أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي أمس، من «عمل متهور» في سوريا، في وقت صعد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من حدة لهجته حيال الضربة العسكرية الأميركية المحتملة على سوريا، واتهم استخبارات غربية بتلفيق «مسرحية الهجوم الكيماوي في الغوطة الشرقية لدمشق، لتعزيز حملة العداء لروسيا».
وأعلن الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، أنه جرت مكالمة هاتفية بين الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بحثا خلالها الأوضاع في سوريا. كما أفاد قصر الإليزيه بأن الرئيس ماكرون أعرب عن رغبته في تكثيف الحوار مع روسيا من أجل حل الأزمة السورية، وعبّر عن قلقه الشديد إزاء تدهور الأوضاع على الساحة السورية. وأضاف الإليزيه: «دعا رئيس الجمهورية إلى الحفاظ على الحوار مع روسيا وتكثيفه، لإعادة السلام والاستقرار إلى سوريا». وأضاف الإليزيه أن الرئيس الفرنسي أكد أيضا أن بلاده لديها الدليل على استخدام الحكومة السورية الأسلحة الكيماوية في هجومها على دوما مؤخرا، كما أعرب عن أسفه لاستخدام روسيا حق النقض (فيتو) في جلسة مجلس الأمن الأخيرة. وبعد يومين من الهدوء النسبي في تصريحات المسؤولين الروس حول احتمالات توجيه ضربة أميركية، صعد لافروف أمس لهجته، وقال إن روسيا «تمتلك أدلة لا تُدحَض على أن الهجمة الكيماوية المزعومة في دوما كانت سيناريو ملفقا».
وقال خلال مؤتمر صحافي عقده في موسكو، إن «الأدلة التي تملكها موسكو قاطعة، وثمة أيدي لجهاز استخبارات دولة غربية في هذا السيناريو». ووصف الدولة التي لم يحددها بأنها «تسعى حاليا لتكون على رأس حملة العداء لروسيا التي تنتشر وتسيطر في الغرب». وشدد لافروف على أن التحقيق المباشر سوف يكشف حقيقة الموقف، مشيرا إلى توجه خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى سوريا أمس. وزاد: «نأمل أن يتوجهوا فور وصولهم (صباح أمس) من دون أي تأخير إلى دوما، حيث لم يعثر خبراؤنا الذين فحصوا المكان، على أي دليل يشير إلى استخدام غاز الكلور أو أي مادة سامة أخرى في هذه المنطقة». وأعرب لافروف عن أمله بأنه «لن يجرؤ أي طرف على القيام بمغامرة في سوريا، وفقا للسيناريو الليبي أو العراقي». تزامن ذلك مع مواصلة موسكو اتصالاتها لمواجهة احتمالات توجيه الضربة العسكرية، وأجرى الرئيس بوتين محادثات هاتفية أمس مع ماكرون، تزامنا مع ورود إعلانات عدة من فرنسا تشير إلى حسم موقفها لصالح المشاركة في توجيه ضربة عسكرية. إذ أوضح وزير دولة أن قرار باريس بتوجيه الضربة «لن يكون علنيا»، بينما أعلن عن إلغاء جولة لوزير الخارجية الفرنسي كانت مقررة سابقا، تشمل ألبانيا وسلوفينيا، ما فسر في موسكو بأنه يدخل ضمن استعدادات النخب الفرنسية لـ«عمل كبير».
في الأثناء نقلت قناة «آر تي» الروسية عن مصدر عسكري روسي في سوريا، أن «الخبراء الروس وصلوا إلى دوما بعد يوم من الهجوم الكيماوي المزعوم، وأخذوا عينات من التربة وشظايا من الموقع، تم فحصها، وأظهرت نتائج التحليل خلوها التام من غاز الأعصاب أو الكلور». وزاد أن الخبراء العسكريين الروس لم يجدوا كذلك آثاراً لمواد سامة في المستشفى التي ظهر في تسجيلات الفيديو حول المصابين. وقال إن تحليلات أجريت على الطاقم الطبي والمرضى خلال تفقد المنطقة في دوما، و«أظهرت عدم وجود أي آثار لاستخدام المواد السامة، كما لم نكشف عن أي إصابات بين السكان». ولفت المصدر العسكري الروسي إلى أن «الأطباء والسكان والمسلحون المغادرون لدوما أكدوا عدم علمهم بإصابة أحد بالكيماوي».
في غضون ذلك، أكد السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسيبكين، أن روسيا تواصل اتصالاتها على جميع المستويات لتجنب السيناريو العسكري في سوريا، مؤكداً أن «الحل الوحيد لذلك يتمثل في العودة إلى التفاوض والتعاون حول الملف السوري»، ومعرباً عن أسفه لكون العلاقات الدولية باتت رهناً بـ«شريط فيديو مشبوه». في إشارة إلى مقاطع الفيديو التي انتشرت حول عمليات إنقاذ أشخاص في الغوطة تعرضوا لهجوم كيماوي.
وزاد زاسيبكين أن «التواصل لم ينقطع بين الطرفين الروسي والأميركي على المستوى العسكري».
ورداً على سؤال حول ما يمكن لروسيا أن تقدمه للولايات المتحدة كثمن للتراجع عن الضربة العسكرية، قال السفير الروسي: «نريد التعاون مع التحالف بقيادة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ضد الإرهابيين، وهذه الفكرة قائمة حتى اليوم»؛ لكنه لفت في المقابل إلى أن موضوع مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد «ليس مطروحا للمساومة»، موضحا أن «موقفنا المبدئي ثابت، وهو أننا لا نناقش مصير الرئيس الأسد بهذا الشكل، وأن هذا الأمر يقرره الشعب السوري».
الكرملين يحذّر من «عمل متهور»
الكرملين يحذّر من «عمل متهور»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة