجد النبوي ليعمل مع غيره من الخطاطين على ترميم الكتابات القرآنية في قباب الحرم الشريف والقيام بمشاريع مختلفة تتضمن كلها مهاراته المكتسبة في فنون الخط العربي.
شفيق الزمان يحمل لقب «خطاط الحرم» عاليا ويعتز باليوم الذي حمله لذلك المكان الشريف بعد رحلة طويلة مع الخط العربي بدأت منذ طفولته. ولد في رولبندي التابعة لإسلام آباد وانتقل بعد ذلك لكراتشي حيث انتظم في مدارسها. في مقابلاته الصحافية يشير شفيق الزمان إلى أن حبه للخط بدأ منذ الصغر، فكان يرسم على الحوائط ويقلد الخطوط في الجرائد والمجلات.
في حديث مع «الشرق الأوسط» تناول شفيق الزمان بداياته ورحلته من باكستان إلى المدينة المنورة حيث يقيم حاليا. قال: «في طفولتي كنت أكتب على حوائط منزلي والبيوت الأخرى في شارعنا، على دفاتر المدرسة وأغلفة الكتب الخاصة بأشقائي. كان لدي شغف بالخط اليدوي الجميل». يعتز بأن موهبته ولدت معه وأنه لم يدرس علم الخط على يد خطاط في البداية، ولكن يؤكد دائما على تأثره بالخطاط التركي حامد الآمدي وخطوطه. يشير إلى أن الأمر في البداية كان نوعا من المتعة الخاصة به، ولكنه قام بصقل تلك الموهبة عبر قراءة الكتب المتخصصة والتدريب على إتقان أنواع الخط: «حاولت معرفة المزيد عن فن الخط وبدأت في تقليد كتابات آخر وأعظم خطاط في العصر العثماني، وهو أستاذ حامد الآمدي الذي أعده أستاذي الروحي رغم أنني لم ألتقه».
وفي أحد الأيام شاهد تاجر سعودي كان في زيارة لكراتشي بعض اللوحات التي نفذها شفيق الزمان وتعاقد معه للعمل في الشركة التي يملكها في الرياض. وبعد ذلك انتقل للمدينة المنورة للعمل في مكان آخر حتى أعلنت شركة دلة في عام 1991 عن مسابقة لاختيار خطاط ومساعده لترميم الكتابات القرآنية في الحرم النبوي التي تعود إلى العصر العثماني، فوقع الاختيار عليه وعلى تلميذه محمد أحمد عبد الواحد. أشار شفيق الزمان إلى بداية عمله في الحرم قائلا: «بدأت العمل في المسجد النبوي منذ 23 سنة، منذ عام 1991 حين أعلنت شركة دلة عن مسابقة لاختيار رئيس للخطاطين. كانوا يبحثون عن فنان يستطيع ترميم الكتابات الموجودة على جدران الحرم وقبابه، وخاصة في الجانب الذي بني في العهد العثماني، والتي بهتت بفعل الزمن، وكانت من عمل الخطاط عبد الله زهدي وهو من أكبر الأسماء في تاريخ فن الخط العربي». صمدت خطوط الخطاط زهدي لفترة وصلت إلى 250 سنة ولكنها بدأت في التأكّل وبهتت بعض أجزائها بفعل الزمن، وهذا ما أدى إلى إقامة مسابقة لاختيار خطاط للحرم ليقوم بإعادة البهاء للكتابات الأثرية.
يقول شفيق الزمان إن عمله لم يقف عند ترميم الكتابات والآيات القرآنية الموجودة فعلا، بل جرى تكليفه بالكتابة في عدد من القباب في الحرم جامعا بذلك بين «إعادة الحياة للكتابات القديمة وتنفيذ لوحات خطية جديدة». كما عهد إليه أيضا بكتابة لوحات جديدة لأسماء عدد من الأبواب، منها باب السلام، باب أبي بكر الصديق، باب الرحمة، باب جبريل، وغيرها.
نتساءل: ما العمل الذي يعده نقطة فاصلة في حياته؟ يقول: «كل الأعمال التي نفذتها تحمل الأهمية نفسها، سواء كانت اللوحات القرآنية التي نفذتها في عدد من القباب أو على الجدران أو أسماء الأبواب. هذا المكان غير عادي بالنسبة لكل مسلم، وكان فخرا لي أن أعمل فيه».
شفيق الزمان أشار في حديث سابق لصحيفة «أوردو نيوز» الشقيقة إلى أن هناك 177 قبة من العهد العثماني في المسجد النبوي وكل قبة بقطر 11 مترا كتبت على حوافها آيات قرآنية باستخدام قلم يبلغ سمك ريشته 18 مليمترا. وأوضح أن هناك فرقا كبيرا بين الطريقة الحديثة لخط آيات القرآن على القباب والطريقة التي كانت متبعة في العهد العثماني، فالطريقة الحديثة للكتابة في كل قبة تعتمد على كتابة الآية بأكملها لتبدأ آية مختلفة في القبة التي تليها، ولكن ذلك لم يكن متبعا في القباب التي نفذت في العهد العثماني، حيث كانت الآيات تنقسم أحيانا بين أكثر من قبة. هو الآن بصدد كتابة الآيات القرآنية في القباب بالرسم العثماني (رسم المصحف) بعدما كانت مكتوبة بالرسم الإملائي.
خط شفيق الزمان الآيات القرآنية على أكثر من 80 في المائة من القباب الـ177 الموجود داخل الحرم (العثماني) ويتوقع أن يستغرق العمل في باقي القباب أربع سنوات أو خمسا، حيث إن العمل في كل قبة قد يستغرق أكثر من ثلاثة أشهر.
نصيحته للشباب الذين يطمحون إلى عالم فنون الخط: «الخط العربي يحتاج لفهم وممارسة للحصول على المهارة اللازمة لإجادته، لذلك أنصح تلامذتي وكل محبي الخط العربي بالاطلاع على خطوط كبار الخطاطين والتدريب والممارسة الدائمة حتى يجري إتقانه على الوجه الأكمل». ويفرق بين الخط والرسم بأنهما شيئان مختلفان «ليس بالضرورة أن يكون الفنان الجيد خطاطا جيدا، ولا أن يكون الخطاط فنانا جيدا». لا يرى أن الخط بوصفه فنًّا يحظى بالمكانة التي يستحقها، يعلق: «للأسف الشديد لا يحظى بالترحيب المطلوب، خصوصا بالنسبة للجيل الحالي، كما كان يلقى من الأجيال السابقة. أتمنى أن يجد الخطاطون الاهتمام الملائم والتشجيع ليبدعوا أكثر في عملهم حتى لا ينتهي فن الخط العربي».
الخط اليدوي والمهارة والدقة اللازمة لتنفيذه وجدت نفسها أمام تحدٍّ قوي من التقنية الحديثة، نسأله إن كان فن الخط العربي تأثر بالتقنية الحديثة وإذا كان من الممكن الاستفادة من تلك التقنيات لتطوير عمل الخطاط! يعلق: «هناك أثر واضح لتقنية الكومبيوتر سلبا وإيجابا، فمنذ ظهور الكومبيوتر قل الطلب على الخطاط الأصيل وزاد الاعتماد على خط الكومبيوتر الذي لا روح له. الأثر الإيجابي يكمن في سهولة وسرعة الإنجاز وإمكانية ممارسة المهنة حتى لغير المتخصصين. يمكن أيضا الاستفادة من التقنيات الحديثة في تنفيذ الأعمال بصور مختلفة ورؤيتها قبل التنفيذ لعمل التعديلات والتغييرات اللازمة».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.