«التحفيز» و«التنوع» ضمن أدوات وزارة الإسكان لزيادة نسبة تملك الأفراد

TT

«التحفيز» و«التنوع» ضمن أدوات وزارة الإسكان لزيادة نسبة تملك الأفراد

أكد مختصون في الشأن الاقتصادي والعقاري السعودي أن مبادرات وحلول وزارة الإسكان، التي أعلنت عنها أخيراً، تتلمس احتياجات أفراد المجتمع السعودي، وتعمل على إنعاش قطاع العقار بعد فترة من الجمود والترقب، مشيرين إلى أن هذا المشهد سينعكس في نهاية المطاف، على إيجاد حلول أكثر جدوى لمشكلة السكن في البلاد.
وشدد المختصون على أهمية أن يتعرف المواطن الباحث عن سكن، على الخدمات التي توفرها هذه المبادرات، وعلى الحلول الجديدة التي تطرحها، ومن ثم يعمل على استثمارها في صالحه، من أجل الحصول على أحد منتجات الدعم السكني.
وقال العقاري خالد المبيض إن مبادرات الوزارة جاءت مواكبة لاحتياجات الأفراد الراغبين في الحصول على منتجات سكنية مخفضة. وقال: «كل حل أو مبادرة تطرحها الوزارة، تستند إلى دراسة ميدانية، مشفوعة بتوصيات، تؤكد حاجة أفراد المجتمع السعودي إلى خدمات هذه المبادرة، مثال ذلك، مبادرة القرض المدعوم، التي تتحمل الدولة فيها دفع أرباح القرض، لمن يصل راتبه حتى 14 ألف ريال (3733 دولار)، فمثل هذا القرض أفاد كثيرين في الحصول على الدعم المطلوب، لشراء منتج سكني».
وتابع المبيض: «سعت الوزارة لإيجاد حلول عملية لزيادة نسبة التملك لدى شرائح المجتمع كافة، وفق متطلبات (رؤية المملكة 2030) و(برنامج التحول الوطني 2020)، وضمن جهودها في هذا الإطار، أخذت الوزارة على عاتقها مسؤولية حل أزمة التملك في صفوف محدودي الدخل، الذين يصعب عليهم تحمل أقساط شهرية مرتفعة، فنجحت في عمل منتجات تمويلية منخفضة الأقساط الشهرية، بما يناسب ظروف تلك الشريحة، عبر تخفيض نسبة المرابحة، وزيادة سنوات التمويل، وهو ما يجسد إحدى أهم المبادرات والحلول التي كشفت عنها وزارة الإسكان في الفترة الماضية».
ويرى المبيض أن وزارة الإسكان تتبع أسلوبا يعتمد التحفيز والتشجيع، لإيجاد مبادرات وحلول تصب في صالح حل أزمة السكن، وقال: «مثال ذلك، دعوة وزير الإسكان نفسه للمطورين العقاريين لتطوير وحدات سكنية بجودة عالية وتكلفة منخفضة، ويطالب الوزير في كل لقاء مع المطورين العقاريين، بالبحث عن حلول جديدة للبناء ذي الجودة العالية والتكلفة المنخفضة فضلا عن السرعة في التنفيذ، وأبلغهم أن هذا يقع في مقدمة أولويات ولاة الأمر، وأعتقد أن المجتمع السعودي، بدأ يحصد ثمار هذه المبادرات، بإيجاد منتجات عقارية منخفضة».
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي علي الجعفري إن مبادرات الإسكان أسهمت حتى هذه اللحظة في زيادة المعروض من المنتجات السكنية، فضلا عن زيادة نسبة التملك. وقال: «إذا نظرنا على سبيل المثال إلى مبادرة البناء الذاتي، نرى أنها جاءت في وقت يطالب فيه آلاف المواطنين بتأمين فرصة أن يتولوا بأنفسهم بناء منازلهم، والإشراف عليها»، مبينا أن «هذه المبادرة في حد ذاتها، حفزت المواطنين على التقدم إلى هذه المبادرة، والاستفادة منها».
وأضاف الجعفري: «من خلال ارتباطي بالقطاع العقاري، أستطيع التأكيد على أن وزارة الإسكان لديها العشرات من الحلول والمبادرات المهمة التي ستعزز السوق العقارية وتنعشها، ولكن أرى أن هذه المبادرات تحتاج إلى برامج تعريف وتسويق أكثر جدوى من ذي قبل، حتى تصل إلى جميع المواطنين في المملكة»، مشيراً إلى أن «البعض لا يعرف شيئاً عن هذه المبادرات، ولا يعي تفاصيلها وما تقدمه من خدمات، وبالتالي، هو لن يستفيد منها، لذا أدعو الوزارة إلى تكثيف برامجها وآلتها الإعلامية، لشرح مبادراتها للجميع بأسلوب سهل وممتع».



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».