فنانو النقش على النّحاس في مصر قلقون على «مستقبل المهنة»

بسبب سيطرة الماكينات على السوق

محمود حافظ يبدع النقش على النحاس بشارع المعز («الشرق الأوسط»)
محمود حافظ يبدع النقش على النحاس بشارع المعز («الشرق الأوسط»)
TT

فنانو النقش على النّحاس في مصر قلقون على «مستقبل المهنة»

محمود حافظ يبدع النقش على النحاس بشارع المعز («الشرق الأوسط»)
محمود حافظ يبدع النقش على النحاس بشارع المعز («الشرق الأوسط»)

حذّر فنانون مصريون يعملون في مجال النقش على المعادن من تعرض مهنتهم للانقراض، وقالوا إنّ أعدادهم تتناقص بشكل كبير، ولم يعد يعمل في مجالهم سوى 5 أو 6 على أقصى تقدير، وذلك بسبب سيطرة الماكينات الآلية على السوق، ولجوء العملاء إلى ورشها الخاصة لرخص ثمنها، وسرعتها في الإنجاز، وأشاروا إلى أن ما تقدمه الآلة بلا روح ويفتقد للمسة الإنسانية والإبداع الحقيقي.
ولفت بيومي محمد، أحد أشهر النقاشين في منطقة الجمالية بوسط القاهرة، إلى أنّ الصنَّاع المهرة في السوق، يتخصّصون في نوع واحد من الرسم، هناك مثلاً من يعرف أسرار النقش المملوكي، ومنهم من لديه خبرة في الرسوم الفرعونية، ومن يجيد النقوش العثمانية، وغيرها، وهذا بالطبع يعني أن كثيراً من أسرار الحرفة وهذا النوع من الفن مهدد بالضياع.
ويرى بيومي ويسمّى أيضاً «الشيخ بيومي»، أن عدم وجود ورثة لأسرار وفنون النقش على النحاس والمعادن بشكل عام له أسباب كثيرة، أولها قلة اهتمام المدارس، خصوصاً الصناعية منها، بتعليم النقش على المعادن، وعزوف كثير من الأسر عن تعليم أبنائهم مثل هذه الأشياء، لأن ضغوط الحياة تجعلهم يبحثون عن الأعمال ذات العائد السريع، لذا نادراً ما تجد صبياً يوجهه أهله لهذه الطريق.
كان بيومي يعمل بقلم من الصلب على إحدى القطع النحاسية، بدت رسوماً فرعونية دقيقة جداً، وحين توقف عن العمل، قال إن «هذا النوع من النقش يحتاج دقة كبيرة وصبراً، وتعلمه يحتاج سنوات وانتباهاً وتركيزاً، وهذا غير موجود لدى أحد في هذه الأيام، وقد حاولت أكثر من مرة أن أوجّه نظر المهتمين بالفنون المصرية إلى استعدادي للإشراف مع زملائي على مدرسة أو مركز لإنقاذ المهنة من الاندثار، لكن على ما يبدو أن لا أحد لديه استعداد للالتفات لمثل هذه الأشياء، فكيف لمن يهدمون المنازل والقصور الأثرية جرياً وراء الثراء السريع، أن يحموا فناً وينقذوا مهنة من الانقراض؟».
عاد بيومي لتعديل وضع قطعة النحاس فوق قرص من الشمع، قال إنه يساعده في التحكم في الصينية، فلا تنزلق من بين يديه، راح يشكّل دقائق صغيرة لمشهد يستقي تفاصيله من خياله، سيدات يرتدين ملابس فرعونية يجلسن على مقاعد، في مواجهة أخرى ترتدي تاجاً ملكياً، كانت الصورة تمتلئ بالتفاصيل.
ووفق بيومي، فإن أجانب كثيرين طلبوا منه السفر إلى بلادهم للإشراف على مراكز تهتم بتعليم هذه الفنون لأبنائهم، لكنّه رفض، رغبة منه في أن ينقل أسرار مهنته لأبناء بلده. «سافرت كثيراً للمشاركة في مهرجانات أوروبية بإيطاليا وإسبانيا وألمانيا وأميركا، وغيرها، لكنّي عدت أدق بأزميلي أمام دكاني الصغير الذي ورثته عن معلمي حسن المجنون الذي كان يرسم وينقش تفاصيل بديعة على النحاس».
من جهته، ذكر محمود حافظ، المتخصص في النقش وفنون الخط المملوكي، أنّ ورشته لا يوجد بها سوى صبي واحد، وأن السّبب فيما تتعرض له المهنة من كساد، وبالتالي عزوف الشباب عن تعلمها، قد يرجع إلى أن إنجاز القطعة الواحدة يحتاج وقتاً طويلاً، قد يزيد على شهر حال كانت الصينية كبيرة، كما أن الزبائن لا يريدون الانتظار مدة طويلة من أجل إنجاز طلباتهم، لذا يذهبون إلى ورش آلية، تنهي ما يحتاجونه في أيام قليلة».
يوضح حافظ أنّ سعر الأنتيكات النحاسية اليدوية أغلى من الآلية، فمثلاً الصينية التي تكون مساحتها 80 سنتيمتراً، تتكلف 4 آلاف جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 17.6 جنيه مصري)، لكن الورشة الآلية تطلب مبلغاً أقل بكثير من ذلك، وهي بالتأكيد، تستقطب الزبائن، كما أنّها أيضاً تجذب النقاشين الذين يستسهلون العمل السريع، ولا يتميزون بالصبر. كما أن معظمهم لا يملكون الإمكانيات والمهارات الكافية للعمل بالقلم الصلب واستخدامه في النقش، لذا تراهم يلجأون إلى الماكينات لإنجاز أعمالهم بالدقة المطلوبة.
يتذكَر حافظ أيام كانت وكالة الغوري تستقبل الأطفال راسبي الإعدادية لتعليمهم النقش على يد فنان قدير اسمه محمد ناجي، لكنّه عاد ليقول: «أظن أنّ هذا الفن يحتاج إلى أكثر من مركز ومدرسة، لأن وضع المهنة صعب، وإنعاشها يلزمه مشاركة كثير من الجهات».
ويتخصص مسعد أحمد في تطعيم الرسوم بالفضة، ويرى أنّها تزيد من جمال الرسم، وتمنحه رونقاً، لكن ذلك يزيد من تكلفة المنتج في النهاية، فغرام الفضة الخام وصل سعره إلى 10 جنيهات، وحساب التكلفة الإجمالية للقطعة الواحدة المرصعة بالفضة، قد يصل إلى 30 ألف جنيه، وهذا مبلغ كبير لا يدفعه إلا الميسورون، وأصحاب الذوق الخاص والمتميز، وهم بالتأكيد قلة قليلة جداً، ولهذا أسباب كثيرة لا داعي للدخول فيها، لكنّ المحصلة النهائية، أنّ السوق صارت تعاني من الركود، وبالتالي لم يعد أحد يقبل على الدخول إليه، وصار الوضع يحتاج إلى أفكار جديدة لإعادة الحياة لمهنة النقش على المعادن عموماً، وليس النحاس فقط.



الذكاء الاصطناعي يكشف عن أولى علامات سرطان الثدي

تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
TT

الذكاء الاصطناعي يكشف عن أولى علامات سرطان الثدي

تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)

أظهرت طريقة فحص جديدة تجمع بين التحليل بالليزر والذكاء الاصطناعي إمكانية التعرف على أولى علامات الإصابة بسرطان الثدي؛ ما قد يُسهم في تحديد الإصابة في مرحلة مبكرة جداً من المرض.

وتكشف التقنية غير الجراحية التي طوّرها فريقٌ من الباحثين من جامعة إدنبرة بالتعاون مع عددٍ من باحثي الجامعات الآيرلندية، عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من المرض، التي لا يمكن اكتشافها بالاختبارات الحالية، وفق الفريق البحثي.

وقال الدكتور آندي داونز، من كلية الهندسة في جامعة إدنبرة، الذي قاد الدراسة: «تحدث معظم الوفيات الناجمة عن السرطان بعد تشخيصٍ متأخرٍ بعد ظهور الأعراض، لذلك يمكن لاختبارٍ جديدٍ لأنواع متعدّدة من السرطان أن يكتشف هذه الحالات في مرحلة يُمكن علاجها بسهولة أكبر».

وأضاف في بيان، الجمعة، أن «التشخيص المبكّر هو مفتاح البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، وأخيراً لدينا التكنولوجيا المطلوبة. نحتاج فقط إلى تطبيقها على أنواع أخرى من السرطان وبناءِ قاعدة بيانات، قبل أن يمكن استخدامها بوصفها اختباراً لكثيرٍ من الأورام».

ويقول الباحثون إن طريقتهم الجديدة تُعدّ الأولى من نوعها، ويمكن أن تحسّن الكشف المبكر عن المرض ومراقبته وتمهد الطريق لاختبار فحص لأشكال أخرى من السرطان.

نتائجُ الدراسة التي نشرتها مجلة «بيوفوتونيكس» اعتمدت على توفير عيّنات الدم المستخدمة في الدراسة من قِبَل «بنك آيرلندا الشمالية للأنسجة» و«بنك برِيست كانسر ناو للأنسجة».

ويُمكن أن تشمل الاختبارات القياسية لسرطان الثدي الفحص البدني أو الأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية أو تحليل عينة من أنسجة الثدي، المعروفة باسم الخزعة.

وتعتمد استراتيجيات الكشف المبكّر الحالية على فحص الأشخاص بناءً على أعمارهم أو ما إذا كانوا في مجموعات معرّضة للخطر.

باستخدام الطريقة الجديدة، تمكّن الباحثون من اكتشاف سرطان الثدي في أقرب مرحلة ممكنة من خلال تحسين تقنية التحليل بالليزر، المعروفة باسم مطيافية «رامان»، ودمجها مع تقنيات التعلّم الآلي، وهو شكلٌ من أشكال الذكاء الاصطناعي.

وقد جُرّبت طرق مماثلة لفحص أنواع أخرى من السرطان، ولكن أقرب وقت يمكن أن يُكتشف فيه المرض كان في المرحلة الثانية، كما يقول الباحثون.

وتعمل التقنية الجديدة عن طريق تسليط شعاع الليزر أولاً على بلازما الدم المأخوذة من المرضى. ومن ثَمّ تُحلّل خصائص الضوء بعد تفاعله مع الدم باستخدام جهازٍ يُسمّى مطياف «رامان» للكشف عن تغييرات طفيفة في التركيب الكيميائي للخلايا والأنسجة، التي تُعدّ مؤشرات مبكّرة للمرض. وتُستخدم بعد ذلك خوارزمية التعلم الآلي لتفسير النتائج، وتحديد السمات المتشابهة والمساعدة في تصنيف العينات.

في الدراسة التجريبية التي شملت 12 عينة من مرضى سرطان الثدي و12 فرداً آخرين ضمن المجموعة الضابطة، كانت التقنية فعّالة بنسبة 98 في المائة في تحديد سرطان الثدي في مرحلة مبكرة جداً من مراحل الإصابة به.

ويقول الباحثون إن الاختبار يمكن أن يميّز أيضاً بين كلّ من الأنواع الفرعية الأربعة الرئيسة لسرطان الثدي بدقة تزيد على 90 في المائة، مما قد يُمكّن المرضى من تلقي علاج أكثر فاعلية وأكثر شخصية، بما يُناسب ظروف كل مريض على حدة.