حكومة الوفاق تتجاهل قضية رواتب موظفي غزة

القيادة الفلسطينية تجاوبت مع الجهود العربية والمصرية

TT

حكومة الوفاق تتجاهل قضية رواتب موظفي غزة

تجاهلت حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية، للمرة الثانية، خلال اجتماعاتها منذ أزمة عدم صرف رواتب الموظفين التابعين للسلطة الفلسطينية، القضية تماماً، ولم تعلق عليها.
ويؤشر هذا التجاهل إلى وجود قرار لدى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بوقف صرف رواتب الموظفين مؤقتاً لعدة أشهر، بهدف الضغط على حركة حماس لتسليم قطاع غزة. إلا أنه لا يوجد تأكيد رسمي بهذا الشأن من قبل السلطة الفلسطينية.
وتحدثت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن وجود مخطط لإحالة جميع الموظفين في غزة إلى التقاعد المبكر، وربط المصادر صرف الرواتب بإنجاز هذه الخطوة.
وكان الرئيس عباس هدد باتخاذ إجراءات مالية وقانونية وإدارية جديدة ضد القطاع، قبل أن تتدخل مصر محاولة منع تنفيذ هذه الإجراءات، وإعطاء المصالحة فرصة جديدة. إلا أن مصادر إسرائيلية قالت إن الرئيس الفلسطيني وافق على تأجيل خطواته، ولكنه لن يصرف رواتب لموظفي السلطة بدءاً من شهر أبريل (نيسان) الحالي.
واكتفت الحكومة في بيانها عقب اجتماعها الأسبوعي، أمس الثلاثاء، بالتأكيد على موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في خطابه أمام القمة العربية بشأن المصالحة والمساعي الجارية لتحقيقها دون توقف.
وقالت إن «القيادة الفلسطينية تجاوبت مع الجهود العربية والمصرية كافة في هذا الملف، وأتاحت الفرصة تلو الأخرى لإنهاء الانقسام، بالإضافة إلى تحمل الحكومة لمسؤولياتها، وتقديم نصف موازنتها لشعبنا في غزة، وذلك من دون أن يتم تمكينها من تسلم مهامها كاملة وبشكل فعلي، والقيام بمسؤولياتها في قطاع غزة كما في الضفة الغربية، والالتزام بالسلطة الواحدة، والقانون الواحد، والسلاح الشرعي الواحد».
وكان مسؤولون من حركة فتح، قالوا إنهم أبلغوا أن ما جرى كان خللا فنيا من وزارة المالية تعمل على علاجه، وأنهم لم يبلغوا بقطع رواتب الموظفين حتى ولو بشكل مؤقت.
ويتخوف الموظفون في غزة من أن يتم قطع رواتبهم بشكل نهائي. ويخططون لسلسلة احتجاجات كانوا قد بدأوها بها منذ أيام بإغلاق بعض فروع البنوك العاملة في غزة كخطوة أولى للاحتجاج على عدم صرف رواتبهم.
وبحسب إحصائيات رسمية، فإن عدد الموظفين الفلسطينيين من قطاع غزة، المسجلين في ديوان الموظفين العام، يبلغ نحو 60 ألفا، يعيلون نحو 800 ألف فرد في القطاع.
ويتلقى الآلاف من عوائل الشهداء والجرحى والأسرى والمحررين في قطاع غزة، رواتب شهرية من السلطة الفلسطينية، إلا أنها لم تصرف، إلى جانب «شيكات الشؤون»، التي يتم صرفها كل ثلاثة أشهر، والتي ما زالت متأخرة منذ نحو خمسة أشهر عن مستحقيها، الذين باتوا يعيشون أوضاعا صعبة، ويزيد عددهم على أكثر من 1200 أسرة لديهم ما لا يقل عن ستة أفراد.
وطالبت فصائل فلسطينية وهيئات حقوقية، السلطة الفلسطينية وحكومة الوفاق الوطني، بضرورة صرف رواتب الموظفين بغزة بسرعة، محذرة من كارثة حقيقية تحدق بالسكان الذين يعتمدون بشكل كبير على تلك الرواتب في تصريف ظروفهم المعيشية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».