البرازيل: الجيش إلى الشوارع رداً على إضراب سائقي الشاحنات

الرئيس تامر يجيز استخدام القوة العسكرية بعد إصابة أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية بالشلل التام

اتحاد سائقي الشاحنات يمثل 600 ألف سائق دعا إلى عدم إغلاق الطرق... لكنه شجع السائقين على استمرار الاحتجاج وعدم توصيل السلع (أ.ف.ب)
اتحاد سائقي الشاحنات يمثل 600 ألف سائق دعا إلى عدم إغلاق الطرق... لكنه شجع السائقين على استمرار الاحتجاج وعدم توصيل السلع (أ.ف.ب)
TT

البرازيل: الجيش إلى الشوارع رداً على إضراب سائقي الشاحنات

اتحاد سائقي الشاحنات يمثل 600 ألف سائق دعا إلى عدم إغلاق الطرق... لكنه شجع السائقين على استمرار الاحتجاج وعدم توصيل السلع (أ.ف.ب)
اتحاد سائقي الشاحنات يمثل 600 ألف سائق دعا إلى عدم إغلاق الطرق... لكنه شجع السائقين على استمرار الاحتجاج وعدم توصيل السلع (أ.ف.ب)

دخل إضراب سائقي الشاحنات في البرازيل، أمس (السبت)، يومه السادس احتجاجاً على ارتفاع أسعار الديزل، وأدى إلى أزمة تموين في البلاد وشلل في كافة قطاعات عمل الاقتصاد البرازيلي، الذي يعتبر الأول في أميركا اللاتينية، ونقص في المحروقات والمواد الغذائية،. وأعلنت ساو باولو، أكبر مدن ومركز اقتصادي في أميركا الجنوبية، حالة الطوارئ مثلما فعلت ريو دي جانيرو. ودفعت بلدية مدينة ساو باولو إلى إعلان حالة الطوارئ لمصادرة المحروقات التي تحتاج إليها لتسيير منشآتها الأساسية. كما توقفت مصانع سيارات عن العمل، وألغت بعض المطارات عدداً من الرحلات. ووفقاً لجمعية مصنعي السيارات، فإن خطوط تجميع السيارات توقفت في المصانع وأن إضراب سائقي الشاحنات «سيؤثر بصورة عميقة على نتائجها الاقتصادية، بما في ذلك على حركة التصدير».
أعلن وزير الدفاع البرازيلي، أن الجيش عازم على فتح الطرق وإزالة العوائق منها «بشكل سريع وقوي». وقال الوزير جواكان سيلفا أي لونا، إن الجيش «سيتحرك بشكل سريع ومنسق وقوي لفتح حركة المرور في المناطق الحساسة»، حيث توجد المطارات والمصافي. وجاء كلام الوزير بعد ساعات على كلمة متلفزة للرئيس ميشال تامر الذي أعلن «تعبئة كل القوى الأمنية» لفتح الطرقات في البلاد. الإضراب وضع السائقين في مواجهة مع الرئيس تامر، الذي أجاز استخدام القوة العسكرية لفتح الطرق الرئيسية. وقال تامر «لقد تحلت الحكومة بالشجاعة الكافية للتحاور، وستملك الشجاعة الكافية لفرض سلطتها».
وتسببت الاحتجاجات في إلغاء رحلات جوية عدة يوم الجمعة في العاصمة برازيليا بسبب نفاد الوقود من المطار، وفقاً لصحيفة «أو جلوبو». وعرضت قناة «غلوبونيوز» صوراً لمتاجر التوزيع بالجملة فارغة، في حين خلت رفوف المتاجر الكبرى من المنتجات الطازجة. وفي ريو دي جانيرو، نفد الوقود ومخزون السلع من المتاجر.
وبدأ السائقون الاحتجاج منذ يوم الاثنين الماضي على رفع أسعار الوقود بنسبة 9 في المائة الشهر الحالي. وأعلنت الحكومة مساء الخميس عن اتفاقية مؤقتة، تقوم بموجبها شركة النفط الحكومية «بتروبراس» بتخفيض سعر الديزل بنسبة 10 في المائة لمدة شهر. ومع ذلك، استأنف سائقو الشاحنات احتجاجهم الجمعة لأنهم لم يتلقوا بعد تعليمات من مفاوضيهم بإنهاء الاحتجاجات. ونفد الوقود من محطات البنزين والمطارات في شتى أنحاء البرازيل، كما خلت المتاجر العملاقة من السلع، وقالت المستشفيات إن التموين لديها نفد.
وكان مفاوضون يمثلون الكثير من جماعات سائقي الشاحنات قد وافقوا في ساعة متأخرة من مساء الخميس على تعليق الإغلاق لمدة 15 يوماً بعد أن تعهدت الحكومة بدعم أسعار الديزل واستقرارها؛ وهو ما يعني تكلفة البلاد خمسة مليارات ريال (1.4 مليار دولار) هذا العام. وتقلصت أو توقفت وسائل النقل العام وعمليات جمع القمامة عبر البلاد كما ألغت مدارس كثيرة الدراسة بعد عجز المدرسين عن الوصول إلى العمل.
وقالت مجموعة «إيه بي بي إيه» البرازيلية للحوم، إن نقص إمدادات العلف قد تؤدي إلى نفوق مليار طائر و20 مليون رأس من الأغنام والأبقار. وقال تامر في كلمة عبر التلفزيون، كما نقلت عنه «رويترز»، إن «من يغلقون الطرق السريعة ويتصرفون بشكل متطرف يلحقون الضرر بالشعب. لن نسمح بأن تواجه المستشفيات نفاد الإمدادات اللازمة لإنقاذ الأرواح. لن نسمح بتضرر الأطفال نتيجة إغلاق المدارس». وفي رد على التهديد باستخدام إجراء عسكري دعا اتحاد سائقي الشاحنات في البرازيل (أبكام)، الذي يقول إنه يمثل 600 ألف سائق، السائقين إلى عدم إغلاق الطرق. لكنه شجع السائقين على استمرار الاحتجاج وعدم توصيل السلع؛ مما يعني أن المرجح أن يبقى الوضع حرجاً.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.