أنغولا «كعب أخيل» جديد في «أوبك»

توشك على الدخول في «مصيدة ديون» مع تراجع حاد بالإنتاجية

أنغولا «كعب أخيل» جديد في «أوبك»
TT

أنغولا «كعب أخيل» جديد في «أوبك»

أنغولا «كعب أخيل» جديد في «أوبك»

على السطح، الأمور كلها بخير والأوضاع هادئة نسبياً والإمدادات وفيرة في السوق... في الباطن، الأمور ليست كذلك على الأقل لخمسة منتجين في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومن بينهم أنغولا. وإلى جانب إيران وفنزويلا اللتان تواجهان خطر الحظر على صادراتهما النفطية من قبل الولايات المتحدة، هناك دول تعاني من عدم الاستقرار في الإنتاج بسبب الاضطرابات الأمنية مثل نيجيريا وليبيا... أما أنغولا فهي حالة مختلفة عن الجميع.
إذ لا تعاني أنغولا أي مخاطر أمنية أو سياسية مثل الدول الأربعة الباقية، ولكنها تواجه أزمة اقتصادية وأزمة إنتاجية قد تتسبب في تراجع إنتاجها بشكل كبير في السنوات المقبلة، مع احتمالية تعرضها لحالة من عدم الاستقرار الاقتصادي.
وأنغولا هي ثاني أكبر منتج للنفط الخام في غرب أفريقيا بعد نيجيريا، وهي دولة ذات إمكانيات نفطية عالية ولكنها تعاني هذا العام هبوطاً كبيراً في إنتاجها من النفط، مما قد يجعلها «كعب أخيل» جديد في «أوبك». وأخيل هو ذلك البطل اليوناني الأسطوري الذي لا يهزم والذي حارب في طروادة وكانت نقطة ضعفه هي كعبه.
وإذا ما فشلت أنغولا في رفع إنتاجها، فإنها سوف تسبب مشكلات كبيرة بالنسبة لـ«أوبك»، حيث إن المعروض في الأسواق العالمية سيتناقص بشكل حاد للغاية، وهو ما سيدفع دولاً أخرى في المنظمة أن تزيد إنتاجها (إن استطاعت) أو أن تترك «أوبك» الأسعار تصل إلى مستويات من شأنها إما أن تعيق الطلب على النفط أو تجلب موجة جديدة من إمدادات منافسة من الولايات المتحدة. وبلغ متوسط إنتاج أنغولا في الربع الأول من العام الحالي نحو 1.57 مليون برميل يومياً، هبوطاً من متوسط 1.64 برميل يومياً في الربع الرابع من العام الماضي. وكانت أنغولا تخطط لزيادة طاقتها الإنتاجية من النفط الخام إلى مليوني برميل يومياً في عام 2020، ولكن هذا الآن يبدو هدفاً صعب المنال.
فمع تراجع الإنتاج من جميع حقول النفط بمرور الوقت مع انخفاض الضغط في المكامن النفطية، فإن الأمل الوحيد للبلد هو الإنتاج من المياه العميقة قبالة السواحل، ولكن هذه العمليات مكلفة للغاية بسبب عدم كفاية النفقات الرأسمالية.
وتعاني أنغولا من انخفاضات حادة في الحقول البحرية المستثمرة، حيث انخفض الإنتاج بمقدار ثلاثة أضعاف ما تعهدت به البلاد بالاتفاق مع زملائها الأعضاء في منظمة أوبك ضمن الاتفاق العالمي لخفض الإنتاج.
ونشرت وكالة بلومبيرغ قبل فترة بسيطة تقريراً قالت فيه إن التوقعات ترجح أن ينخفض إنتاج أنغولا إلى 1.3 مليون برميل يوميا من مستوياته الحالية البالغة 1.5 مليون برميل، بعدما كان إنتاجها 1.9 مليون برميل في عام 2008.
وأنغولا هي ثالث أكبر بلد مصدر للنفط الخام إلى الصين بعد روسيا والسعودية، ولكن صادراتها للصين انخفضت بنحو 2.9 في المائة في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بنفس الفترة قبل عام مضى. ومن المتوقع أن صادرات النفط الخام في أنغولا ستنخفض في يونيو (حزيران) إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2008 على الأقل، بحسب بيانات برامج التحميل التي نشرتها بلومبيرغ.

- مشكلات اقتصادية
وتواجه أنغولا مشكلات اقتصادية عالية بسبب هبوط أسعار النفط في السنوات الثلاث الماضية. وهي الآن مضطرة للاستدانة بشكل كبير جداً لتغطية عجزها الاقتصادي، ومن المحتمل أن تدخل في مصيدة للديون حيث قد تأخذ بعض الديون لتسديد ديون متراكمة عليها.
وبلغ إجمالي الديون الخارجية لأنغولا في العام الماضي نحو 38.3 مليار دولار ارتفاعا من 14.9 مليار دولار في عام 2013، بحسب ما ذكرته وزارة المالية في أنغولا على موقعها في نشرة ترويج لسندات مقومة باليورو أصدرتها الأسبوع الماضي لمدد 10 سنوات و30 سنة بقيمة 3 مليارات دولار. ولا تشمل هذه الديون، الديون على شركة «سونأنغول» وهي شركة النفط الوطنية الأنغولية.
وقالت وزارة المالية في النشرة إن الحكومة تنوي الاستدانة بشكل كبير في 2018 وفي الأعوام المقبلة. وأضافت الوزارة أن الديون الضخمة أو عدم قدرة أنغولا على إدارة ديونها ستتسبب بمشكلة كبيرة للاقتصاد الأنغولي، ويجعل البلاد غير قادرة على سداد ديونها. وفي الشهر الماضي طلبت أنغولا من صندوق النقد الدولي تقديم مساعدات غير مالية لمساعدتها على إعادة الاستقرار للاقتصاد.
وتنوي البلاد طرح 74 شركة حكومية للبيع، كما أنها تنوي جذب الكثير من المستثمرين الأجانب للنهوض بالاقتصاد.
وفي يوم الجمعة، وافقت لجنة برلمانية على تشريعات جديدة لجذب الأجانب، مثل إلغاء شرط الشريك المحلي للشركات الأجنبية الراغبة في دخول البلاد.
ومن بين المشكلات المالية الأخرى انخفاض احتياطي النقد الأجنبي لأنغولا، والذي قد يعني تراجع قيمة عملتها. وهبط احتياطي النقد إلى أقل مستوى له في ثماني سنوات في فبراير (شباط) الماضي بعدما وصل إلى 12.8 مليار دولار، قبل أن يرتفع إلى 13.1 مليار دولار في مارس (آذار).
وبسبب تراجع إنتاجها النفطي، فإن مداخيل الحكومة قد لا تكفي للنهوض بالاقتصاد حتى مع تحسن أسعار النفط الحالية.
ونقلت وكالة بلومبيرغ عن ريتشارد مالينسون، المحلل في شركة «إنيرجي آسبكتس» في لندن: «تعاني أنغولا من مشكلة خطيرة، مع تزايد معدلات تراجع صادراتها التي لا تبدو وكأنها نمط صيانة، لكنها تشير إلى انخفاضات هيكلية أكثر حدة».


مقالات ذات صلة

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

الاقتصاد تتوقع «أوبك» أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في عام 2024 بمقدار 1.61 مليون برميل يومياً (رويترز)

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

خفّضت «أوبك» توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2024 و2025، يوم الأربعاء، في خامس خفض على التوالي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد منظر عام لمصفاة فيليبس 66 كما شوهدت من مدينة روديو بكاليفورنيا أقدم مدينة لتكرير النفط بالغرب الأميركي (رويترز)

النفط يرتفع بفضل توقعات ارتفاع الطلب من الصين في 2025

ارتفعت أسعار النفط قليلاً، في وقت مبكر اليوم الأربعاء، مع توقع المتعاملين بالسوق ارتفاع الطلب بالصين، العام المقبل.

الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبرغ (أرشيفية - رويترز)

«أوبك»: تجديد تفويض هيثم الغيص أميناً عاماً للمنظمة لولاية ثانية

قالت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إنها جدَّدت ولاية الأمين العام، هيثم الغيص، لمدة 3 سنوات أخرى في اجتماع افتراضي عقدته المنظمة، يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد مضخة نفطية في حقل بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

تراجع طفيف للنفط... والتوتر الجيوسياسي وسياسة الصين يحدان من خسائره

تراجعت أسعار النفط قليلاً يوم الثلاثاء متمسكة بمعظم مكاسبها من الجلسة السابقة. فيما حدّ التوتر الجيوسياسي وسياسة الصين من الخسائر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص (أ.ف.ب)

هل يعاد انتخاب الغيص أميناً عاماً لـ«أوبك» غداً؟

من المقرر أن تعيد منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» انتخاب الأمين العام الحالي هيثم الغيص لفترة ثانية مدتها ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
TT

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

قال مصدر لوكالة «رويترز» للأنباء إن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مددت مهلة حتى يوم الاثنين المقبل، أمام إيلون ماسك، للرد على عرضها لحسم تحقيق في استحواذ الملياردير على «تويتر»، مقابل 44 مليار دولار في عام 2022.

وغرد ماسك، أمس (الخميس)، بنسخة من رسالة أرسلها محاموه إلى رئيس الهيئة، جاء فيها أن موظفي الهيئة منحوه 48 ساعة للموافقة على دفع غرامة أو مواجهة اتهامات.

وقال المصدر إن الهيئة أرسلت إلى ماسك عرض تسوية، يوم الثلاثاء، سعياً للحصول على رد في 48 ساعة، لكنها مددت العرض إلى يوم الاثنين بعد طلب مزيد من الوقت.

وانخرطت الهيئة وهي أعلى سلطة في تنظيم الأسواق الأميركية وماسك في معركة قضائية، معلنة عن التحقيق الذي أجرته الوكالة في استحواذه على منصة التواصل الاجتماعي التي غيّر ماسك اسمها منذ ذلك الحين إلى «إكس».

ورفض متحدث باسم مكتب الشؤون العامة في هيئة الأوراق المالية والبورصات التعليق، ولم يرد محامي ماسك بعد على طلبات التعليق.

وكانت الهيئة تحقق فيما إذا كان ماسك قد انتهك قوانين الأوراق المالية في عام 2022 حين اشترى أسهماً في «تويتر»، بالإضافة إلى البيانات والملفات التي قدمها فيما يتعلق بالصفقة. وقد سعت إلى إنفاذ أمر استدعاء قضائي لإجبار ماسك على الإدلاء بشهادته بشأن هذه المسألة.

ويتعلق التحقيق بالملف الذي قدمه ماسك في الآونة الأخيرة إلى الهيئة بشأن مشترياته من أسهم «تويتر»، وما إذا كان أراد التربح أم لا.