قال المدير الفني السابق لنادي سندرلاند، بوب ستوكو، بكل تواضع عقب فوز فريقه الذي كان يلعب في دوري الدرجة الأولى آنذاك على نادي ليدز يونايتد العريق في المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي عام 1973: «أنا لم أحضر السحر، لكنه كان دائما موجودا هنا. كل ما في الأمر أنني عُدت لأجده». ويعرف الجميع ما قاله ستوكو جيدا، نظرا لأن هذه الكلمات مكتوبة على قاعدة تمثاله خارج «ملعب النور». وتعكس هذه الكلمات مدى الأهمية التي دائما ما كانت تحظى بها كأس الاتحاد الإنجليزي. وعندما توفي ستوكو عام 2004 لم يكن هناك أي شك فيما يتعلق بالطريقة المناسبة لتخليد ذكرى أعظم مدير فني في تاريخ سندرلاند بعد الحرب العالمية الثانية. ورغم حالة الجدل التي أثيرت حول مدى دقة النحات الذي صمم تمثال ستوكو، فقد صمم هذا التمثال للمدير الفني الراحل وهو يقفز من على مقاعد البدلاء فور إطلاق صافرة نهاية المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي ويتوجه نحو حارس مرمى فريقه جيمي مونتغمري.
لكن الأمور تغيرت بعض الشيء الآن.
فعندما فاز المدير الفني الهولندي لويس فان غال بكأس الاتحاد الإنجليزي مع مانشستر يونايتد قبل عامين، لم يكن لديه الوقت الكافي للاحتفال، لأنه سرعان ما ظهرت تقارير تشير إلى أن المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو سوف يحل محله في القيادة الفنية لمانشستر يونايتد.
وكان فان غال ذكيا عندما التقط صورة له مع كأس الاتحاد الإنجليزي والسير أليكس فيرغسون، لأنه بعد بضعة أيام لم تكن لديه الفرصة للقيام بذلك، لأنه أقيل من منصبه بالفعل!
ولم يكن الأمر أفضل حالا مع مانشستر سيتي عام 2013، حيث انتشرت التقارير التي تشير إلى رحيل المدير الفني الإيطالي روبرتو مانشيني عن الفريق في اليوم الذي أقيمت فيه المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي. وربما كان انتشار هذه التقارير هو السبب المباشر في خسارة مانشستر سيتي المفاجئة في المباراة النهائية أمام ويغان، رغم أنه كان من الواضح تماما أن مانشيني كان سيقال من منصبه حتى لو فاز بالكأس. وفي حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا، كان المدير الفني لنادي آرسنال، آرسين فينغر، هو الوحيد الذي استغل الفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي لكسب الوقت والبقاء في منصبه، وحتى عندما قرر فينغر الرحيل عن النادي شعر البعض داخل آرسنال بأن الحديث عن رحيل المدير الفني الفرنسي بسبب خروجه من كأس الاتحاد الإنجليزي هذا الموسم هو مجرد مزحة للتغطية على فشل أكبر.
وقبل 28 عاما، كان الفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي يمثل أول نجاح للسير أليكس فيرغسون في إنجلترا بعد الكثير من الضغوط على مدى ثلاث سنوات بدون الحصول على أي لقب.
وكان الفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي هو ما أقنع مجلس إدارة مانشستر يونايتد بأن فيرغسون هو المدير الفني المناسب لقيادة الفريق. وقال فيرغسون بعد بضع سنوات: «كنت بحاجة للفوز ببطولة من أجل شراء بعض الوقت».
لكن هناك شعور الآن بأنه حتى لو نجح تشيلسي في الفوز بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي يوم السبت على حساب مانشستر يونايتد، فإن ذلك «لن يشتري» مزيدا من الوقت لكونتي في «ستامفورد بريدج». وهناك أيضا حالة من الجدل تتعلق بما إذا كان المدير الفني الإيطالي نفسه يرغب في البقاء مع البلوز خلال الموسم المقبل أم لا. لكن الشيء المؤكد هو أن كونتي يرغب في الفوز بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي وإضافته إلى لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي حصل عليه مع تشيلسي الموسم الماضي في سيرته الذاتية الرائعة بالفعل. وينطبق نفس الأمر على لاعبيه الذين يرغبون في الحصول على كأس الاتحاد الإنجليزي بشدة لتعويض إخفاق الفريق خلال الموسم الحالي.
وفي حال الفوز بهذه البطولة، يمكن لكونتي أن يقول إنه قضى موسمين في إنجلترا حصل خلالهما على بطولتين كبيرتين، وهو الشيء الذي تحلم به معظم أندية الدوري الإنجليزي الممتاز وجماهيرها، على الرغم من الحقيقة المتمثلة في أن الفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي وحدها لم يعد يشكل موسماً ناجحاً لأي نادي من الأندية التي تسعى دائما للمنافسة في بطولة كبرى مثل دوري أبطال أوروبا. وقد جذبت منافسات دوري أبطال أوروبا الأنظار بعيدا عن الدوريات المحلية في نهاية الموسم، وأصبح المدير الفني الألماني لنادي ليفربول، يورغن كلوب، معشوق الجماهير في ليفربول وأصبحنا نرى اللافتات التي تحمل اسمه في مباريات الفريق على ملعب «آنفيلد»، بل ويطالب البعض بصنع تمثال له في حال قيادته للنادي للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا للمرة السادسة في تاريخ النادي العريق عندما يواجه ريال مدريد في نهائي البطولة في العاصمة الأوكرانية كييف الأسبوع المقبل.
وأصبح نهائي دوري أبطال أوروبا هو الذي يحتل المكانة الكبيرة الآن وهو الذي يحدد مصير المديرين الفنيين، وليس كأس الاتحاد الإنجليزي كما كان الأمر في السابق. وأصبح الفوز بدوري أبطال أوروبا يخلد أسماء المديرين الفنيين في ذاكرة النادي وفي التاريخ. ولم يفز ليفربول بالدوري الإنجليزي الممتاز منذ عام 1990، لكن الشيء المؤكد هو أنه لن يشتكي أي شخص من غياب ليفربول عن البطولات المحلية في حال فوزه على ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا. وقد يجد القراء الأصغر سنا صعوبة في فهم ذلك، لكن الفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي في السابق كان له مثل هذا التأثير!
وكان الفوز بالمباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي على ملعب ويمبلي الشهير يفوق أي إنجاز آخر يحققه أي ناد في بطولة الدوري الإنجليزي في نفس العام. لقد فاز آرسنال بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق الأهداف عام 1953، على سبيل المثال، لكن ما عدد من يتذكرون ذلك مقارنة بعدد الأشخاص الذين ما زالوا يتذكرون ما حدث في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي في نفس العام؟ وسيتذكر مشجعو أستون فيلا دائماً عام 1981 على أنه العام الذي شهد آخر فوز لهم ببطولة الدوري الإنجليزي (وفي وقت لاحق كأس أوروبا في الموسم التالي)، على الرغم من أن الصورة التي تتبادر إلى الذهن أولا بالنسبة لمعظم الناس هي هدف ريكي فيلا في مرمى توتنهام في المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي على ملعب ويمبلي.
ولعل الشيء الجيد في الأمر هو أن الأندية التي تتطلع للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا هي الأندية الوحيدة التي تنظر بصورة متدنية لكأس الاتحاد الإنجليزي، لكن الشيء السيئ في الأمر هو أن الفوارق الكبيرة التي حدثت بين الأندية الإنجليزية خلال العقدين الأخيرين قد جعلت المنافسة على لقب كأس الاتحاد الإنجليزي تنحصر بين الأندية الستة الكبرى، التي دائما ما يكون هدفها الأسمى هو الفوز بدوري أبطال أوروبا. وتعد المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي لهذا العام خير مثال على ذلك، ونفس الأمر ينطبق على نهائي الموسم الماضي. ويجب أن نشير إلى أنه خلال الـ18 عاما الأخيرة، حصلت خمسة أندية فقط على البطولة 16 مرة. وكان الاستثناء الوحيد هو حصول بورتسموث وويغان على لقب البطولة في مناسبتين مختلفتين خلال هذه الفترة.
ويمكن القول إن سحر كأس الاتحاد الإنجليزي لا يزال موجوداً، لكن بالنسبة لبعض الأندية، فمن الطبيعي أن ينظر أي ناد في مستوى متوسط إلى الفوز بهذه البطولة على أنه شيء جيد بدلا من الخروج خالي الوفاض من الموسم. وقد كان من الرائع بالنسبة لنادي ويغان أن يحصل على كأس الاتحاد الإنجليزي، لكن هبوط النادي لدوري الدرجة الأولى بعد عدة أيام قلل كثيرا من روعة رؤية بن واتسون وزملائه وهم يحتفلون بلقب الكأس تحت الأمطار عام 2013. ولكي نعرف روعة الفوز بهذا اللقب لبعض الأندية يجب علينا أن نتذكر رد فعل المدير الفني لنادي كريستال بالاس ألان باردو عندما تقدم ناديه في المباراة النهائية للبطولة عام 2016 بينما كان يتبقى على نهاية المباراة 12 دقيقة فقط.
لقد كان هذا الاحتفال سابقا لأوانه في حقيقة الأمر، حيث نجح مانشستر يونايتد في العودة والفوز بالبطولة في نهاية المطاف، لكننا رأينا للحظات قليلة باردو وهو يشعر بسحر الحصول على البطولة ومعانقة المجد. ولو نجح كريستال بالاس في الحصول على هذا اللقب، كان من الممكن أن نرى النادي يصنع تماثلا لباردو الآن. لكن بالنسبة لكونتي، قد لا يكون الفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي كافيا لضمان البقاء في منصبه كمدير فني لتشيلسي.
انتصار كونتي اليوم قد لا يكون كافياً لبقائه في منصبه
مانشيني وفان غال أقيلا من منصبيهما رغم فوزهما بكأس انجلترا... ومدرب تشيلسي الحالي يمكن أن يلحق بهما
انتصار كونتي اليوم قد لا يكون كافياً لبقائه في منصبه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة