تحول الرصيف الملاصق لمبنى نقابة المحامين بشارع رمسيس بقلب القاهرة، إلى سوق رائجة، لبيع كتب القانون والتراث والأدب، بفضل موقعه المميز، الذي يتوسط عشرات المباني والهيئات الحكومية والنقابية، التي تعج بآلاف الموظفين والرواد. قبل 10 سنوات، افترش أحد الباعة الأرض بمجموعة من الكتب القانونية، وشجعه نجاحه في بيع مجموعته كلها في يوم واحد على معاودة الكرّة يوما بعد يوم، ليتخذه فيما بعد مقرا دائما، لبيع بضاعته من الكتب القديمة والجديدة، وهو ما أغرى باعة آخرين لعرض كتبهم القانونية، وسرعان ما انتشرت كافة أنواع الكتب، ليتحول المكان إلى نسخة مصغرة من سوق «سور الأزبكية»، إحدى أشهر أسواق الكتب القديمة في مصر، لكنه استمر في احتفاظه بتميزه بحضور كبير لكتب القانون التي جعلته مقصدا للكثير من القضاة والمحامين.
موقع المكان المتميز جعله مقصدا لفئات كثيرة، فهو يحتل الرصيف الملاصق لمقر نقابة المحامين، ومبنى دار القضاء العالي، الذي يقع داخله مكتب النائب العام ومحكمة النقض، وعلى مسافة قريبة يقع كل من مبنى نادي القضاة ونقابة الصحافيين، كما يمتد لنحو كيلومتر في عمق شارع رمسيس أكثر شوارع العاصمة ازدحاما.
برغم التوسع وزيادة أعداد البائعين الذين تجاوز عددهم العشرين بائعا، وتنوع عناوين وموضوعات الكتب ما بين الأدبية والسياسية والثقافية، ظلت الكتب القانونية الأكثر عرضا ورواجا بسبب إقبال الكثير من القضاة والمحامين عليها.
يقول محمود سيد، أحد أقدم باعة الكتب بالمنطقة، لـ«الشرق الأوسط»: «أجلس في مكاني منذ نحو 15 عاما، بدأت بالكتب القانونية ثم توسعت لأعرض كافة أنواع الكتب والمجلات القديمة لأن الموقع مميز جدا، وفي منطقة شديدة الزحام، وهو ما يعني ببساطة أن الفضول يدفع المارة دائما إلى مطالعة عناوين الكتب وهم يسيرون من أمامنا، وقد تعجبهم بعضها فيتوقفون للشراء».
ويضيف: «ما زلت أحرص على عرض الكثير من الكتب القانونية، حيث لدي زبائن دائمون من المحامين والقضاة، وغالبا يقبلون على كتب القانون القديمة كأشهر المرافعات التاريخية وكتب فلسفة القانون، وكثير منهم يطلب مني كتاباً محدداً فأبحث عنه وأحضره له».
ويرى سيد، أن المكان تحول إلى نسخة مصغرة من سوق سور الأزبكية، ولكنه أكثر حيوية بسبب موقعه المميز، إذ إن نقل سوق الأزبكية إلى مكتبات مجمعة بمنطقة العتبة لها مدخل واحد جعلها بعيدة عن طرق عبور المارة وأثر كثيرا على تميزها وحيويتها القديمة.
ويتابع: «معظم الناس لا يذهبون خصيصا لشراء الكتب إلا إذا كانوا يحتاجونها في شيء محدد كالدراسة أو الدراسات العليا أو بحكم المهنة، لذلك عرض الكتب على رصيف حيوي يسير به الكثير من المارة يزيد الإقبال. وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية، فإنه بجانب الكتب القانونية ما زالت الكثير من الكتب الكلاسيكية تشهد إقبالا كبيرا، خاصة أعمال رواد الأدب والثقافة كنجيب محفوظ، ويوسف إدريس وإحسان عبد القدوس، وأشعار نزار قباني».
ولا يتوقف إقبال المحامين على كتب القانون التاريخية، بل يمتد إلى الكتب الحديثة خاصة كتب القوانين الجديدة التي يتم إقرارها أو تعديلها.
يقول ناصر محمود، محام، لـ«الشرق الأوسط»: «يقع مكتبي في وسط القاهرة، وأتردد بالطبع على النقابة بشكل شبه يومي، لأن موقع بيع الكتب مناسب جدا لي، وكثيرا ما أجد نسخا من كتب قديمة قيمة جدا أعجز عن إيجادها في مكان آخر وبسعر جيد جدا، كما أنني أهتم بشراء الكتب التي تتضمن قوانين جديدة أو تعديلات على بعض القوانين، لكن أكثر ما يميز الباعة بالمنطقة أنك تجد عندهم كتبا قانونية تاريخية نادرة توقفت طباعتها منذ سنوات فلا يوجد منها طبعات جديدة، كما تكون النسخ القديمة الموجودة في السوق قليلة جدا وهو ما يجعلها نادرة وقيمة».
سوق الكتب تنتعش على رصيف نقابة المحامين في القاهرة
تحولت إلى نسخة مصغرة من «سور الأزبكية»
سوق الكتب تنتعش على رصيف نقابة المحامين في القاهرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة