المغرب يدعو إلى معالجة الأسباب الجذرية للهجرة

خلال المؤتمر الأورو - أفريقي حول الهجرة والتنمية المنعقد في مراكش

TT

المغرب يدعو إلى معالجة الأسباب الجذرية للهجرة

قال ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، إن التعاون في مجال الهجرة، على الرغم من أهميته، هو أكثر من مجرد سيطرة على الحدود، ومكافحة الشبكات الإجرامية المتخصصة في التهريب، بل يجب أن يترجم إلى تضامن فعال يضع القارة الأفريقية في صلب أي مبادرة تتعلق بالهجرة.
وأشار بوريطة، الذي كان يتحدث أمس في المؤتمر الوزاري للحوار الأورو - أفريقي حول الهجرة والتنمية، المنعقد بمراكش، إلى أن «المغرب لديه قناعة بأن مسألة الهجرة غنية جداً، بحيث لا يمكن ربطها فقط بالهجرة غير الشرعية، وهي من التعقيد بدرجة لا يمكن اختزالها في التصورات النمطية عن المهاجرين»، موضحاً أن المغرب وضع على مدى السنوات الخمس الماضية سياسة وطنية للهجرة واللجوء، تعزز اندماج المهاجرين، وسمحت بإطلاق حملتين لتسوية أوضاع المهاجرين، انتهت المرحلة الأخيرة منها بتسجيل 28400 طلب، 95 في المائة منهم من مواطني البلدان الأفريقية الشقيقة، مشدداً في هذا الصدد على أن المغرب تحول نحو الدفاع عن أولويات القارة الأفريقية.
وأبرز بوريطة أن تفويض الاتحاد الأفريقي قضايا الهجرة إلى الملك محمد السادس يعكس هذا الالتزام، مذكراً بعرض الأجندة الأفريقية للهجرة خلال القمة الـ30 لرؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الأفريقي، الذي عده «تتويجاً لنهج يجعل من الهجرة أداة للتنمية المشتركة، وأداة للتضامن وركناً من أركان التعاون بين بلدان الجنوب».
كما أوضح الوزير المغربي أن اقتراح إنشاء مرصد أفريقي للهجرة، تحت إشراف منظمة الاتحاد الأفريقي، يعد إحدى المبادرات الأساسية التي وردت في الأجندة الأفريقية للهجرة، على اعتبار أن المرصد يهدف إلى تطوير وجمع وتحليل وتبادل البيانات بين البلدان الأفريقية، وبالتالي تعزيز الحكامة في مجال الهجرة الأفريقية.
وأضاف بوريطة أن التزام المغرب بقضية الهجرة تتوج في عام 2018 بعقد ثلاثة اجتماعات دولية رئيسية في المغرب، بالإضافة إلى اجتماع أمس، كما سيحتضن المغرب الدورة 11 من المنتدى العالمي للهجرة والتنمية من 5 إلى 7 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ومؤتمراً حول الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة، الذي سيعقد يومي 10 و11 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حيث سيصبح المغرب المتحدث الرسمي باسم القارة الأفريقية، مشيراً إلى أن التزام المملكة بقضايا الهجرة جزء من جهوده في تعزيز السلام والاستقرار والتنمية في القارة.
وخلال المؤتمر دعا بوريطة إلى معالجة الأسباب الجذرية للهجرة، و«اعتبار أن الهجرة لم تعد مؤقتة، بل ظاهرة دائمة»، فضلاً عن التحول الذي حدث، بحيث أصبحت بلدان العبور بلدان استقبال، لافتاً إلى «الحساسية السياسية لقضية الهجرة، واستغلالها من طرف المتطرفين، مما يولد العنصرية وكراهية الأجانب وجميع أشكال التمييز»، كما نبه إلى المخاطر التي تنجم عن «عسكرة الحدود» التي تشجع الهجرة غير النظامية، وانتشار شبكات استغلال وتهريب المهاجرين.
وخلص بوريطة إلى أن عملية تطوير واعتماد الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والنظامية، تمثل على المستوى الدولي نقطة تحول رئيسية، وفرصة تاريخية لإصلاح الحكامة العالمية للهجرة.
ويشارك في المؤتمر وزراء الخارجية والداخلية لحوالي 60 بلداً، وممثلو منظمات أممية ودبلوماسيون دوليون، إلى جانب شركاء الحوار الأورو - أفريقي حول الهجرة والتنمية. ويسعى إلى «إعادة التفكير في الحوار وتحديد أولوياته للفترة 2018 – 2020 مع متابعة الالتزامات السياسية للبلدان الشريكة في شمال وغرب ووسط أفريقيا ودول أوروبا، التي تم اتخاذها في 2006 من أجل بناء مقاربة شاملة متوازنة ومتفق عليها بخصوص تدبير قضية الهجرة».
وستتوج أشغال هذا المؤتمر، المعروف أيضاً، بـ«مسلسل الرباط»، بتبني إعلان مراكش ومخطط عمل مراكش.
وكان المؤتمر الوزاري الأورو - أفريقي الأول حول الهجرة والتنمية قد انعقد سنة 2006 بالرباط، في حين نظمت الدورات الثلاث الأخرى، على التوالي، بباريس (2008) ودكار (2011) وروما (2014).


مقالات ذات صلة

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين غرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

سلطات طرابلس تضبط 40 باكستانياً قبل تهريبهم إلى أوروبا

يقول «جهاز دعم الاستقرار» الليبي بطرابلس إنه «تم جلب هؤلاء المهاجرين عبر تشكيل عصابي دولي يتقاضى 20 ألف دولار أميركي من كل مهاجر مقابل إرساله إلى ليبيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي قوات بحرية مصرية تحبط محاولة هجرة غير شرعية لمركب بالبحر المتوسط (المتحدث العسكري)

الجيش المصري يحبط محاولة هجرة غير شرعية عبر البحر المتوسط

أعلن الجيش المصري، الاثنين، تمكنه من إحباط محاولة هجرة غير شرعية لمركب على متنه 63 فرداً، بينهم 3 سودانيين، بالبحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من ترحيل السلطات الليبية عدداً من المهاجرين المصريين (جهاز مكافحة الهجرة)

الإعلان عن «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة بشرق ليبيا

قالت سلطات أمنية بشرق ليبيا إنها نجحت في «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة في عملية وصفتها بـ«المُحكمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا قوات بحرية إسبانية تعترض قارب مهاجرين غير نظاميين انطلق من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

«رغم المسافة الكبيرة التي تفصل موريتانيا عن باكستان، والتي تقدر بنحو 7700 كيلومتر، فإنها أصبحت وجهة للمهاجرين الآسيويين».

الشيخ محمد (نواكشوط)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.