تزايدت التوترات بين واشنطن وموسكو على خلفية سلسلة من التحذيرات التي أصدرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عبر صفحته على موقع «تويتر»، وحذر ترمب روسيا من هجوم عسكري أميركي وشيك، معلناً أن «صواريخ أميركية ذكية وجديدة» في طريقها إلى سوريا، وإن على موسكو أن تلوم نفسها لوقوفها إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال ترمب في تغريدته: «روسيا تعهدت بضرب كل الصواريخ التي ستطلق على سوريا، استعدي يا روسيا، لأن الصواريخ قادمة، صواريخ ذكية وجديدة ولطيفة، لا يجب عليكم أن تكونوا شركاء مع الحيوان القاتل بالكيماوي الذي يقتل شعبه ويستمتع بذلك».
وغرد ترمب مرة ثانية: «علاقتنا مع روسيا في أسوأ حالاتها أكثر من أي وقت مضى، وهذا يشمل الحرب الباردة، ولا يوجد سبب لذلك. روسيا تحتاج إلينا للمساعدة في دفع اقتصادها، وهذا أمر سهل القيام به، وهذا أمر يجب على كل الدول القيام به، أوقفوا سباق التسلح».
وجاءت تغريدات ترمب رداً على تحذير روسيا الثلاثاء من أن أي صواريخ أميركية سيتم إطلاقها على سوريا سيتم إسقاطها واستهداف مواقع الإطلاق. وردت وزارة الخارجية الروسية قائلة: «الصواريخ الذكية يجب أن تطير باتجاه الإرهابيين وليس باتجاه الحكومة الشرعية».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا إن أي إطلاق للقذائف الصاروخية الأميركية قد يكون محاولة لتدمير أدلة على الهجوم بالغاز الكيماوي في بلدة دوما السورية، التي نفت دمشق وموسكو مسؤوليتها عنهما.
وتشير تقارير إلى أن موسكو أخذت تحذيرات ترمب على مأخذ الجد وقامت بالفعل بتحريك بعض الأصول العسكرية المهمة من قاعدة اللاذقية خوفاً من تدميرها جراء ضربة أميركية - كما قامت بتحريك 11 سفينة حربية من القاعدة البحرية الروسية في طرطوس.
وقد أثارت تصريحات روسيا ثم تغريدات ترمب المخاوف من اندلاع صراع مباشر بين القوتين العالميتين على الأراضي السورية، حيث تدعم روسيا نظام الأسد، بينما تخطط الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيون إلى توجيه ضربة انتقامية رداً على استخدام السلاح الكيماوي في استهداف المدنيين بمدينة الدوما السبت الماضي.
ورفض المسؤولون في وزارة الدفاع التعليق على تصريحات ترمب، بينما أشارت مصادر عسكرية إلى وصول المدمرة الأميركية «دونالد كوك»، إلى قبالة السواحل السورية في البحر الأبيض المتوسط. وأشار مسؤول عسكري إلى تحركات لبوارج أميركية أخرى، موضحاً تحرك حاملة الطائرات الأميركية «هاري إس ترومان» من موقعها بقاعدة نورفولك بولاية فيرجينيا لكنه لم يذكر وجهتها النهائية للحفاظ على ما سماه «الغموض الاستراتيجي». وتشير تقارير إلى تحركات للبوارج الحربية الأميركية المسلحة بصواريخ «كروز» قرب السواحل الشرقية للبحر المتوسط، في وضع استعداد للهجوم، فيما قامت فرنسا بوضع مقاتلات «رافائيل» في حالة «تأهب» في القاعدة الجوية الفرنسية بمدينة سان ديزييه.
وقال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إن «البنتاغون» قدم للرئيس خيارات متعددة لضربة ضد سوريا ردّاً على الهجوم الكيماوي على الدوما، لكنه أوضح أن الولايات المتحدة وحلفاءها ما زالوا يقومون بجمع المعلومات حول الهجوم، والمتسبب فيه، وأسلوب تنفيذه. وفي رده على أسئلة الصحافيين حول الأدلة التي تثبت ضلوع نظام بشار الأسد في تنفيذ الهجوم، قال ماتيس: «ما زلنا نقيم المعلومات الاستخباراتية... ومستعدون لتوفير خيارات عسكرية والقرار بيد الرئيس».
وأشار مسؤولون بالبنتاغون إلى أن المخططات والخيارات تدور حول ضربة كبيرة أكبر من الضربة الأميركية، التي شنتها واشنطن، العام الماضي.
ويشير المسؤولون إلى أن الخيارات التي وضعها قادة البنتاغون تستهدف بعض المطارات المهمة في سوريا ومراكز القيادة المركزية إضافة إلى إلحاق ضرر كبير بسلاح الطيران السوري بصفة عامة، وتقليص قدرات الحكومة السورية في سلاح الجو.
في موسكو، أعرب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن قلقه حيال التوترات الدولية، ودعا إلى التعقل.
وخلال لقاء مع سفراء أجانب في الكرملين، قال بوتين، أمس (الأربعاء)، حسبما نقلت عنه وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية: «الوضع العالمي يزداد فوضوية، ونأمل أن يكون للفهم الإنساني السليم اليد العليا في نهاية المطاف، وأن تتحرك العلاقات الدولية في اتجاه بناء».
ولم يتطرق الرئيس الروسي في حديثه، صراحة، إلى تهديد ترمب.
في لندن، انتقدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي استخدام روسيا «الصادم» للفيتو ضد قرار لمجلس الأمن الدولي بتشكيل لجنة تحقيق دولية في استخدام أسلحة كيماوية في سوريا. وقالت ماي: «لقد صدمني ذلك، ولكنني لستُ متفاجئة».
ولجأت روسيا الثلاثاء إلى «الفيتو» ضد مشروع قرار تدعمه الولايات المتحدة لإعادة تشكيل «آلية تحقيق دولية مشتركة» للتحقيق في الهجمات الكيماوية في سوريا وتحديد المسؤولين عنها.
كما رفضت واشنطن بدورها مشروع قرار روسيا يتعلق بالهجوم الكيميائي المزعوم في الغوطة الشرقية قرب دمشق.
وأضافت ماي: «نعمل مع حلفائنا وشركائنا لنصل بسرعة إلى تفاهم حول ما حدث على الأرض. وجميع المؤشرات تدل على أن النظام السوري مسؤول».
واعتبرت أن «استخدام الأسلحة الكيماوية لا يمكن أن يمر دون محاسبة... سنعمل مع حلفائنا المقربين على كيفية ضمان محاسبة المسؤولين».
وأجرى ترمب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون وماي مكالمة هاتفية مشتركة، الثلاثاء، لمناقشة رد المجتمع الدولي على الهجوم المفتَرَض.
ترمب يعلن جاهزية «الصواريخ الذكية»... و«البنتاغون» يحدد خياراته في سوريا
ترمب يعلن جاهزية «الصواريخ الذكية»... و«البنتاغون» يحدد خياراته في سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة