توقعات بزيادة الإقبال على التمويل العقاري في مصر بعد تعديل القانون

الإجراءات تستغرق 6 شهور... وتسجيل العقار وسعر الفائدة أكبر المعوقات

آمال معقودة على تعديل اللائحة التنفيذية لقانون التمويل العقاري («الشرق الأوسط»)
آمال معقودة على تعديل اللائحة التنفيذية لقانون التمويل العقاري («الشرق الأوسط»)
TT

توقعات بزيادة الإقبال على التمويل العقاري في مصر بعد تعديل القانون

آمال معقودة على تعديل اللائحة التنفيذية لقانون التمويل العقاري («الشرق الأوسط»)
آمال معقودة على تعديل اللائحة التنفيذية لقانون التمويل العقاري («الشرق الأوسط»)

وافق مجلس النواب المصري، على قانون الإسكان الاجتماعي والتمويل العقاري، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد مؤخرا طفرة في سوق العقارات، وارتفاعا كبيرا في أسعارها، وبينما يتوقع المسؤولون زيادة الإقبال على التمويل العقاري في الفترة المقبلة، وصف خبراء شروط الحصول على تمويل عقاري بأنها «تعجيزية».
وخلال جولة «الشرق الأوسط» على بعض راغبي الحصول على قرض تمويل عقاري، رصدت بعض الحالات التي اعتبرت شروط الحصول على قرض سكني «صعبة»، مما دفعها للتراجع عن الفكرة بعد شهور من العمل على استخراج الأوراق المطلوبة للقرض.
وقال عماد، صاحب عقار معروض للبيع، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعرض شقته للبيع منذ مدة تصل إلى نحو 6 شهور، وخلالها تقدم إليه مجموعة من الراغبين في شراء الوحدة بقرض تمويل عقاري، وطلبوا منه تحضير بعض الأوراق الرسمية لإتمام إجراءات القرض، لكنه كان في كل مرة يرفض ذلك، ويقول لمن يرغب في الشراء إن تحضير هذه الأوراق مسؤولية المشتري.
وأضاف عماد أن «أحد الراغبين في شراء الوحدة السكنية بدأ بالفعل في استخراج الأوراق، وعلى مدار ما يزيد على شهرين استخرج الشهادات اللازمة من تسجيل الشهر العقاري، والضرائب العقارية والرسوم الهندسية، حتى وصل إلى مرحلة الحصول على القرض من البنك، لكنه توقف في النهاية بسبب ارتفاع سعر فائدة القرض، فحتى يحصل على مبلغ 800 ألف جنيه، ضمن مبادرة البنك المركزي عليه أن يسدد 8000 جنيه شهريا لمدة عشرين عاما، لتبلغ قيمة القرض بالفوائد نحو مليون جنيه و920 ألف جنيه».
وقال الدكتور ماجد عبد العظيم، الخبير العقاري، وأستاذ الاقتصاد بجامعة 6 أكتوبر (تشرين الأول)، لـ«الشرق الأوسط» إن «قانون التمويل العقاري صدر في عام 2001. وحتى الآن لم يقبل عليه المواطنون بالشكل الكافي»، مشيرا إلى أن هناك عدة أسباب تدفع المواطنين للإحجام عن الاستفادة من هذا القانون حتى مع مبادرة البنك المركزي».
وأطلق البنك المركزي في أبريل (نيسان) 2014 مبادرة للتمويل العقاري، بفائدة تتراوح بين 5 في المائة و7 في المائة لمحدودي الدخل، و8 في المائة لمتوسطي الدخل، و10.5 في المائة لفوق متوسطي الدخل، بشرط ألا يتجاوز سعر الوحدة 950 ألف جنيه، بفترات سداد تصل إلى 20 عاما، وعلى هامش مؤتمر ابتكارات التكنولوجيا المالية مستقبل الخدمات المصرفية الذي استضافته القاهرة مؤخرا، قال جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي، في تصريحات صحافية، إن «حجم التمويلات التي تم منحها في إطار مبادرة البنك المركزي على مدار 4 سنوات بلغت 13 مليار جنيه».
لكن عبد العظيم يرى أن «نسبة الإقبال على التمويل العقاري ما زالت محدودة، وأن شروط الحصول على قرض تعجيزية وصعبة»، موضحا أن البنك يشترط أن يكون العقار مسجلا في الشهر العقاري، و«90 في المائة من العقارات في مصر غير مسجلة، أو مبنية على أراض غير مسجلة وبالتالي لا يمكن تسجيلها»، إضافة إلى «بطء الإجراءات التي تصل إلى 6 شهور أحيانا، وصعوبة إثبات الدخل للعاملين في المهن الحرة».
واتفق معه ماجد عبد الفضيل، عضو شعبة الاستثمار العقاري، وقال إن «ضعف الإقبال على التمويل العقاري يرجع لعدة أسباب منها، كثرة الأوراق المطلوبة، والبيروقراطية في الإجراءات، إضافة إلى ارتفاع سعر الفائدة».
بينما تؤكد مي عبد الحميد، رئيس مجلس إدارة صندوق التمويل العقاري، والمدير التنفيذي لصندوق تمويل الإسكان الاجتماعي، زيادة الإقبال على التمويل العقاري قائلة إن «حجم تمويل الصندوق ضمن مبادرة البنك المركزي، وصل حتى الآن إلى 10.8 مليار جنيه، ومنح الصندوق دعما يقدر بـ2.107 مليار جنيه لنحو 119 ألف عميل، في حين لم يتجاوز عدد العملاء 2000 عميل عام 2014».
ويمول نحو 20 بنكا وشركة مشروع الإسكان الاجتماعي، وفقا لبيانات صندوق التمويل العقاري.
ويرى عبد العظيم أن «قيمة الحد الأقصى للقرض حاليا لا تتناسب مع ارتفاع أسعار العقارات في مصر»، مشيرا إلى أن قانون التمويل العقاري «يحتاج إلى تعديلات في الشروط وفي قيمة القرض وسعر الفائدة، حتى يتم تفعيله بالشكل اللائق»، ويقول: «بعد 17 عاما على إقرار قانون التمويل العقاري ما زال لا يعمل بكفاءة».
وتطالب وزارة الإسكان بزيادة الحد الأقصى للتمويل العقاري ضمن مبادرة البنك المركزي، وقال خالد عباس، مساعد وزير الإسكان، في تصريحات صحافية مؤخرا على هامش معرض سيتي سكيب إن «الحد الأقصى لسعر الوحدات السكنية المسموح بتمويلها 950 ألف جنيه بفائدة 10.5 في المائة، ونبحث حاليا زيادة هذا السعر لاستفادة عدد أكبر من المواطنين».
وقال المهندس طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري، إن «الغرفة تجري مفاوضات لزيادة تمويل الوحدة السكنية إلى 1.5 مليون جنيه بدلاً من 950 ألف جنيه».
ووافق مجلس النواب مبدئيا على مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن إصدار قانون الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، وينص مشروع القانون على إنشاء صندوق يسمى صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري يتبع وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية بصفته الوزير المختص، وينص القانون على توفير وحدات سكنية لذوي الدخل المنخفض، وتوفير قطع أرض معدة للبناء بحد أقصى 400 متر، ووحدات سكنية بحد أقصى 120مترا، لأصحاب الدخول المتوسطة، ولا يجوز للمواطن أن يستفيد بأكثر من وحدة من وحدات برنامج الإسكان الاجتماعي سواء كانت وحدات سكنية أو قطع أراض معدة للبناء، وأن يكون التخصيص وفقا للقواعد والأولويات التي يضعها مجلس الوزراء، فيما يخص سن المستفيد والحالة الاجتماعية ودخل الأسرة باعتبارها من المتغيرات الاجتماعية، وألا يتجاوز الدخل السنوي لذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة هم وأسرهم الحد الذي يصدر به قرار من مجلس إدارة الصندوق مراعيا التغيرات في أسعار الوحدات ومستويات الدخل ومعدلات التضخم.
وأعرب عبد العظيم عن أمله في أن يتلافى القانون الجديد المشكلات والعقبات التي تعيق انتشار فكرة التمويل العقاري، وأن يراعي القانون أسعار الوحدات السكنية حاليا ومستويات دخل الأسر المصرية، لتصبح فكرة التمويل العقاري فاعلة دون مبادرات من البنك المركزي أو غيره.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».