«أم كلثوم»، «القاهرة الخديوية»، «المباني التراثية»، «الملك فاروق»... مفردات إذا ذُكرت كل منها منفردة تعود بنا إلى تاريخ مصري، أما إذا ذكرت مجتمعة فإنها تثير الذاكرة والوجدان والحنين لزمن ولى، اتفق المصريون على تسميته بـ«الزمن الجميل».
حالياً، تجتمع هذه العناصر مفرداتٍ تشكيلية، ولا سيما «أم كلثوم» على يد الفنانة الدكتورة أميرة فهمي في معرضها «وحي الماضي»، حيث تستلهمها لتعزف على أوتار الحنين، وأطلال الذاكرة المصرية، في حقبتي الخمسينات والستينات، عبر 35 لوحة تنتمي لأسلوب الـ«بوب آرت»، ذلك الفن شعبي الذي يعبّر فيه الفنان عمّا يدور في وجدانه، ويعيد تقييم الأحداث والواقع المعاش بصرياً.
تقول صاحبة المعرض لـ«الشرق الأوسط»: «فكرة المعرض قائمة على استلهام عناصر ومفردات تشكيلية من الزمن الماضي، عبر اللجوء إلى مخزون الذاكرة العامة المتكون من السينما، وبخاصة خلال فترتي الخمسينات والستينات، إلى جانب ذاكرتي البصرية لمنطقة وسط البلد (وسط القاهرة) التي أنتمي إليها، بمعنى أنّني أستوحي جزءاً مرتبطاً بالوعي الجمعي المصري وآخر خاصاً بي؛ بما يعطي في النهاية شعوراً فيه من الجماليات والشجن ما افتقدناه في حياتنا الحالية».
ترجمت الفنانة هذا المزيج من خلال اللجوء إلى رسم المباني الكلاسيكية بشارع قصر النيل، وبيان جمال عمارتها، بجانب «جروبي»، ذلك المقهى العريق، الكائن بميدان طلعت حرب بالقاهرة، إلى جانب اختيار تيمة أم كلثوم التي اختارتها تحديداً لأنها شخصية ارتبطت بوجدان المصريين خاصة والعرب عامة، حيث أثرت فيهم لفترات طويلة لتتحول لحالة نوستالجيا في ذاكرتهم.
من أساليب فن الـ«بوب آرت»، حسب صاحبة المعرض، أنه يعتمد على استخدام صور مشاهير المجتمع، ونجوم السياسة والرياضة والفن القريبين من الجمهور، فوجودهم أيقوناتٍ في العمل الفني يجعله يلاقي رواجاً واستحساناً من المتلقي، وبخاصة الذي لا يتفهم المدارس التشكيلية الحديثة.
تتابع فهمي: «اخترت بورتريه شهيراً لسيدة الغناء العربي، ذلك الذي ترتدي فيه نظارة سوداء والذي أراه معبراً عن شخصيتها القوية، كما أن فيه شعوراً بالشموخ، وقد لجأت إلى تكرار هذا البورتريه في غالبية أعمال المعرض؛ فالتكرار سمة من سمات فن الـ(بوب آرت)، ولجأت إليه، لأعطي قيماً تشكيلية مختلفة وجماليات متنوعة في العمل الفني، كما أنّ التكرار له مدلول آخر، حيث يعكس وجهة نظري في قوة شخصية أم كلثوم».
لجأت الفنانة أيضاً إلى مفردات أخرى تحمل جوانب رمزية لتعبّر بها عن «وحي الماضي»؛ فهي تستخدم آلة الحياكة التي كانت تقتنيها المصريات قديماً في أكثر من لوحة، وقصاصات من مجلات أزياء تعود لحقبة الخمسينات، ورموز أخرى من الطبيعة في خلفية اللوحات لتعطي مدلولاً عن جمال المرأة، مثل الزهور الحمراء وفاكهة الرمان.
وتختتم حديثها بالإشارة إلى ردود الفعل الإيجابية التي تلقتها من الجمهور الزائر للمعرض الذي توقّف أمام لوحات بعينها، مثل لوحة وفاة كوكب الشرق، وهي كولاج يجمع بين قصاصة من صحيفة يعتليها عنوان «ماتت أم كلثوم» وبورتريه لها، أو من خلال تذوق المفردات الأخرى التي استشعروا معها الجانب الوجداني، ودفعهم للتعبير عن حنينهم للماضي، مثمّنين أجواءه التي افتقدوها في حياتهم.
«وحي الماضي»... نوستالجيا الحنين لقاهرة الخمسينات و«أم كلثوم»
لوحات ومفردات تنتمي لفن الـ«بوب آرت»
«وحي الماضي»... نوستالجيا الحنين لقاهرة الخمسينات و«أم كلثوم»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة