حين رقص النحات الفرنسي رودان مع عشتار البابلية

معرض في متحفه الباريسي لتماثيل ورسوم تحتفي بحركة الأجساد

النحات في ورشته - من تخطيطات النحات - تخطيط من أواخر القرن الـ19 - تخطيطات ملونة
النحات في ورشته - من تخطيطات النحات - تخطيط من أواخر القرن الـ19 - تخطيطات ملونة
TT

حين رقص النحات الفرنسي رودان مع عشتار البابلية

النحات في ورشته - من تخطيطات النحات - تخطيط من أواخر القرن الـ19 - تخطيطات ملونة
النحات في ورشته - من تخطيطات النحات - تخطيط من أواخر القرن الـ19 - تخطيطات ملونة

منذ غيابه قبل 100 عام، لم تتوقف حياة النحات أوغست رودان عن إلهام المؤرخين والروائيين ومخرجي الأفلام. إنه أحد أبرز الفنانين التشكيليين في النصف الثاني من القرن الـ19، ويعد «أبو النحت الفرنسي». وهذا هو معرض جديد يقام في المتحف الذي يحمل اسمه في باريس، يستمر حتى نهاية الصيف ويجمع كل تلك المنحوتات والرسوم التي عبّرت عن حركة الجسم البشري وقوته وجمال حريته. وهي تماثيل تندرج ضمن المدرسة الواقعية في الفن، دون أن تغفل تأثر النحات بالمدرستين الرومانسية والانطباعية. وهو يبدو، حين يطرق الحجر بإزميله، كأنه يصارع المادة الصلبة لكي يستخرج منها الأضواء والظلال التي تحيط بالكتلة الصماء. أليس النحت هو فن إنطاق الحجر؟
عاش رودان حياة عاطفية جامحة. وكانت قوته الجسمانية مصدراً لاضطراب علاقاته، كما عكست أعماله ما كانت شخصيته تتميز به من حسيّة وعنفوان وعذاب خفي. وبفضل ما تمتع به من قدرة عضلية، انهمك في معمعة النحت تاركاً إرثاً غنياً ومتعدداً يندر أن يقدر عليه أحد من مجايليه. ويأتي المعرض الحالي «رودان والرقص» مكرَّساً للمنحوتات التي صوّرت حركات راقصة أو وقفات رياضية تبرز مواطن القوة المقترنة بالرشاقة والجمال. وقد يتصور الناس أن هذه الأعمال موجودة في المتحف بشكل دائم. لكن الحقيقة هي أن المجموعة الشهيرة المسماة «حركات الرقص» تُعرض للمرة الأولى أمام الجمهور العريض. ولا تقتصر الأعمال على التغني بالفحولة، بل تعكس منحوتاتٌ كثيرة رقّة الفنان وهو يقترب من التشكيلات الجمالية للأنوثة، وهي تتجلى في سلسلة من الرسوم والتخطيطات الملونة بألوان مائية لفتيات في لحظات انطلاق وتحرر من جمود الجسد، تأسر الزائر بما تنطوي عليه من شفافية ومعاصرة، كأن الرسام استوحاها مما نراه في مراقص هذا الزمن.
في أحد ممرات المتحف، عُرض بعض المصادر والمراسلات التي استلهم منها رودان منحوتاته وأشكال موديلاته. كان يبحث عن تنوع مطلق للحركات. ويراقب ما تقوم به راقصات مجددات من طراز الأميركيتين إيزادورا دنكان ولوي فولر، اللتين اشتغلتا في باريس، أو اليابانية هاناكو أوتا التي قامت بجولات في أوروبا، اعتباراً من سنة 1900، وكانت الآسيوية الوحيدة التي وقفت موديلاً أمام رودان. لقد كسرت أولئك الراقصات الأنظمة المتعارف عليها للحركات التقليدية. لذلك رأى رودان في كل واحدة منهن فراشة ترفرف كما تحب وحيثما يحلو لها. أما الراقص الرجل، أو الرياضي، فإنه صاحب الجسم المدرب القادر على التوازن والوقوف بمرونة في أوضاع صعبة. وفي المعرض منحوتات عديدة تبدو كأنها تنويعات على هذه الفكرة أو احتفاء بمسابقة في كمال الأجسام.
في سنة 1910، قبل 7 سنوات من انطفائه، تعرف النحات على راقصة من أصل إسباني تدعى آلدا مورينو، كانت تؤدي وصلة بهلوانية في «الأوبرا كوميك». وقد وقع رودان تحت سحر حركاتها الخفيفة وجسدها المرن فرسم لها بالقلم وبالحبر الذي يتيح إظهار تموجات الجسد، أكثر من 50 تخطيطاً على ورق بحجم أكبر من المعتاد. وقد أطلق الرسام عليها لقب «آستر»، أو عشتار، ابنة آلهة القمر وتوأم آلهة الشمس، المرأة التي كانت رمزاً للحب والرغبة في أساطير وادي الرافدين، وهي تقابل «أفروديت» لدى الإغريق.
وفي الرسوم المعروضة، تبدو الراقصة في أوضاع مختلفة تشبه جلسات «اليوغا»، أو مثل طبق طائر له ملامح حورية تتطاول أناملها حتى تبلغ طرف الورقة. كان الفنان يأمر موديلاته بألا يأخذن الأوضاع المعهودة في المهنة. إنه يريد لهن أن يتنقلن بحرية ويرفعن الأذرع في كل الاتجاهات. كان يتحدى نفسه من خلال تحريضهن على تحديه وتحدي الفضاء المحيط بهن. وإذا كان نقل تلك «الرفرفات» سهلاً بالرسم على الورق، فإن براعة رودان تكمن في نحت تماثيل من حجر أو خشب أو تهيئتها لقوالب من البرونز تحتفظ بتلك اللمسات الحرة وغير المقيدة.
هذا المعرض هو دعوة صريحة للرقص مع عبقرية فنية تواصل فرنسا احتفالها بها بمناسبة مئوية الرحيل.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.