طوارئ في صنعاء وفرض للحداد غداة إعلان مقتل الصماد

ترجيحات بوقوف إيران خلف تعيين المشاط رئيساً جديداً لمجلس الانقلابيين

يمنيون في سوق بصنعاء أمس غداة الإعلان عن مقتل القيادي الحوثي الصماد (إ.ب.أ)
يمنيون في سوق بصنعاء أمس غداة الإعلان عن مقتل القيادي الحوثي الصماد (إ.ب.أ)
TT

طوارئ في صنعاء وفرض للحداد غداة إعلان مقتل الصماد

يمنيون في سوق بصنعاء أمس غداة الإعلان عن مقتل القيادي الحوثي الصماد (إ.ب.أ)
يمنيون في سوق بصنعاء أمس غداة الإعلان عن مقتل القيادي الحوثي الصماد (إ.ب.أ)

كثفت جماعة الحوثي الانقلابية نشر مسلحيها في صنعاء أمس غداة الإعلان عن مقتل رئيس المجلس السياسي التابع لها، في مؤشر على توتر شديد لدى الجماعة، خصوصاً بعد تواتر الأنباء عن تسبب اختراق في القيادات الحوثية في قتل الرجل الثاني في منظومة الانقلابيين.
وذكرت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه تم تسجيل انتشار كثيف للمسلحين واستحداث مناطق أمنية جديدة في كثير من الأحياء في صنعاء وذمار لتفتيش المارة غدة الإعلان عن مقتل صالح الصماد بغارة لتحالف دعم الشرعية الخميس الماضي.
وعزا مسؤول في الحكومة الشرعية اليمنية، تأخر الحوثيين في الإعلان عن مقتل صالح أياماً عدة إلى خلافات بين قياداتهم التي رفضت تولي هذا المنصب خوفاً على حياتهم بعد استهداف الصماد. وقال راجح بادي المتحدث الرسمي للحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»: «الحوثيون تعمدوا تأخير إعلان خبر مقتل الصماد أياماً عدة، وهو ما يدل على وجود خلافات كبيرة فيما بينهم لمن يخلف الصماد، فقيادات الحركة لم تعد تأمن ما سيحدث لها بعد استهداف الرجل الأساسي في منظومتهم، لا سيما أن الحركة تشهد حالة من الانقسام في تماسكها وتراجعا حاداً في شعبيتها على الأرض بين المواطنين». وأوضح أن التاريخ السياسي لمهدي المشاط الذي خلف الصماد لا يتضمن سوى أنه كان مديراً لمكتب عبد الملك الحوثي.
وبيّن أن السياسيين الذين تعاملوا مع المشاط في فترة المشاورات التي كانت تجري في فندق «موفنبيك» عندما كان الرئيس عبد ربه منصور هادي تحت الإقامة الجبرية مع الحكومة في صنعاء، وأيضا المشاركين في المشاورات التي رعتها الأمم المتحدة في دولة الكويت واستمرت قرابة 90 يوماً، جميعهم يعلمون أنه شخصية متهورة لا تتمتع بأي حضور سياسي أو قبلي أو اجتماعي، وهو ما يؤكد أن الحركة في أزمة وصفوفها غير متماسكة.
بدوره، كشف العميد ركن عبده مجلي الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الغارة الجوية التي استهدفت الصماد جاءت نتيجة عملية استخباراتية دقيقة، واختراق صفوف القيادات الحوثية. وأكد أن الميليشيات الانقلابية تلقت بمقتل الصماد ضربة موجعة، وأكدت لهم أن أجهزتهم الاستخباراتية مخترقة وأن التحالف العربي والجيش الوطني قادر على تتبع قادة ميليشياتهم في أي مكان. وتطرق الناطق الرسمي للجيش الوطني إلى أن الانتصارات التي حققها الجيش الوطني بدعم وإسناد التحالف العربي، وقتل الرجل الثاني في منظومة الانقلابيين بغارة جوية للتحالف أحبط معنويات الحوثيين وقسم صفوفهم وأثار شكوكاً فيما بينهم حول تسريب المعلومات وأدى لنشوب كثير من الخلافات بينهم لعدم الثقة والاتهام بالخيانة.
وشددت جماعة الحوثي إجراءات الأمن ونشرت في شوارع صنعاء مئات الحواجز الأمنية، كما فرضت مظاهر الحداد على رئيسها القتيل الصماد بالقوة في جميع المؤسسات الحكومية بالتزامن مع إجبار الإذاعات المحلية الخاصة على التوقف عن برامجها المعتادة لمشاركة الجماعة مظاهر الحداد والحزن. وفي الوقت الذي خيمت حالة من الترقب على العاصمة صنعاء بدأ أغلب السكان في حالة من الارتياح لمقتل الصماد على الرغم من عدم استطاعتهم المجاهرة بهذه المشاعر التي ولدها سقوط الرجل الثاني في سلم الهرم القيادي للميليشيات الانقلابية.
وكانت الجماعة اعترفت رسميا أول من أمس بمقتل رئيس مجلسها الانقلابي الصماد جراء غارة لطيران التحالف العربي استهدفته ظهر الخميس الماضي أثناء وجوده في مدينة الحديدة التي كان وصلها في سياق مساعيه لتحشيد المقاتلين وحض سكان المحافظة على الالتحاق بصفوف الميليشيات للدفاع عنها أمام قوات الجيش والمقاومة الوطنية التي تتأهب لاستعادتها مع مينائها الاستراتيجي. وكان زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي، ظهر في شكل مقتضب على «قناة المسيرة» التابعة لجماعته بعد اعترافها بمقتل الصماد أول من أمس وتنصيب القيادي مهدي المشاط خلفا له، معددا مناقب رئيس مجلسه الانقلابي، ومتوعدا بالتصعيد الانتقامي من أجله. وفي بيان النعي الذي نسبته الجماعة إلى ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى» قررت الجماعة إعلان الحداد ثلاثة أيام على مقتل الصماد وتنكيس الأعلام 40 يوما، وهو الأمر الذي سخر منه الناشطون اليمنيون، لجهة أن هذا الإجراء البرتوكولي - على حد تعبيرهم - لا يكون إلا من أجل وفاة قادة الدول الشرعيين، وهو ما لا ينطبق على حالة الصماد الذي يراه اليمنيون والعالم أجمع مجرد عضو قيادي في عصابة مسلحة انقلبت على السلطة الشرعية تنفيذا لأجندة إيرانية.
وفي سياق شرعنة الجماعة الانقلابية لتولي المشاط المنصب، أجبرت النواب الخاضعين لقبضتها في صنعاء على اجتماع أمس حضره عدد محدود منهم لمباركة تنصيبه خلفا للصماد، بحسب ما أفادت به مصادر برلمانية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط».
وعلى الرغم من أن زعيم الميليشيات حسم عملية التنافس بين القيادات على خلافة الصماد بمنح الثقة لصهره المشاط، فإن مصادر مطلعة على طبيعة الصراع بين أجنحة الجماعة أفادت لـ«الشرق الأوسط» بأن حالة من عدم الرضا عن القرار عبر عنها عدد من قيادات الجماعة بخاصة لدى كل من محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة، وعمه الآخر عبد الكريم الحوثي، اللذين كانا يخوضان صراعا غير معلن مع الصماد لإطاحته، وتولي أحدهما المنصب التنفيذي الأول في هيكلية مجلس حكم الانقلاب.
وفي ظل تضارب في المعلومات حول مصير عدد من قادة الجماعة الذين تداولت بعض المصادر المحلية مصرعهم رفقة الصماد، اعترف زعيم الميليشيات بأن ستة عناصر فقط من مرافقي الصماد هم الذين لقوا مصيره في ثلاث ضربات جوية قال إنها استهدفتهم بعد عودتهم من اجتماع عقد الخميس في جامعة الحديدة. ورجحت لـ«الشرق الأوسط» مصادر قريبة من الجماعة في صنعاء، عدم سقوط أي من القيادات المعتبرة إلى جانب الصماد، إلا أنها لم تستبعد أن يكون بعضهم قد قتل في عملية منفصلة لطيران التحالف العربي في موقع آخر، ولم تشأ الجماعة إعلان مقتلهم حرصا على معنويات عناصرها. وتعقيبا على قرار الميليشيات الحوثية الدفع بالقيادي مهدي المشاط على رأس مجلسها الانقلابي، ذهب كثير من المراقبين إلى وصف هذه الخطوة بأنها دليل إضافي على عدم رغبة الجماعة في إحلال السلام وإنهاء الانقلاب استجابة لمساعي الأمم المتحدة وضغوط المجتمع الدولي، لجهة ما يمثله المشاط من سلوك عدواني متطرف ومواقف سياسية متشددة عكستها حوادث سابقة أثناء جولات التفاوض بين ممثلي الجماعة وأطراف الحكومة الشرعية.
كما عد مراقبون في صنعاء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» تعيين المشاط خلفا للصماد، نذيرا بتصعيد مرتقب على صعيد الانتهاكات الحوثية وإجراءت القمع ضد المعارضين بخاصة في حق عناصر حزب «المؤتمر الشعبي» الموالين للرئيس الراحل علي عبد الله صالح.
وأعاد الناشطون اليمنيون منذ تعيين المشاط، رئيسا لميليشيات الحوثي، ترديد عبارة شهيرة، كان أطلقها السياسي المخضرم والقيادي في حزب الرئيس السابق، عبد الكريم الإرياني، قبل وفاته التي أعقبت الانقلاب الحوثي بأشهر قليلة، وذلك في معرض توصيفه لسوداوية الواقع اليمني الذي أصبح عليه في ظل انقلاب ميليشيات الحوثي.
وتقول العبارة التي كان أوردها الإرياني في آخر تصريحاته الرسمية وهو يشغل منصب المستشار السياسي عبد ربه منصور هادي: «إذا أراد الله أن يغضب على شخص أمد في عمره حتى يجد نفسه يحاور مهدي المشاط». في إشارة فهم منها السلوك الهمجي للقيادي الحوثي الذي لا يفقه شيئا في السياسة ولا في الاحترام، باستثناء التعبير عن فكره الطائفي وتصرفاته العدائية المستندة إلى منطق السلاح.
وإلى جانب علاقة المصاهرة مع زعيم الميليشيات الحوثية، والانتماء إلى سلالته، رجح المراقبون لـ«الشرق الأوسط» أن تعيينه خلفا للصماد جاء تنفيذا لإرادة إيرانية، لجهة ولائه الشديد لطهران وأفكارها «الخمينية» التي كان تلقاها عبر سنوات من الدراسة الطائفية والدورات المذهبية في حوزاتها المتطرفة.
ويستند المراقبون إلى أن حداثة سن المشاط الثلاثيني وقلة خبرته إضافة إلى سلوكه العدائي، كلها لا تؤهله ليكون واجهة سياسية للجماعة في ظل وجود قيادات أخرى أكثر قبولا وأمضى تجربة، لولا الرغبة الإيرانية التي تراهن على ولاء المشاط وتهوره وعنفه لإجهاض أي مساع للسلام وإنهاء الحرب والانقلاب. وهي الرغية الإيرانية نفسها، بحسب المراقبين، التي دفعت الحوثي، لتعيين صهره المشاط ومدير مكتبه عضوا في مجلسه الانقلابي المعروف بالمجلس السياسي الأعلى، خلفا للقيادي يوسف الفيشي في مايو (أيار) 2017. وذلك بعد نحو عام من تشكيل كيان الحكم الانقلابي بالتفاهم مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وكانت الجماعة الحوثية اختارت المشاط ضمن عضوية وفدها المفاوض في سويسرا والكويت، وسبق له أن شارك في وفود للجماعة إلى إيران ومسقط والصين، إلى جانب مشاركته في فريق الجماعة المفاوض بعد اقتحام صنعاء، ضمن المساعي التي قادها المبعوث الأممي الأسبق جمال بنعمر لإنتاج «اتفاق السلم والشراكة» بين الميليشيات والأطراف اليمنية الأخرى، وهو الاتفاق الذي وقع عليه المشاط، وانقلبت عليه جماعته في سياق استكمالها للسيطرة على مؤسسات الدولة، قبل أن يجف حبره. وكان الرئيس الجديد للميليشيات، قائدا لمسلحي الجماعة الذين اقتحموا منطقة دماج في صعدة ونكلوا بالعناصر السلفية، قبل دخول صنعاء واجتياح بقية المناطق اليمنية، فضلا عن أنه من أبرز قادة الجناح المتطرف الذين أصروا على التخلص من حليفهم صالح وتصفيته في ديسمبر الماضي. وطبقا لما سربته المصادر الحوثية في صنعاء، كان المشاط هو الحاكم الفعلي للقرار المالي والإداري لمجلس الانقلاب، الذي تولى فيه عضوية الملف الاقتصادي، بالتوافق مع القياديين محمد الحوثي وعبد الكريم الحوثي. وينسب إليه أنه رفع مسدسه في اجتماع تفاوضي لقيادات الأحزاب وممثليها بحضور المبعوث الأممي جمال بنعمر، مهددا بأن الكلمة الفصل هي للسلاح وليس للتوافق الوطني مع بقية المكونات اليمنية.
وكانت مصادر حزبية يمنية كشفت إبان المفاوضات التي استضافتها الكويت في عام 2016 وأفشلتها الجماعة، عن أن المشاط كان هو عضو الارتباط بين وفد الجماعة وزعميها الحوثي وبين الدوائر السياسية الإيرانية والأخرى التابعة لـ«حزب الله» اللبناني، إذ كان ينقل تفاصيل المشاورات أولا بأول، وينقل لممثلي الجماعة التعليمات الواردة من طهران وصعدة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.