أكثر من ألف قتيل خلال 17 يوما وتضارب حول قصف المعابر الحدودية

بارزاني أبلغ كيري أن العراق تغير ويلوح بالاستقلال

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في مستهل لقائهما بأربيل أمس (أ.ب)
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في مستهل لقائهما بأربيل أمس (أ.ب)
TT

أكثر من ألف قتيل خلال 17 يوما وتضارب حول قصف المعابر الحدودية

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في مستهل لقائهما بأربيل أمس (أ.ب)
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في مستهل لقائهما بأربيل أمس (أ.ب)

دعا جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، خلال زيارته إلى أربيل أمس، مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، إلى لعب دوره في تشكيل حكومة شراكة وطنية في العراق، مؤكدا على ضرورة إحداث تغييرات في الساحة السياسية العراقية، فيما أكد بارزاني أن الأكراد لن يشاركوا في عملية سياسية لا يعرفون شركاءهم فيها وما برنامجهم.

وقال كيري خلال لقاء جمعه مع بارزاني إن بلاده تراقب بشكل مفصل الأحداث الراهنة في العراق، معبرا عن استياء واشنطن من الوضع الراهن الذي يمر به هذا البلد. وعبر كيري عن استعداد الولايات المتحدة لدعم العملية السياسية في العراق وتشكيل حكومة شراكة وطنية تساهم فيها كل مكونات الشعب العراقي، داعيا إلى العمل من أجل خروج العراق وبأسرع وقت ممكن من هذه الأزمة.

بدوره، قال بارزاني لكيري إن الهجوم الواسع الذي يشنه مسلحو تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)» في شمال وغرب وشرق العراق خلق «واقعا جديدا وعراقا جديدا»، في ما بدا تذكيرا للولايات المتحدة بما تواجهه من صعوبات في مساعيها لجمع الأطراف العراقية المتناحرة. وحسب مصدر كردي مضطلع تحدث لـ «الشرق الأوسط» فإن بارزاني أبلغ كيري في اجتماع مغلق بينهما بأن من حق الأكراد «تقرير مستقبلهم في ظل هذا الواقع». وأضاف أن الشعب الكردي «كان مستعدا خلال السنوات العشر الماضية لحل المشكلات مع بغداد وأظهر مرونة في ذلك، لكن دون جدوى، فالمشكلات كانت تتعمق يوما بعد يوم»، متهما الشركاء في بغداد بأنهم «كانوا يتراجعون عن تطبيق الدستور والاتفاقيات».

وشدد بارزاني على أن «الالتزام بالدستور هو الضمان الوحيد لبقاء العراق موحدا». وأضاف بارزاني: «نعتقد بأن بغداد تنوي إعادة السيطرة على كردستان كالسابق، وأن تجعل من كردستان ملحقا لها، لكن الشعب الكردي الذي قدم الكثير من التضحيات من أجل الحرية لن يقبل بهذا أبدا» وشدد بارزاني على أن «الكرد ضد الإرهاب بكل أنواعه وأشكاله، أما الآن، فإن حرب الإرهاب أصبحت ستارا للصراع الطائفي في العراق، ونحن لن نكون جزءا من الصراع الطائفي». وتابع بارزاني أن «أي حل للأزمة الحالية يجب أن يكون في ضوء التغييرات السياسية والأمنية الجديدة في العراق».

من جهته، كشف فلاح مصطفى مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان لـ«الشرق الأوسط» أن وزير الخارجية الأميركي «طلب من رئيس الإقليم والكرد المشاركة الجدية والفعالة في العملية السياسية والعمل على عقد جلسة للبرلمان»، مبينا أن الجانبين أكدا على «ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة في العراق، ويجب أن يكون هناك تفهم لدى الجميع أنهم شركاء حقيقيون في العملية السياسية». وأضاف مصطفى أن رئيس الإقليم أبلغ كيري بأن «الكرد لن يكونوا جزءا من العملية السياسية إذا لم يعرفوا من هم شركاؤهم فيها وما هو البرنامج».

وكان كيري قد أجرى محادثات في بغداد أول من أمس مع المسؤولين العراقيين بينهم رئيس الوزراء نوري المالكي. وتعهد كيري بأن تقدم بلاده دعما «مكثفا ومستمرا» للعراق في مواجهة «التهديد لوجوده» الذي يمثله هذا الهجوم، داعيا قادة البلاد إلى الوحدة حتى يصبح هذا الدعم «فعالا». وقال بعد اللقاءات إن جميع القادة اتفقوا على العمل من أجل التئام البرلمان الجديد بحلول 1 يوليو (تموز) المقبل للتمهيد للخطوات الدستورية اللاحقة المتمثلة في اختيار رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء.

ومنذ بدء الهجوم، تولت قوات البيشمركة الكردية مسؤوليات أمنية إضافية في ظل انسحاب الجيش العراقي من عدة مواقع في شمال العراق وشرقه، حيث بسطت سيطرتها، خصوصا، على مناطق متنازع عليها مع الحكومة المركزية، على رأسها مدينة كركوك (240 كلم شمال بغداد) الغنية بالنفط.

وكان بارزاني قال في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» مساء أول من أمس، عشية لقائه كيري: «قمنا بكل ما نستطيع القيام به على مدى الأعوام العشرة الماضية لبناء عراق ديمقراطي، إلا أن هذه التجربة وللأسف لم تنجح». وأضاف ردا على سؤال حول إمكانية أن يحاول الأكراد إعلان استقلالهم في ظل هذا الوضع، أن على «شعب كردستان أن يحدد مستقبله، ونحن سنلتزم بقراره». وتابع: «العراق يتهاوى على كل حال، ومن الواضح أن الحكومة الفيدرالية أو المركزية فقدت السيطرة على كل شيء».

بدوره، قال كفاح سنجاري المراقب السياسي المقرب من مركز القرار في الإقليم لـ«الشرق الأوسط»، إن تصريحات رئيس إقليم كردستان عكست حقيقة ما يحدث في العراق، وإن «العملية السياسية العراقية قد انتهت بشكلها الحالي، لأنها فشلت في السنوات الماضية تحت إدارة رئيس الوزراء نوري المالكي في أن تقنع العراقيين بصلاحيتها». وأضاف سنجاري أن بارزاني ركز على ضرورة إحداث تغيير في العملية السياسية وتصحيح مسارها «بما يلبي رغبات المكون السني العربي والمكون الكردستاني، ورسالة قيادة الإقليم إلى الإدارة الأميركية هي البحث عن شخصية أكثر جدية لإدارة البلاد في هذه المرحلة».

ويعتقد المسؤولون الأميركيون بأن إقناع الأكراد بالتمسك بالعملية السياسية في بغداد أمر حيوي للحفاظ على العراق من مخاطر التقسيم. وأشار مسؤول كبير بالخارجية الأميركية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مخاطر انسحاب الأكراد من عملية سياسية شاملة تضم كل الأطياف والتيارات العراقية ستؤدي إلى نتائج سلبية شديدة، مؤكدا أن وزير الخارجية الأميركي أوضح للقيادات الكردية أن إجراء تسوية سياسية هو الإجراء الذي يحفظ للعراق وحدته التي تتعرض للخطر في الوقت الحالي. وقال المسؤول الذي رفض نشر اسمه: «إذا كانت أمامنا فرصة لاستخدام عملية تشكيل الحكومة الجديدة لإعادة وضع أساس سياسي للعراق، فسيكون الأكراد جزءا مهما من تلك العملية».

 



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».