عندما يحصل أكل الشارع على نجمة ميشلان تدرك أن مفهوم الطعام تغيَّر

طلبات غير مسبوقة على تأجير البسطات في لندن والتركيز على النوعية والمصدر

عندما يحصل أكل الشارع على نجمة ميشلان  تدرك أن مفهوم الطعام تغيَّر
TT

عندما يحصل أكل الشارع على نجمة ميشلان تدرك أن مفهوم الطعام تغيَّر

عندما يحصل أكل الشارع على نجمة ميشلان  تدرك أن مفهوم الطعام تغيَّر

كم اختلف مفهوم الطعام في غضون السنوات العشر الماضية، ففي السابق كان يُنظر إلى طعام الشارع أو الـStreet Food على أنه لقمة الفقراء وغير القادرين على الحصول على نعمة الأكل في المطاعم، لأسباب عديدة على رأسها التكلفة المنخفضة لأسعار الأطباق، والسبب الثاني هو وجود تلك الشوارع في مناطق شعبية. إلا أن اليوم تغير المفهوم، والدليل هو حصول إحدى البسطات في بانكوك على نجمة ميشلان لتقديم أفضل وألذ نوع من عجة السلطعون، وهذا النجاح كان وقعه كالسيف على صاحبة الكشك ابنة الـ72 عاماً التي تمنت أن يستعيد دليل ميشلان النجمة، لأن مجهودها زاد ولم تعد تستطيع تلبية طلبات الزبائن في واحدة من أكثر أسواق الطعام زحاماً في بانكوك بعدما أصبح كشكها من معالم بانكوك التي يقصدها السياح خصيصاً لتذوق الطبق الفائز بنجمة التميز.
وما حصل في بانكوك هو دليل على تغير مفهوم الأكل في الشوارع الذي أصبح يصنَّف من ضمن أهم مقاصف الأكل واليوم ينافس أهم المطاعم.
الطلب يزداد على استئجار المساحات الخاصة ببيع الطعام على العربات وفي الأكشاك في الأسواق المفتوحة لأن رسوم الإيجار تبقى أرخص بكثير من إيجارات المطاعم، ولو أن الأسعار ارتفعت في الآونة الأخيرة في أسواق لندن على سبيل المثال، وحسب الأرقام التي نشرتها إحدى البلديات في لندن فإن كلفة بدء مشروع لبيع الطعام في الشارع يبدأ من 2000 جنيه إسترليني (نحو 3000 دولار أميركي) ولا يزيد هذا المبلغ على 5 آلاف جنيه إسترليني كأقصى حد، ومن الممكن أن يحقق صاحب عربة الطعام نحو 40 ألف جنيه إسترليني في العام الواحد وقد يصل الربح إلى ربع مليون جنيه.
وإذا كانت فكرة بيع الطعام رائجة وناجحة ويملك صاحب المشروع أكثر من عربة طعام في أكثر من سوق فقد يصل الربح إلى ما يتعدى المليون جنيه في العام الواحد.
نعم هذه الأرقام حقيقية، وهذا ما يشجع العديد من الطهاة على التوجه إلى الأسواق الشعبية في أوروبا بدلاً من المطاعم، لتحقيق أعلى نسبة بيع ممكنة بأقل تكلفة ممكنة، وفي نفس الوقت يتمكنون من تحقيق الشهرة وإيصال مأكولاتهم المميزة إلى شريحة كبرى من الذواقة.
أصحاب هذه المشاريع يواكبون موضة العصر في الطعام، وفي لندن ومع ارتفاع نسبة التحذير من الإكثار من استخدام البلاستيك تنبه الكثير من التجار إلى هذه المسألة وركبوا موجة المحافظة على البيئة واستطاعوا تفادي استخدام البلاستيك لمرة واحدة بأدوات يمكن غسلها واستخدامها أكثر من مرة.
والصفة الإضافية لرواج أكل الشارع، هو تركيز أصحابها على النوعية، فلم تعد المأكولات التي تُباع في الشارع مصبوغة بسمة الأكل غير الصحي وغير النظيف، لا بل أصبحت نوعيته أفضل ويرتكز أصحابه على مزارع خاصة يجلبون منها الخضار واللحوم والأسماك وهذا ما يجعل هذا النوع من الطعام مطلوباً أكثر.
ومحبو الطعام يتوجهون إلى الأسواق المفتوحة لسبب آخر، لأن كل سوق تضم أكثر من 20 مطبخاً عالمياً، كما يكون الخيار واسعاً للنباتيين، ففي سوق كامدن بلندن وحدها ثلث البسطات التي يبلغ عددها 72، السدس منها يناسب النباتيين، والفلافل والحمص هما الطبقان الطاغيان على المشهد في هذا السوق.
وفي الأسواق أيضاً يمكنك أن تتذوق المطابخ والأطباق الغريبة التي لا تزال جديدة نسبياً في أوروبا مثل الأطباق البيروفية الشعبية والأطباق الصينية التقليدية وغيرها.
ومن الأطباق المسيطرة على مشهد الطعام في الشوارع:
- من البرتغال: غراولرز Growlers، وهي عبارة عن ساندويتش تقليدي يتقنه البرتغاليون وفيه قطع من الستيك والثوم المطهو مع الزبدة.
- من الصين: يامبلينغز Yumplings، وهو اسم مأخوذ من الدامبلينغز الصينية التي تقدم ضمن أطباق الديم سام التقليدية، ويباع هذا الصنف على عربات الطعام ويقدم مع الصلصة الحارة.
- من أوروبا: ويل هانغ ميت Well Hung Meat، وهو عبارة عن لحم بقري، نوعيته جيدة جدا ويطهى على الفحم البركاني.
- من الشرق الأوسط: الحمص، ويباع في ساندويتشات إلى جانب الخس والطماطم، وتشكّل الفلافل أيضاً نقطة ضعف لدى النباتيين بشكل خاص الذين يبحثون عن هذا النوع من الطعام في جميع الأسواق. وفي لندن تقدم الفلافل في عدة أشكال ويضاف إليها الخضار عوضاً عن الحمص والفول فقط.
- من المتوسط: إينك Ink، وهو عبارة عن كالاماري وحبار أسود مع الثوم والمايونيز.
- من إيطاليا: بيتزا مقرمشة، تباع بالقطعة وهي مصنوعة من زيت الزيتون الذي يؤتى به من بلدة بازيليكا في إيطاليا.


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».