شاشة الناقد

«المنتقمون: حرب أبدية»
«المنتقمون: حرب أبدية»
TT

شاشة الناقد

«المنتقمون: حرب أبدية»
«المنتقمون: حرب أبدية»

Avengers‪:‬ Infinity War
إخراج: جو روسو، أنطوني روسو‬
فانتازيا | الولايات المتحدة - 2018
تقييم:

مثل «ذا بلاك بانثر»، الذي قدر له أن يكون الفيلم الأول الذي يشهد عروضه السعودية الحديثة، يعتمد الإعجاب لفيلم «المنتقمون: حرب أبدية» على إذا ما كنت تحب سينما اليوم أو تحن إلى سينما الأمس. ليس أي سينما من سينمات الأمس، بل لتلك التي تداعب الذهن وتمتع العين وتدغدغ الوجدان.
هذا الفيلم ليس من بينها، وهذا ليس خافياً، لكن مخرجيه يجيدان صنعتهما أكثر من إجادة الكثير من مخرجي أفلام مماثلة احتلت شاشاتنا في الخمس عشرة سنة الأخيرة. أفضل من أي شيء حققه زاك سنايدر وأفضل من أفلام جون فافريو (التي بدأها بـIron Man)، لكنه أقل إجادة من أي فيلم أنجزه كريستوفر نولان خصوصاً ثلاثية «باتمان» التي بدأها سنة 2005.
هناك صورة منشورة لحشد من الممثلين الذين يؤدون أدواراً أولى في هذا الفيلم الجديد نلحظ فيها أن سكارلت جوهانسن تبدو كما لو أنها تحاول قراءة السيناريو عن بعد. تلعب بالطبع شخصية Black Widow إحدى وجوه هذا المسلسل الآتي، كسواه، من صفحات مجلات الكوميكس. وهي واحدة من ست عشرة شخصية بطولية قامت شركة Marvel بجمعها من مختلف وديانها لتنقذ الأرض والكون حولها وجيرانها من الكواكب السيارة منها والثابتة. مهمّة مستحيلة لا يمكن تحقيقها إلا في فيلم كهذا، ولا تحقيقها جيداً إلا في فيلم من صنع أساتذة في كل ركن من أركان العمل السينمائي صوتاً وصورة وتقنيات (لذلك هو فيلم بثلاث نجوم).
وهو فيلم ضخم بلا ريب. ساعتان ونصف من المعارك الفضائية والشخصيات البطولية والمواقف الحاسمة. ساعتان ونصف، أيضاً، من انشغال العين بلمعان الشاشة بالمؤثرات البصرية والأذن بالموسيقى الصادحة (وضعها الآن سيلفستري).
والتمثيل، غالباً ما ينضوي على تقليص الدراما إلى عناوين تشبه إعلانات التلفزيون. لجانب سكارلت لدينا روبرت داوني جونيور (آيرون مان) وكريس همسوورث (ثور) ومارك روفالو (ذا هَلْك) وفالكون (أنطوني ماكي) وشادويك بوزمان (بلاك بانثر) وتوم هولاند (سبايدر - مان) لجانب كريس إيفنز وبنديكت كمبرباتش وإليزابث أولسن وبول بتياني وكل واحد، وسواهم، لديه نافذة صغيرة يطل منها ويبرهن عن جدارته في منع الشرير جوش برولين من الحصول على ستة أحجار كريمة من يجمعها سيسيطر على مقادير الكون لأن كل حجر منها يتمتع بقوّة مختلفة. كون برولين الشرير الأول في مواجهة أكثر من دزينة ونصف من «الأبطال» يمنحه تميّزاً لا يُتاح لهم. بعضهم متوارٍ وبعضهم الآخر يحاول أن يقرأ السيناريو من جديد! وسط ذلك، يتسنى للفيلم، بفضل براعة كتابته، توظيف ذاتية كل ممثل والتنافس التحتي بينه وسواه للخروج ببعض الضحكات التي تنضم إلى خضم الترفيه.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.