مع قرب حلول شهر رمضان المبارك عادت مجددا أزمة الارتفاع في أسعار الخضراوات واللحوم بأنواعها أكثر مما كانت عليه مطلع شهر شعبان الحالي، مما يستبعد معه فرضية تراجع المعروض قياسا بالطلب. ويشير هذا إلى أن هذا الارتفاع هو نتيجة عدم وجود رقابة على الأسعار كحال بعض المواد التي تصنف أنها أساسية مثل الأرز والحليب المجفف وغيرها وتضع لها وزارة التجارة أسعارا محددة على مدار العام.
وارتفع سعر بعض الخضراوات الأساسية مثل الطماطم إلى قرابة 3 أضعاف عما كان عليه قبل نحو أسبوعين؛ حيث وصل سعر الكيلو إلى 13 ريالا، وهو الذي كان يباع في مطلع شعبان وقبله بأربعة ريالات فقط، حيث يعد سعر الطماطم المؤشر الأول على الارتفاع في الأسعار.
ويرى متعاملون في السوق، من بينهم أصحاب محلات بيع خضراوات، أن الارتفاع غير مبرر، خصوصا أن السلع متوفرة وتستورد من عديد من الدول المجاورة، إضافة إلى الإنتاج المحلي، ولذا يعد رفع الأسعار غير مبرر، ولكنه يعود إلى عدم وجود جهاز رقابي يمنع التجار من استغلال حاجة الناس لهذه الأنواع من الخضراوات بشكل مكثف خلال شهر رمضان المبارك.
من جانبه، بين نائب مدير جمعية حماية المستهلك الدكتور شقران الرشودي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الجمعية تتلقى الشكاوى بهذا الشأن وتوجهها إلى الجهات المختصة، موضحا أن مسؤولية ارتفاع اللحوم والخضراوات تقع على عاتق البلديات وهيئة الغذاء والدواء فيما تقع مسؤولية اللحوم الحية كالأغنام والإبل والأبقار على وزارة التجارة إضافة إلى وزارة الزراعة.
في هذا الجانب، يقول الدكتور إحسان بوحليقة، المحلل الاقتصادي ومدير «مركز جواثا للأبحاث»: «من الطبيعي أن تكون أسعار المواد الغذائية بأنواعها مرتفعة، خصوصا الخضراوات أواخر شعبان ومطلع شهر رمضان، وهذا الأمر يعود إلى عدم تعزز ثقافة الشراء المبكر للمواد الغذائية بأنواعها والخضراوات التي يمكن تبريدها، حيث إن شراء المواد الأساسية قبل وقت مبكر يغني بكل تأكيد عن الدخول في (مستنقع) الارتفاع المؤكد في الأيام الأولى من شهر رمضان، ولذا يتوجب أن تعزز الثقافة لدى المستهلك حتى لا يجري استغلاله من قبل التجار الذين يقوم كثير منهم بتخزين المواد ورفع سعرها واستغلال حاجة المستهلك الماسة لشرائها».
وأضاف: «مع الإشادة بالدور الكبير الذي تقوم به وزارة التجارة لحماية المستهلكين، إلا أنه يتوجب أن تقوم بدور أكثر فاعلية في شهر رمضان من حيث مراقبة الأسعار ومعاقبة الذين يستغلون حاجة المستهلك في هذه الفترة»، مشددا على «أهمية زرع الثقافة أولا في المستهلك لأنه هو المتضرر الأول من الارتفاع في الأسعار سواء للخضراوات أو غيرها، حيث إن التجار لا يرون رادعا لتصرفاتهم».
بدوره، أكد مصدر مسؤول بوزارة التجارة لـ«الشرق الأوسط»، رفض ذكر اسمه، أن «هذه الارتفاعات، خصوصا في الخضراوات، طبيعية، حيث يعتمد ذلك على العرض والطلب، وكما هو معروف أن العرض قليل نسبة للطلب في ظل تراجع خيارات الاستيراد للخضراوات لأن هناك دولا تعد من الموردين الأساسين تمر حاليا بظروف سياسية صعبة، كما أن حلول شهر رمضان في فترة تتوسط فترتي الإنتاج من الأسباب الرئيسة في الارتفاع، لكن كل المؤشرات تتجه نحو وجود انخفاض قريب في الأسعار قد يتجاوز 200 في المائة من الأسعار الحالية».
من جانبه، قال المهندس فهد البقعاوي، مدير مراقبة أسواق المنتجات الزراعية بأمانة الدمام شرق السعودية، إن الارتفاع الذي كانت عليه منذ فترة أسعار الخضراوات والفواكه على حد سواء ناتج عن انخفاض في المعروض، وإن هذا مما يجعل أسعارها مرتفعة لأن المعروض منها في الفترة الحالية أقل من المطلوب. وأضاف: «مع بدء المحصول المحلي تحديدا سيكون لذلك أثر على انخفاض أسعار المنتجات الزراعية في الشرقية تحديدا». وبين البقعاوي أن شهر رمضان المبارك يأتي هذا العام في ظروف حتمت ارتفاع الأسعار، و«لكن بكل تأكيد خلال أسابيع قليلة لن تتجاوز شهر أكتوبر (تشرين الثاني) المقبل، سيكون هناك انخفاض كبير جدا في الأسعار بعد أن يتوفر المعروض من المنتجات مع بدء الحصاد للمزارعين المحليين، ولكن في الوقت الحالي لا يمكن الجزم بانخفاض كبير في الأسعار ما دام العرض أقل من الطلب».
وارتفع سعر كيلوغرام الجزر إلى 13 ريالا، وأيضا ارتفع سعر الكوسة والباذنجان والقرنبيط الخيار وأنواع أخرى من الخضراوات من المكونات الأساسية للسلطات بأنواعها، حيث تضاعف سعرها أكثر من ثلاث مرات.
من جانبه، قال حسن عبد الله الناصر، أحد تجار الخضراوات والفواكه منذ أكثر من 25 عاما، إن الارتفاع في الأسعار غير مبرر في ظل الوفرة الموجودة، إلا أنه عدّ ذلك الأمر عادة.
وعلى المسار نفسه، ارتفعت أسعار اللحوم بأنواعها، سواء اللحوم الحمراء أو الدجاج، وحتى الأسماك، وذلك نتيجة كثرة الطلب رغم وفرة المعروض. كما أكد خليل الجاسم، مدير المحاجر الصحية بالمنطقة الشرقية، على وفرة رؤوس الأغنام والإبل وغيرها من اللحوم الحمراء. كما أن الدجاج متوافر، حسب تأكيدات مستثمرين في هذا المجال، من بينهم خالد الصويغ الذي أشار في الوقت ذاته إلى أن ارتفاع أجور الأيدي العاملة وتكاليفها أهم أسباب الارتفاع.
وعلى صعيد متصل، ارتفع مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة في السعودية لشهر مايو (أيار) الماضي بنسبة 2.7 في المائة وفقًا لسنة الأساس 2007، فيما بلغ مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لشهر مايو الماضي 129.5 نقطة مقابل 129.4 نقطة لشهر أبريل الذي سبقه، ليسجل زيادة عن مؤشر مايو بنسبة 0.1 في المائة. وقد أشارت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات إلى الارتفاع الذي شهدته ستة من الأقسام الرئيسة المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة في مؤشراتها القياسية، حيث ارتفع قسم النقل بنسبة 0.7 في المائة، وقسم الترويح والثقافة بنسبة 0.7 في المائة، وقسم المطاعم والفنادق بنسبة 0.5 في المائة، كما ارتفع قسم تأثيث وتجهيزات المنزل وصيانته بنسبة 0.2 في المائة، وقسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى 0.1 في المائة، وقسم الصحة بالنسبة ذاتها.
ارتفاع أسعار الخضراوات واللحوم مجددا.. والوزارات المختصة تبرئ ساحتها
في دورة سنوية تتصاعد خلال رمضان
ارتفاع أسعار الخضراوات واللحوم مجددا.. والوزارات المختصة تبرئ ساحتها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة