قضت المحكمة العليا في باكستان، أمس (الجمعة)، بعدم أهلية رئيس الوزراء السابق نواز شريف، لشغل أي منصب عام مدى الحياة بسبب عدم إعلانه عن أحد مصادر دخله، فيما تستمر محاكمته في قضية فساد وقبل الانتخابات العامة المقرر إجراؤها هذا العام، طبقاً لما ذكره مسؤول بالمحكمة.
وأضاف المسؤول القضائي شهيد حسين أن هيئة المحكمة التي تتألف من خمسة قضاة أعلنت القرار في العاصمة إسلام آباد، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وقد ينطوي هذا القرار على تداعيات خطيرة بالنسبة للانتخابات البرلمانية في وقت لاحق هذا العام. ويمثل القرار صفعة رئيسية في وجه حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية» التي يتزعمها شريف قبل الانتخابات البرلمانية المقرر أن تجرى في أغسطس (آب) المقبل.
وأدان الحزب القرار، قائلاً إنه «دعابة ومؤامرة».
وتم تجريد شريف من أهليته بموجب قانون إسلامي مثير للجدل، ينص على أن أي زعيم يتعين أن يكون شخصاً صالحاً وورعاً، تم تبنيه في الدستور من قبل قائد الجيش السابق، ضياء الحق في ثمانينات القرن الماضي.
وكانت قد قضت المحكمة بعدم أهليته لمنصب رئيس الوزراء في حكم سابق أصدرته في يوليو (تموز) الماضي. وبهذا فقد أزال قرار المحكمة اللبس بشأن منع شريف من شغل المناصب العامة مدى الحياة أم لفترة محدودة.
وقال قاضي المحكمة عمار عطا بانديال لدى تلاوة القرار إن الحظر «دائم». وقال محامٍ كبير لوكالة «رويترز» إن الحكم جاء بناء على بند في الدستور استُخدِم من قبل لعزل نواب من مناصبهم.
وتولي شريف (68 عاماً) رئاسة الوزراء في باكستان ثلاث فترات، وتم تجريده من أهليته وإقالته من منصبه، العام الماضي، بسبب مزاعم بالفساد ضد أسرته. وفي فبراير (شباط) حظرت المحكمة على شريف قيادة حزب الرابطة الإسلامية الذي أسسه. وكان شقيقه شهباز حلَّ مكانه على رأس الحزب قبل أشهر من الانتخابات التشريعية.
واتخذت تلك الإجراءات بحق شريف بعد الكشف عن «وثائق بنما المسربة»، التي شملت مزاعم بقيام زعماء دول بإخفاء دخلهم. وتعود المزاعم ضد شريف إلى فتراته السابقة في السلطة في تسعينات القرن الماضي. واتهم معارضون شريف وأسرته بغسل أموال من باكستان، واستخدام الثروة لشراء ممتلكات في لندن. وذكرت أسرته أنها حصلت على ممتلكات في لندن، كتسوية لاستثمارات في ثمانينات القرن الماضي.
وقالت وزيرة الاعلام مريم أورنزيب: «مرة أخرى اليوم رئيس الوزراء الباكستاني الذي تولى هذا المنصب ثلاث مرات استبعد من العملية الانتخابية مدى الحياة». وأضافت أورانزيب للصحافيين أن أشخاصاً مجهولين «دون أسماء أو وجوه» تدخلوا لتدبير إنهاء مسيرة شريف السياسية وإسقاط الحزب الحاكم. وأضافت: «اليوم يقضون بعدم أهليته مدى الحياة. لكن شعب باكستان هو من سيقرر إن كان عدم أهلية رئيس الوزراء المنتخب سيستمر يوماً واحداً أم مدى الحياة». وكانت الصحف الباكستانية انتقدت نمط حياته المبذر والأملاك الكثيرة لأسرته في لندن. ونهاية أكتوبر (تشرين الأول) وجهت تهمة الفساد في الملف العقاري إلى نواز شريف وابنته مريم وزوجها. وتنفي أسرة شريف التهم الموجهة إليها وتؤكد أنها مؤامرة حيكت ضده من قبل الجيش الباكستاني. ووصف شريف وأسرته قضية الفساد التي يحاكم فيها بأنها مؤامرة ولمحوا إلى تدخل الجيش لكن معارضيهم يشيدون بالقضية قائلين إنها مثال نادر على محاسبة الأثرياء وأصحاب النفوذ في باكستان.
وينفي الجيش أي دور له في الاتهامات. يُذكر أن التاريخ السياسي الباكستاني شابه كثير من الانقلابات والاغتيالات والإطاحة غير الرسمية لزعماء إما من قبل الجيش أو السلطة القضائية.
وكان ينظر إلى تجريده من أهليته بشكوك، العام الماضي، حيث يزعم البعض وجود تواطؤ بين جنرالات وقضاة لإقالة شريف، الذي ما زال ينظر إليه بأنه أكثر الزعماء السياسيين شعبية في البلاد.
وينهي تجريد شريف من أهليته مدى الحياة مسيرة هذا السياسي الباكستاني، الذي تولى منصب رئيس الوزراء ثلاث فترات، دون أن يكمل أي منها بسبب خلافات، إما مع الجيش القوي أو قضاة يتخذون قرارات حازمة. فقد أقيل في 1993 بأمر رئاسي وأزيح في انقلاب عسكري في 1999، سجن في أعقابه ثم تم نفيه إلى أن عاد بعد تنحي برويز مشرف عن السلطة، ثم اضطر لتقديم استقالته في 2017 بسبب تحقيق الفساد. ويصف حلفاؤه الإجراءات القضائية بأنها «انتقام سياسي».
ويقول محللون سياسيون إن قرار المحكمة سيحدد الاتجاه السياسي للدولة ذات الأغلبية المسلمة، التي يبلغ عدد سكانها 224 مليون نسمة، حيث تستعد لانتخابات برلمانية في أغسطس المقبل.
وقال المحلل فيدا خان، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية: «نهاية مسيرة شريف ستعطي الجيش المزيد من القوة للسيطرة على البلاد من خلال مناورات من وراء الكواليس». يُذكَر أن البلاد يحكمها جنرالات لنصف تاريخها.
المحكمة العليا الباكستانية تنهي مسيرة نواز شريف السياسية
قضت بعدم أهلية رئيس الوزراء السابق لشغل أي منصب عام مدى الحياة
المحكمة العليا الباكستانية تنهي مسيرة نواز شريف السياسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة