شهدت الأرجنتين، أول من أمس، مظاهرات واسعة، مع سعي البلاد للتفاوض على قرض من صندوق النقد الدولي، وجددت هذه الخطوة المخاوف من تكرار تجربة البلاد المؤلمة مع المؤسسة الدولية في مطلع هذا القرن. وشاركت أحزاب معارضة ونقابات ومنظمات لحقوق للإنسان وفنانون في المسيرة التي جرت قرب المسلة الرمزية في بوينس آيرس، تحت شعار «البلاد في خطر».
وهذا أكبر احتجاج ضمن سلسلة من عدة احتجاجات نُظمت منذ إعلان الرئيس ماوريسيو ماكري، في الثامن من مايو (أيار)، أنه بدأ محادثات تمويل مع صندوق النقد الدولي بعد تقلبات شهدتها الأسواق لأسابيع. ومن المتوقع أن يعزز قرض الصندوق من قدرة الحكومة على تطبيق السياسات التقشفية، في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من الضغوط التضخمية التي زادت من تكاليف المعيشة، حيث بلغ التضخم السنوي للبلاد في أبريل (نيسان) الماضي 25.5 في المائة.
وفي هذا السياق، رفعت مظاهرات أول من أمس شعارات مناهضة لسياسة الحكومة في رفع أسعار الخدمات العامة، وفرض سقف على زيادات الأجور التي تستطيع اللجان العمالية أن تتفاوض بشأنها مع أصحاب العمل، وفقاً لتقرير لموقع «تيليسور».
وتقول وكالة «رويترز» إن عودة الصندوق تثير قلق المواطنين من تكرار تجربة الانهيار الاقتصادي التي شهدتها البلاد في 2000 - 2001، حيث يلقى باللوم على الصندوق في مفاقمة الديون الخارجية للبلاد آنذاك، ووصول الديون لمستوى قياسي عند 100 مليار دولار، بجانب السياسات التقشفية للصندوق التي أوقعت الملايين في براثن الفقر.
وتبدو الأرجنتين في الوقت الراهن في وضع يتطلب تدخلات إصلاحية عاجلة للحيلولة دون تفاقم الوضع الاقتصادي، خصوصاً مع ما تواجهه العملة المحلية من تدهور في قيمتها أمام الدولار؛ انخفضت بنحو 20 في المائة بين بداية يناير (كانون الثاني) ومايو، ما تطلب تدخل البنك المركزي برفع الفائدة في بداية الشهر الحالي من 33.25 في المائة إلى 40 في المائة. وإزاء العجز المالي في البلاد، تتبنى حكومة ماكري سياسات تقشفية تثير غضب الرأي العام، كما منح ماكري وزير الخزانة حق فيتو على وزارت مثل المالية والعمل والطاقة والنقل لضمان تنفيذ سياسات للإنفاق العام تحد من تفاقم العجز.
وفي حوار مع «ورلد بولتكس ريفيو»، أرجع الخبير برونو بينيتي، الزميل بمركز «إنتر أميركان ديالوج»، الضغوط الأخيرة على اقتصاد الأرجنتين إلى اتجاه الولايات المتحدة لرفع الفائدة، الذي أثر سلباً على عملات الأسواق الناشئة.
وقال الخبير إن العملة الأرجنتينية كانت أكثر قابلية للتأثر لأنها كانت مقومة بأعلى من قيمتها، بجانب احتياج البلاد للاقتراض الخارجي لتغطية العجز المالي، والعجز الحالي في الميزان الجاري، الناتج عن ضعف الصادرات وارتفاع الواردات وصافي التدفق للخارج لرؤوس الأموال.
وعلق الخبير بأن «عصر الأموال السهلة انتهى»، في إشارة لارتفاع تكاليف الاقتراض من الأسواق الدولية، الأمر الذي يلزم الحكومة بتطبيق إصلاحات محلية للسيطرة على الوضع المالي.
ورأى أن الحكومة والصندوق تريدان الحد من الأثر الاجتماعي لسياسات التقشف، ولكن هذا لن يكون أمراً يسيراً. فمن المرجح أن تستمر الحكومة في تخفيض الدعم على المياه والكهرباء والغاز والنقل، على الرغم من انتقادات المعارضة، وبعض مشروعات البنية الأساسية من المرجح أن تتأجل أو أن يتم إلغاؤها.
الأرجنتينيون يقاومون عودة بلادهم لسياسات صندوق النقد التقشفية
الأرجنتينيون يقاومون عودة بلادهم لسياسات صندوق النقد التقشفية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة