ميليشيات الحوثي تفرض خطابها الطائفي في رمضان وتقيد العمل الخيري

TT

ميليشيات الحوثي تفرض خطابها الطائفي في رمضان وتقيد العمل الخيري

في سياق تسخير الميليشيات الحوثية لمنابر المساجد، وتوظيف الخطاب الديني لخدمة أجندتها الطائفية ومشروعها الإيراني في اليمن، أمرت أمس خطباء المساجد في صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرتها بوقف مكبرات الصوت خلال صلاة التراويح والقيام، واعتماد خطب الجمعة التي تعدها، والدعاء بالنصر لميليشياتها.
وفي الوقت الذي يعيش فيه ملايين السكان في مناطق سيطرة الجماعة في ظل ظروف مأساوية، لجهة انقطاع الرواتب من 19 شهرا، وتنصل الميليشيات عن دفعها إمعانا في تجويع الموظفين ودفعهم للالتحاق بصفوفها مقابل الحصول على عائد مادي، شددت الجماعة على المنظمات الخيرية المحلية بعدم توزيع أي مساعدات غذائية خلال شهر رمضان، إلا بعد الحصول على إذن من جهاز مخابراتها.
واطّلعت «الشرق الأوسط» على وثيقة رسمية أصدرتها وزارة أوقاف الجماعة الحوثية، أمرت فيها خطباء المساجد بعدم فتح مكبرات الصوت أثناء صلاة التراويح والقيام في رمضان، كما تضمنت التشديد على الدعاء لنصر الميليشيات، واعتماد الخطب التي تعدها الجماعة أيام الجمع. وحذرت الميليشيات خطباء المساجد من تجاهل أوامرها، كما ورد في الوثيقة، في تلويح بأنهم سيخضعون للمعاقبة في حال عدم تنفيذ التعليمات الصادرة من قبلها.
وعلى نحو متصل، حشدت الجماعة أمس في محافظة ذمار خطباء المساجد، لاجتماع ترأسه محافظها محمد المقدشي، للتشديد على تسخير المنابر خلال شهر رمضان للخطاب الطائفي والتحريض على مناهضي الجماعة، وحض السكان على القتال في صفوفها، باعتبار ذلك «واجبا دينيا». وكانت الميليشيات الحوثية قد سيطرت بعد الانقلاب على الحكومة الشرعية قبل ثلاث سنوات، على أغلبية المساجد في صنعاء والمناطق الخاضعة لها، وفرضت خطباء موالين لها، كما حولت كثيرا من المساجد إلى ثكنات طائفية وأماكن لاستقطاب المجندين وتخزين الأسلحة، بحسب ما أفاد سكان في العاصمة صنعاء وناشطون حقوقيون.
إلى ذلك، قال ناشطون في العمل الطوعي الخيري في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة الحوثية أصدرت تعليمات للمنظمات الإنسانية المحلية، تتضمن منعها من تبني أي أنشطة إنسانية كتوزيع الغذاء والكسوة على الأسر المحتاجة في صنعاء، دون الحصول على ترخيص مسبق من قبل عناصر الجماعة في جهاز الأمن القومي التابع لها (المخابرات). ويرجح الناشطون أن تصرف الميليشيات هدفه التضييق على المنظمات الإنسانية المحلية وتقييد أنشطتها، مقابل السماح بأنشطة المنظمات التي أنشأتها الجماعة أخيرا للسيطرة على الدعم الإنساني الدولي والمساعدات الإغاثية، بغرض توزيعها على الموالين لها، وبيع الجزء الأكبر منها لتمويل المجهود الحربي.
في غضون ذلك، دعا وزير الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية رئيس اللجنة العليا للإغاثة عبد الرقيب فتح، المانحين والمنظمات الأممية والعربية العاملة في المجال الإغاثي والإنساني إلى الإسهام بفاعلية في إغاثة الشعب اليمني، وإعداد البرامج والخطط الإغاثية الشاملة خلال شهر رمضان بالتنسيق مع اللجنة العليا للإغاثة. وقال فتح في تصريح رسمي: «يمر شهر رمضان على الشعب اليمني للعام الرابع على التوالي، والمعاناة الإنسانية في ازدياد جراء الحصار الذي تفرضه الميليشيات الانقلابية على عدد من المحافظات، وإعاقتها لوصول المواد الإغاثية والتجارية إلى تلك المحافظات، وهو ما ضاعف معاناة الناس، وعمل على إحداث تردٍ كبير للوضع الإنساني».
وأشار الوزير فتح إلى أن الميليشيات الحوثية «مستمرة في أعمال القتل والتنكيل الممنهج بحق الشعب اليمني، دون وازع ديني أو أخلاقي» وهو ما يتطلب من المجتمع الدولي - على حد قوله - «الضغط بكل الوسائل والسبل لإيقاف جرائم الميليشيات التي تتنافى كلياً مع القيم والمبادئ الإنسانية، وتتعارض مع القوانين الدولية». وحض فتح «المنظمات المحلية ورجال الأعمال والخيرين، على المساهمة بفاعلية في جعل شهر رمضان المبارك شهر إغاثة وتكافل لكل المحتاجين والنازحين في ربوع اليمن، كون الحاجة الإنسانية تتطلب تكاتف الجميع في الوقت الراهن».
وفي حين تتصاعد أعمال القمع الحوثية ضد المناهضين لها، في ظل تصاعد الاعتقالات وتكثيف إصدار أحكام غير قانونية بالإعدام، وفرض الخطاب الطائفي الخميني على المجتمع، دانت الولايات المتحدة الأميركية الانتهاكات الحوثية بحق البهائيين في اليمن. وإذ أعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت عن قلق واشنطن بهذا الشأن، فإنها قالت في بيان نشرته على حسابها في «تويتر» إن الميليشيات الحوثية «استهدفت المجتمع البهائي بخطاب تحريضي مصحوب بموجة من ‏الاعتقالات والاستدعاءات والعقاب، من دون إجراءات قانونية عادلة أو شفافة». وأكدت ناورت أن هذه الأفعال على مدار عام تمثل شكلا متواصلا من إساءة ‏معاملة البهائيين في اليمن، مشيرة إلى أن ذلك قد يكون محاولة حوثية لإجبار البهائيين اليمنيين على ‏التخلي عن عقيدتهم.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.