تراجع مشروعات الإسكان في الولايات المتحدة الشهر الماضي

نتيجة للانخفاض الحاد في عدد مشاريع المنازل متعددة الوحدات

تراجع نمو الاقتصاد الأميركي في الربع الأول من العام متأثراً بتباطؤ إنفاق الشركات على المعدات وبناء المساكن («الشرق الأوسط»)
تراجع نمو الاقتصاد الأميركي في الربع الأول من العام متأثراً بتباطؤ إنفاق الشركات على المعدات وبناء المساكن («الشرق الأوسط»)
TT

تراجع مشروعات الإسكان في الولايات المتحدة الشهر الماضي

تراجع نمو الاقتصاد الأميركي في الربع الأول من العام متأثراً بتباطؤ إنفاق الشركات على المعدات وبناء المساكن («الشرق الأوسط»)
تراجع نمو الاقتصاد الأميركي في الربع الأول من العام متأثراً بتباطؤ إنفاق الشركات على المعدات وبناء المساكن («الشرق الأوسط»)

أظهرت الإحصاءات الحكومية الأخيرة في الولايات المتحدة تراجع عدد مشروعات الإسكان التي بدأ العمل فيها خلال أبريل (نيسان) الماضي، بأكثر من توقعات المحللين. وبحسب التقرير الصادر عن وزارة التجارة الأميركية، فإن مشروعات الإسكان التي بدأ العمل فيها خلال الشهر الماضي، تراجعت بنسبة 3.7 في المائة مقارنة بالشهر السابق عليه، ليرتفع المعدل السنوي إلى 1.287 مليون وحدة خلال أبريل الماضي.
يأتي ذلك بعد ارتفاع بنسبة 3.6 في المائة إلى ما يعادل 1.336 مليون وحدة سنوياً، وفقاً للبيانات المعدلة خلال مارس (آذار) الماضي. كان المحللون الاقتصاديون يتوقعون تراجع عدد المشروعات الجديدة خلال الشهر الماضي إلى ما يعادل 1.310 مليون وحدة سنوية، مقابل 1.319 مليون وحدة، وفقاً للبيانات الأولية في الشهر السابق.
وجاء التراجع الذي تجاوز التوقعات لعدد المشروعات الجديدة نتيجة التراجع الحاد في عدد مشروعات المنازل متعددة الوحدات، التي تراجعت بنسبة 11.3 في المائة إلى ما يعادل 393 ألف وحدة سنوياً، بعد ارتفاع بنسبة 13.6 في المائة إلى ما يعادل 443 ألف وحدة خلال مارس الماضي.
وارتفع عدد مشروعات المنازل ذات الأسرة الواحدة بنسبة 0.1 في المائة إلى ما يعادل 894 ألف وحدة سنوياً، بعد تراجعها بنسبة 0.8 في المائة، إلى ما يعادل 893 ألف وحدة سنوياً في مارس الماضي.
كما ذكرت وزارة التجارة الأميركية أن عدد تراخيص البناء تراجع خلال الشهر الماضي بنسبة 1.8 في المائة إلى ما يعادل 1.352 مليون وحدة بعد ارتفاع بنسبة 4.1 في المائة إلى ما يعادل 1.377 مليون وحدة سنوياً في الشهر السابق، وفقاً للبيانات المعدلة. ويشير عدد تراخيص البناء إلى الطلب المستقبلي على قطاع المساكن.
وكان المحللون يتوقعون تراجع تراخيص البناء إلى ما يعادل 1.350 مليون وحدة مقابل 1.354 مليون وحدة في الشهر السابق، وفقاً للبيانات الأولية. وتراجع عدد تراخيص بناء المشروعات متعددة الوحدات السكنية بنسبة 6.3 في المائة إلى ما يعادل 493 ألف وحدة سنوياً خلال أبريل الماضي، بعد ارتفاعها بنسبة 20.4 في المائة إلى ما يعادل 526 ألف وحدة سنوياً خلال مارس الماضي.
في المقابل، ارتفع عدد تراخيص بناء المشروعات ذات الوحدة الواحدة بنسبة 0.9 في المائة إلى ما يعادل 859 ألف وحدة سنوياً خلال أبريل الماضي، بعد تراجعها بنسبة 4 في المائة إلى ما يعادل 851 ألف وحدة سنوياً خلال مارس الماضي.
في الوقت نفسه، ارتفع عدد مشروعات الإسكان الجديدة خلال أبريل الماضي بنسبة 10.5 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وارتفع عدد تراخيص البناء بنسبة 7.7 في المائة خلال الفترة نفسها.
وكانت بيانات صدرت أخيراً أظهرت ارتفاع المبيعات المؤجلة للمساكن في الولايات المتحدة خلال مارس الماضي، وذكر الاتحاد الوطني للمطورين العقاريين أن مؤشر المبيعات المؤجلة للمساكن ارتفع خلال الشهر الماضي بنسبة 0.4 في المائة إلى 107.6 نقطة، مقابل 107.2 نقطة في فبراير (شباط) الماضي وفقاً للبيانات المعدلة، وكان المحللون يتوقعون ارتفاع المؤشر خلال الشهر الماضي بنسبة 0.9 في المائة فقط.
يذكر أن المقصود بالمبيعات المؤجلة، هي المبيعات التي يتم فيها توقيع عقد ابتدائي بين الطرفين دون إتمام الصفقة، والتي تتم عادة خلال فترة من 4 إلى 6 أسابيع من توقيع العقد.
ورغم الارتفاع الشهري لمؤشر المبيعات، خلال مارس الماضي، فإنه جاء أقل من مستواه في الشهر نفسه من العام الماضي بنسبة 3 في المائة.
وقال لورانس يون كبير المحللين الاقتصاديين في الاتحاد الوطني للمطورين العقاريين، إن «الأحوال الاقتصادية الجيدة تخلق طلباً قوياً على شراء المنازل، لكن كل المشترين لا يستطيعون توقيع العقود بسبب عدم توافر الخيارات في المعروض».
وأضاف أن «النمو المطرد للأسعار والتراجع المستمر للمعروض في السوق دليل على الحاجة إلى زيادة المعروض لتلبية الطلب بالكامل، والذي يؤدي إلى استمرار تراجع المبيعات هو أن المشترين المحتملين يشعرون بصعوبة متزايدة في العثور على منزل بسعر محتمل».
وقد زادت المبيعات الآجلة مع ارتفاعها في الغرب الأوسط الأميركي بنسبة 2.4 في المائة، وفي الجنوب بنسبة 2.5 في المائة خلال الشهر الماضي. في المقابل تراجعت المبيعات الآجلة للمساكن في الشمال الشرقي بنسبة 5.6 في المائة خلال الشهر الماضي.
ويتوقع يون وصول مبيعات المساكن القائمة خلال العام الحالي إلى نحو 5.61 مليون وحدة، بزيادة نسبتها 1.8 في المائة عن 2017، في الوقت نفسه، من المتوقع ارتفاع متوسط أسعار المساكن القائمة خلال العام الحالي بنسبة 4.4 في المائة بعد ارتفاعه بنسبة 5.8 في المائة خلال العام الماضي، وهو العام الذي زادت فيه مبيعات المساكن القائمة بنسبة 1.1 في المائة.
وتباطأ نمو الاقتصاد الأميركي في الربع الأول من العام، في الوقت الذي زاد فيه إنفاق المستهلكين بأبطأ وتيرة في نحو 5 سنوات، لكن من المرجح أن يكون التراجع مؤقتاً على خلفية تحسن سوق العمل وتحفيز مالي كبير.
وقالت وزارة التجارة الأميركية الأخيرة في تقديراتها الأولية لنمو الاقتصاد في الربع الأول، إن الناتج المحلي الإجمالي زاد بوتيرة سنوية بلغت 2.3 في المائة، متأثراً أيضاً بتباطؤ في إنفاق الشركات على المعدات والاستثمار في بناء المساكن.
ونما الاقتصاد بمعدل 2.9 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي. لكن وتيرة النمو في الربع الأول ليست على الأرجح انعكاساً حقيقياً لمتانة الاقتصاد، على الرغم من ضعف إنفاق المستهلكين. وعادة ما يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول بسبب عوامل موسمية.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».