تقوم فكرة «تدوير المخلفات» على محاولة التقليل من تأثيرها وتراكمها على البيئة، ذلك بتصنيف النفايات وفصل المواد الموجودة بها، وإعادة تصنيع كل مكون منها على حدة للاستفادة منه مجدداً. امتداداً للفكرة وظف مهندس سوداني خياله في تحويل «إطارات السيارات القديمة»، إلى مواد مفيدة تقلل من مخاطر تقلل من مخاطر تراكمها على البيئة.
فالإطارات القديمة التالفة تعد من أخطر أنواع النفايات، لعدم وجود قوانين فعالة تحكم التعامل معها في العالم الثالث، ولصعوبة التخلص منها فهي قد لا تتحلل طوال مئات السنين، ما يجعل منها خطراً بيئياً متزايدا. فيما تؤدي الطريقة التقليدية للتخلص منها بـ«الحرق» إلى انبعاثات سامة تتضمن أكاسيد الكبريت والكربون والرصاص. وفيما لا توجد إحصاءات سودانية رسمية بحجم الإطارات التالفة المتراكمة سنوياً، لكن خبراء البيئة يقدرونها بمئات الآلاف كل عام.
العقل الشعبي السوداني، ابتكر محاولات للاستفادة من الإطارات التالفة، وأطلق عليها اسم «الترتار»، وهو لعبة الأطفال الفقراء، يدفعون خلال الإطار المستعمل بطريقة محددة، بما يجعل منه لعبة مسلية. ومن «الترتار» صنع السودانيون أحذية متينة للفقراء، أطلق عليها «تموت تخلي»، كما صنعوا منها أجزاء السيارات المطاطية، واستخدموها في حمل «طست الغسيل»، وأزيار المياه، وغيرها من استعمالات.
لكن أخطر استعمال للإطارات القديمة في البلاد، هو حرقها في الطرقات أثناء الاحتجاجات والمظاهرات، لقطع الطرق أمام حركة آليات مكافحة الشغب، وهو على نجاعته في المهمة المحددة، يترك آثاراً ضارة كثيرة بالبيئة.
جماعة الفريق الأخضر «غرين تيم سودان»، وهي مبادرة عالمية من مهتمين بالبيئة والخضرة والزرع ونشر الثقافة البيئية ومحاربة التلوث، وظفت «معرض زهور الربيع»، لعرض منتجاتها من الأثاث وآنية الزهور المصنوعة من «الإطارات التالفة القديمة» كجزء من عملها البيئي.
واشتغل المهندس أسامة مصطفى أبو بكر مؤسس «قرين تيم سودان» على الاستفادة من المخلفات الموجودة في البيئة، وتحويلها لـ«أشياء مفيدة»، وبدأ بفكرة «إعادة تدوير الإطارات القديمة».
يقول: «سكان العالم الثالث يعانون من سوء التعامل مع البيئة والمحافظة عليها»، ويتابع منتقداً: «درج البعض على حرق الإطارات ليستخلصوا منها معدناً زهيداً لا قيمة له، عند مقارنته بالدمار الذي يحدثه حرق الإطارات على البيئة».
وأوضح أبو بكر أن واحدة من مهام جماعته الرئيسة، محاربة «ضعف الوعي البيئي»، ومواجهته بنشر الثقافة البيئية، وابتداع وسائل تغري العامة بمحاولة إعادة استخدام النفايات، ويضيف: «جزء من هذه المغريات كان تدوير الإطارات القديمة وتحويلها إلى أشياء مفيدة وصديقة للبيئة».
استفاد أبو بكر من ظروف الفقر وحاجة الناس إلى أثاث وألعاب وأصص زهور متينة ورخيصة الثمن، في ترويج المصنوعات المنتجة من الإطارات القديمة، يقول: «بلادنا فقيرة وغير قادرة على إتاحة حدائق عامة، لذلك استفدنا من الإطارات القديمة وحولناها إلى أصص للزهور، وإلى مظلات بمواقف المواصلات».
ويعمل أبو بكر على نشر ثقافة «إعادة تدوير» الإطارات وتصنيعها، عن طريق تدريب الراغبين على كيفية تحويل الإطار إلى شيء مفيد، يقول: «قبل عام نظمنا، (منتجع الترتار) بالتعاون مع جماعة (أصدقاء الطبيعة)، فحولنا الإطارات إلى مراجيح وأحذية ومقاعد».
ومنطلقاً من حسه الطبيعي والبيئي، عمل المهندس أبو بكر على تدريب نزلاء السجون، أطفال الشوارع، أصحاب الحالات الخاصة، كبار السن وغيرهم، على «شغل» الإطارات القديمة، يقول: «أنتجنا للمجتمعات الفقيرة أثاثا فخما ورخيصا، بعد أن كانت الإطارات ملقاة على الطرقات بطريقة وشكل مزعج وقبيح».
ووفقاً للمهندس أبو بكر، تجد مصنوعات الإطارات القديمة رواجاً كبيراً من الناس لرخص ثمنها ومتانتها، فـ«الأثاث الخشبي يكلف أرخص أنواعه قرابة 500 دولار، بينما لا يتجاوز سعر الطقم المصنوع من الإطارات القديمة 10 دولارات».
تدوير إطارات السيارات القديمة على الطريقة السودانية
تدوير إطارات السيارات القديمة على الطريقة السودانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة