اختراقات ميدانية تضيّق الخناق على الحوثيين في الجبهات

قطْع الإمدادات عن الميليشيات في الساحل الغربي وتقدُّم الجيش في صعدة وحجة

صورة لطارق صالح (يسار) في إحدى جبهات القتال تناقلتها مصادر تابعة له أمس
صورة لطارق صالح (يسار) في إحدى جبهات القتال تناقلتها مصادر تابعة له أمس
TT

اختراقات ميدانية تضيّق الخناق على الحوثيين في الجبهات

صورة لطارق صالح (يسار) في إحدى جبهات القتال تناقلتها مصادر تابعة له أمس
صورة لطارق صالح (يسار) في إحدى جبهات القتال تناقلتها مصادر تابعة له أمس

حقّقت قوات الجيش اليمني، اختراقات استراتيجية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة على مستوى التقدم الميداني والمعارك التي تقودها ضد الميليشيات الحوثية في جبهات صعدة وحجة والحديدة وتعز والبيضاء، وهو ما يرشح سير العمليات العسكرية باتجاه معادلة حاسمة في الأسابيع المقبلة، خصوصاً في جبهات الساحل الغربي.
فقد تمكنت القوات المؤلفة من ألوية العمالقة الحكومية وقوات المقاومة الوطنية التي يقودها العميد طارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل، من إحراز تقدم كبير غربي تعز بإسناد من قوات تحالف دعم الشرعية، تمثل في تأمين تقاطع استراتيجي من طرق الإمداد التي كان يسيطر عليها الحوثيون في الساحل الغربي، حيث مفرق المخا، ومفرق البرح ومفرق الوازعية، ومحيط معسكر خالد بن الوليد، وصولاً إلى بلدة البرح الاستراتيجية (50 كلم) غربي تعز.
ومن شأن هذا التقدم الاستراتيجي الذي ساهمت قوات طارق صالح في إنجازه بعد نحو 20 يوماً من دخولها خط النار، أن يؤدي إلى قطع إمدادات الميليشيات باتجاه جيوبها المتبقية في الجنوبي الغربي لتعز حيث مناطق الوازعية وموزع وكهبوب، وتشديد الحصار عليها مع الاستمرار في الضغط على عناصر الميليشيات في مديرية مقبنة بعد أن تم تأمين الطريق القادمة من الجنوب الغربي لمحافظة إب حيث تقبع مديريات العدين.
وحسب الخطة المعلنة لقوات طارق صالح، فإن مهمتها في هذه المناطق الواقعة غربي تعز، أوشكت على النهاية، بعد أن تمكنت من تأمين ظهرها، من الناحية الشرقية للساحل الغربي، وهو ما يمكّنها مع قوات ألوية العمالقة والمقاومة التهامية من بدء المعركة الأساسية باتجاه الحديدة شمالاً، انطلاقاً من 3 محاور، تشمل إلى جانب السهل الساحلي المحاذي للبحر الأحمر، الذي يتراوح عرضه بين 40 و50 كيلومتراً، الأجزاء الغربية من محافظة إب، وفقاً لترجيحات المراقبين العسكريين.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر يمنية ميدانية أمس، بأن قوات طارق صالح وألوية العمالقة، سيطرت على بلدة البرح الاستراتجية، غربي تعز، في ظل انهيار واسع في صفوف الميليشيات، وذلك بعد أن كانت القوات قد أعلنت رسمياً في وقت سابق سيطرتها على «مفرق الوازعية وإحكام قبضتها على كل الطرق الرئيسة التي تستخدمها ميليشيات الحوثي لإمداد مقاتليها في جبهة كهبوب والعمر وعزان والمنصورة وصنفة والوازعية». وبثت مصادر محلية يمنية، أمس، صوراً تُظهر مواقع في منطقة البرح ومصانع تمت السيطرة عليها، من بينها مصنع الغنامي لصناعة البطاريات ومصنع الثلج، مشيرة إلى اقترابها من السيطرة على مصنع الإسمنت الواقع على بعد نحو 4 كلم.
وفي الوقت الذي قالت فيه المصادر الإعلامية التابعة لقوات طارق صالح، إن القوات سيطرت بشكل تام على مفرق المخا ومحيطه، أكدت أنها «قطعت خطوط إمداد الميليشيات الحوثية في جبهات الساحل وأهمها خط الإمداد القادم من محافظة إب عبر مديرية العدين». وذكرت المصادر أن وحدات من قوات نجل شقيق الرئيس الراحل التي أُطلق عليها اسم «حراس الجمهورية»، إلى جانب قوات من المقاومة الجنوبية (ألوية العمالقة) وبإسناد من طيران تحالف دعم الشرعية، «استكملت تمشيط مواقع ميليشيات الحوثي في الجبال والتلال الاستراتيجية المطلة على مفرق المخا وتمركزت فيها، الأمر الذي من شأنه تغيير المعادلة العسكرية في الساحل الغربي».
وتحدثت المصادر عن قيام القوات المشتركة بشن هجوم واسع، قالت إنه كبّد الميليشيات «خسائر فادحة في الأرواح وأجبر بقية عناصرها على الفرار مخلّفين وراءهم أسلحتهم وجثث قتلاهم»، في حين بثت المصادر صوراً، قالت إنها للأسلحة المتنوعة التي اغتنمتها قوات طارق صالح من الحوثيين، وتشمل قناصات وصواريخ مضادة للدروع «كورنيت»، ومدافع هاون، فضلاً عن ذخائر متنوعة.
وفي الوقت الذي يتوقع فيه المراقبون أن تقوم هذه القوات باستكمال تحرير بلدة البرح في الساعات المقبلة، فإنهم يؤكدون أن ذلك سيؤدي إلى تسهيل قطع بقية خطوط إمداد الجماعة الحوثية والتعجيل بتحرير بقية مناطق مديرية مقبنة ومنطقة الكدحة في المعافر.
وأفادت مصادر ميدانية، أمس، بأن القوات المشتركة مستمرة في تمشيط أطراف بلدة البرح، بالتزامن مع عمليات مكثفة لطيران التحالف ومقاتلات الأباتشي، لجهة ملاحقة مواقع تمركز الميليشيات في المناطق المجاورة لمنطقة البرح، باتجاه بلدة «هجدة» غربي تعز.
ويرجح المراقبون، أن تأمين مناطق غربي تعز وجنوبها الغربي، وشمالها الغربي، سيمكّن القوات الحكومية في الجبهات الجنوبية والشرقية وفي محيط المدينة المحاصرة من ثلاث جهات، من حسم المعارك وتحرير مناطق المحافظة كافة، التي تمتد جنوباً وشرقاً بمحاذاة مناطق محافظة لحج التي تتقدم القوات الحكومية في شمالها باتجاه مدينة الراهدة، أولى مناطق تعز من الجهة الشرقية، حيث الطريق الرئيسة التي تربطها بلحج وعدن.
إلى ذلك، وفي سياق جبهة الساحل الغربي، في أقصى الشمال، حققت قوات الجيش اليمني، أمس، اختراقاً آخر في محافظة حجة الحدودية، بعد أن تجاوزت مديرية ميدي الواقعة في شمال غربي المحافظة، إثر استكمال تحريرها، والتقدم إلى أطراف مديرية حيران المتاخمة لمديريتي حرض وميدي من جهة الجنوب. وأفاد المركز الإعلامي لقوات الجيش اليمني في المنطقة العسكرية الخامسة، في بيان، على صفحته الرسمية في «فيسبوك» بأن القوات واصلت أمس «بدعم وإسناد من قوات التحالف، تقدمها المستمر لليوم الثالث على التوالي وسط انهيارات واسعة في صفوف الميليشيات الانقلابية في أطراف مديرية حيران بعد تحرير مديرية ميدي بشكل كامل». وبينما أكد البيان أن قوات الجيش حققت انتصارات في الشريط الساحلي باتجاه مرسى بحيص الساحلي، قال إن هذا التقدم «جاء بعد أن خاض أبطال الجيش الوطني معارك ضارية مع مقاتلي ميليشيات الحوثي سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى من عناصر الميليشيات، بالإضافة إلى 7 أسرى حوثيين منهم أطفال وبينهم اثنان جرحى تم إسعافهما إلى مستشفيات المملكة كواجب ديني وإنساني».
وجاء التقدم الجديد للجيش في الساحل الغربي لمحافظة حجة، جنوبي ميدي، بعد 3 أيام من إطلاق عملية عسكرية، تمكنت من تأمين بقية مديرية ميدي، وتحرير منطقة الكتف (سلسلة تلال رملية) ومواصلة التقدم في وادي حيران. ويضع تقدم القوات الحكومية في هذه الجبهة الميليشيات في محافظة الحديدة، بين فكي كماشة، بالتزامن مع العمليات العسكرية التي تخوضها القوات الحكومية وقوات طارق صالح في الناحية الجنوبية من الساحل الغربي.
وفي حين تتزامن هذه الاختراقات المهمة للقوات اليمنية، أحرزت قوات الجيش تقدماً جديداً في جبهتي كتاف وباقم، شمال شرقي صعدة، وشمالها، حيث باتت القوات الحكومية على بعد نحو 60 كيلومتراً من مركز المحافظة حيث مدينة صعدة. وتتواصل العمليات العسكرية للجيش في جبهتي رازح والملاحيظ في شمال غربي صعدة، وجنوبها الغربي، حيث تتوغل القوات بالتزامن باتجاه مسقط رأس زعيم الميليشيات في منطقة مران الجبلية، التابعة لمديرية حيدان.
وفي محافظة البيضاء، أعلنت المصادر الرسمية للجيش اليمني، أول من أمس، أن القوات حررت عدداً من المواقع الاستراتيجية الجديدة في جبهة قانية شمالي المحافظة، وبدأت بالتوغل في مديرية السوادية، حيث من المرتقب، حسب المراقبين، أن تتواصل المعارك بوتيرة متسارعة، في هذه الجبهة، بالتزامن مع المعارك الدائرة في الجهتين الشرقية والجنوبية من المحافظة وصولاً إلى تحرير مناطقها كافةً وصولاً إلى محافظة ذمار إلى الغرب منها.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.