ألمانيا تسلح جيشها من أجل مهمات مقبلة

تزيد ميزانية الدفاع لتتناسب مع مطالب «الناتو» وواشنطن

وزيرة الدفاع أورسولا فون دير لاين (يمين) خلال زيارة لأستراليا أعلنت قبل أيام عن تعزيز قدرات الجيش الألماني عبر شراء المزيد من الأسلحة والمعدات (إ.ب.أ)
وزيرة الدفاع أورسولا فون دير لاين (يمين) خلال زيارة لأستراليا أعلنت قبل أيام عن تعزيز قدرات الجيش الألماني عبر شراء المزيد من الأسلحة والمعدات (إ.ب.أ)
TT

ألمانيا تسلح جيشها من أجل مهمات مقبلة

وزيرة الدفاع أورسولا فون دير لاين (يمين) خلال زيارة لأستراليا أعلنت قبل أيام عن تعزيز قدرات الجيش الألماني عبر شراء المزيد من الأسلحة والمعدات (إ.ب.أ)
وزيرة الدفاع أورسولا فون دير لاين (يمين) خلال زيارة لأستراليا أعلنت قبل أيام عن تعزيز قدرات الجيش الألماني عبر شراء المزيد من الأسلحة والمعدات (إ.ب.أ)

مع الاحتفال بيوم الجيش الألماني يوم 11 يونيو (حزيران) قبل سنتين، أعلنت المستشارة أنجيلا ميركل عن زيادة في الميزانية العسكرية قالت إنها المرة الأولى التي تتجاوز فيها الحكومات الألمانية المتعاقبة، نسبة 1.2 في المائة من إجمالي الإنتاج الوطني الألماني منذ ربع قرن. وقالت ميركل إنها ستعمل على تحقيق طموح حلف شمال الأطلسي (الناتو) الداعي إلى رفع نسبة مخصصات جيوش بلدان الحلف إلى 2 في المائة من إجمالي الإنتاج الوطني. وسبق للمستشارة قبل أشهر أن أعلنت عن رفع المخصصات العسكرية في الميزانية العامة من 39.2 مليار إلى 43.32 مليار يورو حتى عام 2020.
وبررت ميركل الزيادة حينها بالمخاطر والتهديدات الجديدة المتمثلة بالإرهاب وبمشاعر القلق السائدة بين دول أوروبا الشرقية خشية التوسع الروسي. وقالت إن ألمانيا لن تقبل باستيلاء روسيا الاتحادية على جزيرة القرم واستمرار سياستها الرامية لزعزعة استقرار شرق أوكرانيا.
وقبل أيام فقط أعلنت وزيرة الدفاع أورسولا فون دير لاين عن تعزيز قدرات الجيش الألماني عبر شراء المزيد من الأسلحة والمعدات. وأشارت وزارة الدفاع الألمانية إلى أن الغرض من هذه التعزيزات ليس التصعيد العسكري في أوروبا، وعلى المستوى العالمي، وإنما تأهيل الجيش الألماني للقيام بمهماته السلمية والإنسانية. وجرى حديث الوزيرة فون دير لاين، من الحزب الديمقراطي المسيحي، عن 18 اتفاقية لتسليح القوات العكسرية الألمانية قيمة كل منها نحو 24 مليون يورو. وهذا يعني أن المبلغ المخصص لهذه الدفعة الأولى من التعزيزات سترتفع إلى 450 مليون يورو في هذه السنة. وتضاف إلى هذه الصفقات صفقة تأجير طائرت إسرائيلة بلا طيار (درون) قيمتها ثلاثة مليارات يورو، بحسب مصادر صحيفة «هاندلزبلات» اليومية. هذا إلى جانب شراء 18 راجمة صواريخ وسبع طائرات إنقاذ هيليكوبتر و6 طائرات نقل عسكري من طراز «هرقل»، إضافة إلى أنظمة أسلحة متقدمة. وبعد التصدي الحكومي الظاهر، قبل إرساء التحالف الحكومي الأخير، للتقارير الصحافية التي تتحدث عن نواقص جادة في تسليح وإعداد الجيش الألماني تعيق خططه للاضطلاع بقيادة حلف الناتو في شرق أوروبا، في مواجهة الدب الروسي، صارت الحكومة اليوم تتحدث عن ضرورة ردم هذه الثغرات. ومن هذا المنطلق أشاد هانز - بيتر بارتلز مفوض شؤون الدفاع في البرلمان الألماني «البوندستاغ» بمشروعات الوزيرة فون دير لاين لشراء أسلحة جديدة للجيش الألماني. وقال بارتلز في تصريحات خاصة لصحيفة: «راين - نيكر - تسايتونج» الألمانية في عددها الصادر أمس الثلاثاء: «لا بد من التغلب على ثغرات التسلح الضخمة. ويسري ذلك بدءا من الملابس القتالية للجنود والمجندات، وصولاً إلى توفير ناقلات جند مدرعة وطائرات نقل ومروحيات حديثة وصالحة للاستخدام». وأضاف قائلاً: «لا بد من جعل الأولوية في البداية للأشياء التي يمكن توفيرها بسرعة»، وذكر مثالاً على ذلك بالدروع الواقية في تدريبات الرماية.
وكان هانز - بيتر بارتلز، تحدث عن اضطلاع ألمانيا بمسؤولية أكبر في النشاط العسكري الأروبي، بعد قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد. وكان متحدث باسم الوزارة أكد أن البرلمان الألماني تلقى بالفعل في شهر فبراير (شباط) الماضي قائمة تضم مشروعات شراء متعددة، إلا أنه لم يتطرق إلى أي تفاصيل.
واقع الحال أن الحكومة الألمانية نفت تقريراً صحافياً قبل أشهر يتحدث عن نواقص جدية في تجهيز وإعداد الجيش الألماني لا تؤهله إلى قيادة عمليات الإنزال السريع لحلف شمال الأطلسي المخطط لها مطلع العام المقبل في شرق أوروبا. وقال المصدر الحكومي إن الجيش يمر بـ«مرحلة التحضيرات».
وذكر ينز فلوسدورف، المتحدث باسم وزارة الدفاع، أن وحدات القوات المسلحة مؤهلة للنهوض بمهماتها في شرق أوروبا، وأنها تمر حالياً في مرحلة التحضير والتجهيز. وأكد أنه سيتم تدقيق التجهيزات ومعرفة النواقص وكيفية تفاديها. وحسب هذه التقارير الصحافية تعاني القوات المسلحة من «نقص القدرة» في مجال إيواء الأفراد تستمر إلى 2021. ويحتاج الجيش في الفترة بين 2018 و2020، أي في فترة قيادة عمليات الإنزال السريع في أوروبا الشرقية، إلى 10 آلاف وحدة إيواء إضافية، لكن ما يتوفر حالياً لا يزيد على 2500 وحدة. كما تحدث التقرير عن «ثغرة تجهيز» في مجال البدلات العسكرية والصدريات المضادة للرصاص. وربما يشير تقدير بارتلز، من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، إلى موافقة ضمنية لحزبه، الحليف في حكومة ميركل، على زيادة مخصصات الجيش ورفع ميزانيته. ومعروف أن الاشتراكيين، خلال مفاوضات التحالف الحكومي، رفضوا طلب مقترح رفع الميزانية العسكرية إلى 2 في المائة من إجمالي الإنتاج الوطني الذي قدمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وثبت الحزبان الحليفان في حكومة ميركل إمكانية وضع 250 مليون يورو إضافية تحت تصرف الجيش الألماني في اتفاقية التحالف. وواضح أن ما تقترحه الوزيرة فون دير لاين لهذا العام (450 مليوناً) يتجاوز ذلك الحد. يبقى أن تقر حكومة التحالف هذه المقترحات الجديدة في مجال التسلح. كما ينتظر أن يقر البرلمان الألماني الميزانية العامة الجديدة، وحصة الميزانية العسكرية فيها، في اجتماع مخصص لذلك في نهاية هذا الشهر. بعض الصحف الألمانية ربطت بين صفقات السلاح الجديدة واحتمال حلول قوات فرنسية - ألمانية محل الأميركية عند انسحاب الأخيرة من مناطق الأكراد في الشمال السوري. واستشهدت هذه التقارير بإعلان فرنسا سلفاً عن استعدادها لتعويض الانسحاب الأميركي بقوات فرنسية. ومن غير المحتمل أن تواجه المقترحات الجديدة بالاعتراض داخل التحالف الحاكم، طالما أن الجميع متفقون على ضرورة سد الثغرات في تسليح وتدريب الجيش الألماني.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.