مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»: قائد الجيش الليبي يُعالج في باريس

TT

مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»: قائد الجيش الليبي يُعالج في باريس

علمت «الشرق الأوسط» من مصادرها الخاصة، أن المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، موجود في أحد المستشفيات الباريسية من أجل العلاج. ويتوافق ما وصل إلى «الشرق الأوسط» من معطيات مع المعلومات التي حصل عليها عدد من وسائل الإعلام الفرنسية الرئيسية، كصحيفة «لوموند»، ومجلة «الإكسبريس»، التي سبق أن أكدتا وجود حفتر في أحد مستشفيات باريس التي نقل إليها من عمان في العاشر من الشهر الجاري، استنادا لمعلومات من «مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى». وكما في مثل هذه الحالات، فقد امتنعت الخارجية الفرنسية عن الإفصاح عن أي معلومات بخصوص المشير حفتر، وأحالت السائلين، ومنهم «الشرق الأوسط»، على مكتبه.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع في العاصمة الفرنسية، إن مجيء حفتر إلى باريس من أجل الاستشفاء (المعلومات المتواترة تفيد أنه كان يعاني من جلطة دماغية) «ليس أمرا مفاجئا»، وذلك بالنظر للعلاقات التي نسجها مع السلطات الفرنسية. وذكرت هذه المصادر بأن الرئيس ماكرون دعا حفتر في 25 من يوليو (تموز) من العام الماضي إلى فرنسا، للمشاركة في قمة مع فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، حيث دفع ماكرون ضيفيه الليبيين إلى اعتماد مجموعة من المبادئ لإخراج ليبيا من حالة التشرذم، وشبه الحرب الأهلية، التي تعيش فيها منذ سنوات. وجاءت القمة وقتها بمناسبة انطلاق مهمة المبعوث الدولي الجديد الوزير اللبناني السابق غسان سلامة. فضلا عن ذلك، فقد سبق للمشير حفتر أن نسج علاقات وثيقة مع وزارة الدفاع الفرنسية، التي كانت قد أرسلت وحدات كوماندوز إلى شرق ليبيا، وتحديدا إلى المناطق التي كانت خاضعة لسلطة حفتر، من أجل توفير المساعدة في ملاحقة التنظيمات الإرهابية، ومنهم الفرنسيون الذين التحقوا بتنظيم داعش المتطرف. والأهم من ذلك كله أن باريس دفعت لتبني رؤية قوامها أن حفتر «ليس العقبة، ولكنه جزء من الحل». لا بل إن الرئيس ماكرون قال علنا إنه يتعين التوصل إلى «توافق» بين القيادتين السياسية (ممثلة بالسراج)، والعسكرية (ممثلة بحفتر) من أجل إخراج ليبيا من أزمتها. وسياسيا، فقد استفاد حفتر على الساحة الفرنسية من علاقاته الجيدة مع مصر ومع الإمارات المتحدة، التي كان لها دور في التقريب بينه وبين باريس.
حقيقة الأمر أن صحة المشير حفتر لم تعد شأنا خاصا، إذ إن الرجل القوي في الشرق الليبي أصبح أحد أضلع المعادلة المعقدة في ليبيا، وخروجه منها من شأنه قلب الموازين، ودفع الأطراف لإعادة النظر في حساباتهم. وفي الأشهر الأخيرة توسعت دائرة علاقات حفتر خارج الدول العربية، إذ زار موسكو وروما وباريس مجددا في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث استقبله وزير الخارجية جان إيف لو دريان. وسعت باريس للتوسط في الأزمة الليبية، ليس فقط عن طريق القمة المشار إليها؛ بل أيضا من خلال «آلية متابعة» لما توصل إليه الطرفان من تفاهمات. لكن التطورات اللاحقة بينت أن وساطتها لم توصل إلى نتائج إيجابية.
وتفيد التقارير المتوفرة بأن المشير حفتر كان قد أصيب بنزيف في الدماغ «حسب (الإكسبريس) و(لوموند)»، الأمر الذي استدعى نقله من عمان إلى باريس بطائرة خاصة؛ لكن حياته لم تعد مهددة. وكان المتحدث باسم قوات حفتر العميد أحمد المسماري قد نفى صحة الأخبار المتداولة حول الوضع الصحي لحفتر. وقال في صفحته على «فيسبوك» إنه «بحالة صحية ممتازة، ويتابع عمل القيادة العامة وغرف العمليات والمناطق العسكرية». ووصف مقربون منه خبر نقله إلى باريس بـ«الشائعات»، التي ينشرها «الإسلاميون» لأغراض سياسية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».