يتجه حزب المحافظين برئاسة رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إلى تحقيق نتائج «مرضية»، جاءت أفضل مما كان متوقعاً في الانتخابات المحلية التي جرت في إنجلترا، أول من أمس، بحسب الأرقام الأولى المتوافرة التي تظهر أيضاً تقدماً ضعيفاً للمعارضة العمالية.
وقال جوناثان كار - ويست، المحلل في مركز الأبحاث «الديمقراطية المحلية»، «لم نشهد سوى تغير بعض المجالس المحلية في هذه المرحلة من النتائج، لكن في الوقت الراهن تبدو الأمور بالنسبة للمحافظين أفضل مما كان متوقعاً، فيما لم تصل نتائج العماليين إلى مستوى التوقعات»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
وتعتبر هذه الانتخابات لتجديد المجالس المحلية معقدة بالنسبة للحزب الحاكم عادة، وكانت تيريزا ماي تواجه مخاطر شديدة بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في 2017، والتي خسرت فيها غالبيتها المطلقة، ونظراً للانقسامات في صفوف حزب المحافظين حول «بريكست».
وبحسب النتائج المتوافرة حتى وقت كتابة هذا التقرير، التي شملت نحو ثلثي الخريطة الانتخابية، فإن المحافظين فازوا بـ811 مقعداً في المجالس المحلية، مقابل 1302 للعماليين بزعامة جيريمي كوربن. لكن المحافظين تمكنوا خصوصاً من الحفاظ على معاقلهم التاريخية في العاصمة لندن، التي صوتت ضد «بريكست» في 2016، وانتخبت رئيس بلدية عمالياً هو صديق خان عام 2016، وكانت تبدو على استعداد لتقديم المزيد من المكاسب للعماليين.
واحتفظ المحافظون أيضاً بدوائر ويستمنستر وواندسوورث، لكن أيضاً في كينسنغتون وتشيلسي، حيث كانت التوقعات تشير إلى احتمال أن يدفعوا ثمن حريق برج غرينفل الذي أوقع 71 قتيلاً في يونيو (حزيران) 2017، وحملهم الناجون مسؤوليته.
كما احتفظ المحافظون بمجالسهم في بارنت شمال العاصمة، حيث كان يأمل العماليون في الفوز بها. وقد يكون ناخبو هذه الدائرة، حيث تقيم مجموعة يهودية كبرى، قرروا معاقبة العماليين إثر اتهامات مفادها أن جيريمي كوربن قد يكون سمح بانتشار معاداة السامية داخل صفوف الحزب.
وقال رئيس حزب المحافظين، براندون لويس، لشبكة «سكاي نيوز»: «لقد كان أداؤنا أفضل مما كان متوقعاً»، مضيفاً: «حزب العمال الذي كان يظن أن بإمكانه الفوز بكل شيء في لندن لم يفز حتى الآن إلا بدائرة واحدة إضافية».
في المقابل، خسر المحافظون مجلسهم في ترافورد قرب مانشستر (شمال غربي إنجلترا)، وبلايموث في جنوب غربي البلاد. من جانب آخر أظهرت النتائج الأولية انهياراً لحزب يوكيب (- 44 مقعداً)، الحزب المناهض لأوروبا والمعارض للهجرة الذي كان يواجه تراجعاً منذ قرار البريطانيين مغادرة الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء العام 2016 الذي حرمه من أبرز سبب وجوده.
وتمكن الليبراليون الديمقراطيون أيضاً من الفوز بمقاعد في ريتشموند جنوب غربي لندن، على حساب المحافظين. وكان يجري التنافس على أكثر من 4300 مقعد في نحو 150 مجلساً محلياً في بريطانيا، خصوصاً في المدن الرئيسية مثل لندن ومانشستر وليدز ونيوكاسل. وبعض المجالس المكلفة، خصوصاً مسائل التعليم وإدارة النفايات، يجري تجديدها بكاملها، وأخرى يجدد ثلث أعضائها أو نصفها فقط.
وجرت هذه الانتخابات الخميس بعد أيام فقط على استقالة وزيرة الداخلية إمبر راد المفاجئة، إثر فضيحة بخصوص معاملة المهاجرين من أصل كاريبي الذين وصلوا إلى بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية. وكانت مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المرتقب في نهاية مارس (آذار) 2019 حاضرة في خلفية هذه الانتخابات المحلية.
في سياق منفصل، واستعداداً لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى لندن، طالب أعضاء محافظون في مجلس اللوردات البريطاني بإفساح المجال أمام الرئيس لإلقاء خطاب أمام البرلمان خلال زيارته المرتقبة في 14 يوليو (تموز) المقبل، على الرغم من معارضة رئيس مجلس العموم على ما يبدو لتوجيه دعوة بهذا الخصوص، بحسب ما أوردت تقارير صحافية.
وصرّح اللورد باتريك كورماك، وهو من المحافظين، بأن زعيم «أهم دولة حليفة لنا» يجب أن يُسمح له بإلقاء كلمة أمام البرلمان. وأضاف كورماك لصحيفة «ذي إندبندنت» أن «رأيي الشخصي به ليس مهماً أبداً، وعلينا أن نفسح أمامه المجال للتحدث أمام مجلسي البرلمان».
ويقوم ترمب في يوليو بزيارة عمل إلى بريطانيا، حيث يتوقع أن تنتظره في لندن مظاهرات احتجاجية حادة. وكان رئيس مجلس العموم، جون بيركو، قد أعرب العام الماضي عن «معارضته الشديدة» للسماح لترمب بإلقاء كلمة أمام البرلمان، معلّلاً ذلك بـ«الموقف المناوئ للعنصرية والتمييز الجنسي»، وبأن إلقاء كلمة أمام البرلمان البريطاني شرف يجب «اكتسابه».
وأشارت تقارير إلى إمكان أن يلقي ترمب كلمته في القاعة الملكية التي تستخدم في مناسبات خاصة، وذلك على غرار الرئيسين الأميركيين الأسبقين بيل كلينتون ورونالد ريغان. من جانبه، قال نورمان فولر، رئيس مجلس اللوردات، إنه منذ تولى منصبه في العام 2016 استقبل في البرلمان ملك إسبانيا ورئيس كولومبيا. وأضاف، في بيان، إثر تقارير الخميس: «لم تحصل مباحثات بين مجلس اللوردات وبين الحكومة البريطانية بشأن زيارة الرئيس ترمب إلى القاعة الملكية». وتابع أن «أي طلب له للتحدث في القاعة الملكية سيبحث عند تلقيه، وإذا تم إرساله»، موضحاً أن «الولايات المتحدة حليفة وصديقة لبريطانيا منذ فترة طويلة».
وأُجلت زيارة ترمب عدة مرات وسط سلسلة خلافات دبلوماسية، ومخاوف من أن تشهد حركات احتجاج كبرى.
وكانت رئيسة الوزراء تيريزا ماي دعت ترمب في يناير (كانون الثاني) 2017 إلى القيام بزيارة دولة إلى بريطانيا، ما عرضها لانتقادات عدة إلا أن مصدراً حكومياً أشار إلى أن الدعوة لا تزال قائمة.
ودعا أعضاء في البرلمان ماي إلى سحب الدعوة، بينما أعرب العديد من الأشخاص عن نيّتهم التظاهر بأعداد قياسية. ووقّع نحو 1.9 مليون شخص عريضة تطالب بألا تكون زيارة ترمب زيارة دولة.
وتعوّل بريطانيا كثيراً على الحليف الأميركي لما بعد «بريكست»، وتأمل في توقيع اتفاق تجاري كبير مع الولايات المتحدة. وعلى الأرجح سيتم التطرق إلى هذا الموضوع خلال المحادثات التي سيجريها ترمب مع ماي، في حين تتفاوض لندن مع بروكسل حول سبل انسحابها من الاتحاد الأوروبي.
المحافظون يحققون نتائج مرضية في الانتخابات المحلية الإنجليزية
مكاسب المعارضة العمالية جاءت أقل من المتوقع رغم أزمات ماي
المحافظون يحققون نتائج مرضية في الانتخابات المحلية الإنجليزية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة