مواجهة جنبلاط مع عهد عون تتضح في الدائرة الرابعة

TT

مواجهة جنبلاط مع عهد عون تتضح في الدائرة الرابعة

سارت العملية الانتخابية في بلدتي قضائي الشوف وعالية المنضويتين في «الدائرة الرابعة» الانتخابية في جبل لبنان، بهدوء عكرته بعض الإشكالات الخفيفة بين مناصري الأحزاب المتنافسة في المنطقة والتي تجمع الغالبية الساحقة من دروز لبنان، ما جعلها نقطة المواجهة الأساس بين رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط والعهد الرئيس ميشال عون متمثلا بالتيار الوطني الحر الذي يرأسه (صهر عون) الوزير جبران باسيل، وهو صراع لخصه النائب أكرم شهيب أحد أقرب مساعدي جنبلاط، بالقول: «إنه يقترع ضد لوائح السلطة ولمنع خطف اتفاق الطائف».
وبدا واضحا منذ ساعات الصباح الأولى، أن الماكينة الانتخابية للنائب جنبلاط تعمل على إنجاح كل مرشحيها على اللائحة التي تضمها، نظريا مع تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، حيث تم توزيع «كلمة السر» على الناخبين بتوزيع الأصوات التفضيلية بين مرشحي الحزب لضمان وصولهم، خصوصا في قضاء الشوف حيث المواجهة الأصعب لجنبلاط. فالشوف هو القضاء الذي يفقد فيه الدروز أكثريتهم ليتوازوا تقريبا مع السنة والمسيحيين بنحو ثلث الناخبين لكل منهم، خلافا لقضاء عالية حيث يخوضها جنبلاط الانتخابات مرتاحا، لأنه يخوض معركة من أجل مقعد درزي واحد (ترك المقعد الثاني شاغرا للأمير طلال أرسلان من لائحة الوطني الحر) ومقعد مسيحي واحد لحليفه الدائم ومرشحه لرئاسة الجمهورية هنري حلو.
وأفادت مصادر قريبة من لوائح جنبلاط، بأنه تم توزيع الأصوات التفضيلية (التي تمنح للمرشحين في الحسابات النهائية) على مرشحي الحزب في عالية، بحيث تصوت مدينة عالية للنائب أكرم شهيب، فيما تصوت مناطق الغرب كبيصور ومجدلبعنا وغيرهما، للنائب هنري حلو. أما في الشوف، فتصوت قرى الشوق الأعلى للنائب والوزير السابق نعمة طعمة، ومناطق الوسط للنائب مروان حمادة، بعد احتساب الكمية اللازمة من الأصوات لنجل جنبلاط تيمور الذي يقود اللائحة. أما مرشح الحزب السني بلال عبد الله، فاعتمد على أصوات المحازبين السنة من سكان الإقليم الذي يتميز بحضور تاريخي لعائلة جنبلاط، بالإضافة إلى أصوات «الجماعة الإسلامية». أما تيار «المستقبل» فسعى لضمان فوز مرشحيه السنيين، النائب محمود الحجار، والماروني الوزير غطاس خوري. وقالت مصادر الماكينة الانتخابية لـ«المستقبل»، إنها تعمل بقوة من أجل توزيع الأصوات التفضيلية بين مرشحيها لضمان وصولهما معا إلى الندوة البرلمانية.
وفي المقابل، يخوض التيار الوطني الحر المعركة وحيدا ضد اللوائح الأخرى، معتمدا على الصوت المسيحي في منطقتي الشوف وعالية لضمان حصول مرشحيه على الأصوات الكافية. وبدا لافتا أن المواجهة التي يخوضها التيار كانت عمليا مع «القوات اللبنانية» حيث يتنافس مرشحو الطرفين مباشرة لأن المقاعد الدرزية شبه موزعة بين اللائحتين الرئيسيتين، فقد ترك جنبلاط مقعدا شاغرا في عالية، فيما لا يشكل المرشحان الآخران على لائحة الوطني الحر - أرسلان خطرا أساسيا على مرشحي جنبلاط. مع استثناء وحيد يتعلق بمحاولة التيار خطف المقعد الكاثوليكي من النائب طعمة.
وانطلق اليوم الانتخابي الطويل في دائرة جبل لبنان الرابعة، وفق أجواء تنافسية هادئة. وأفادت أول ناخبة تقترع في مدرسة مارون عبود الرسمية في عالية: «هذه هي المرة الأولى التي أنتخب فيها وأشعر بأنني مواطنة لبنانية حقيقية تمارس حقها الدستوري. فعمري تعدى الـ28 سنة، وحان الوقت لأقرر بنفسي من أريده نائبا عني في المجلس».
واتسمت حركة الإقبال على الاقتراع بالجيدة والمريحة، وفقا لما أفادت به الماكينات الانتخابية لكل من الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، لـ«لشرق الأوسط»، مع حضور لافت للمسنين.
ولوحظ انتشار منظم للقوى الأمنية داخل مراكز الاقتراع وخارجها، ووجود مندوبين ثابتين لكل من لائحة المصالحة وضمانة الجبل والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. إلا أن الأمر اللافت غياب مندوبي لوائح المجتمع المدني، أي «مدنية» و«كلنا وطني» داخل مراكز الاقتراع، واكتفاء هاتين اللائحتين بتوزيع بعض المندوبين المتجولين.
ونصبت الأحزاب المتنافسة خيما تبعد 50 مترا عن مراكز الاقتراع، و100 متر عن بعضها، لضمان عدم الدخول في مشاجرات كلامية أو اشتباكات من أي نوع. كما رصد أيضا غياب خيم المجتمع المدني خاصة في مدينة عالية وعدد من قرى الشوف. وسجل حضور خجول لمندوبي التيار الوطني الحر، بينما شوهد حضور لافت للقوات اللبنانية خاصة في قری جرد بحمدون. وفي سؤال عن سير العملية الانتخابية، أفادت مساعدة في التيار الوطني الحر «الشرق الأوسط»، بأن العملية في جبل لبنان «ديمقراطية، وتتمتع بأجواء من الحرية والانفتاح بين جميع المتنافسين». وأضافت أن المنافسة في عالية - الشوف، خاصة في بلدة سوق الغرب، محتدمة بين مرشح التيار سيزار أبي خليل ومرشح القوات اللبنانية راجي السعد، إلا أنها أكدت على عدم وقوع أي إشكال بين مناصري الطرفين حتى الساعة.
وتحدث مناصر للائحة ضمانة الجبل التي يترأسها الأمير طلال أرسلان، وتعتبر منافسة للائحة المصالحة برئاسة تيمور جنبلاط، قائلا: «اليوم يوم انتخابي ديمقراطي بامتياز، وغدا يوم جديد سنخوضه سويا كأهل منطقة واحدة لا أكثر». ولم تختلف لهجة مناصري لائحة المصالحة كثيرا، حيث أكدت الماكينة الانتخابية أنه رغم تسجيل بعض الإشكالات الفردية، فإن الأجواء العامة في المنطقة هادئة وتتمتع بروح تنافسية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.