تركيا تقيم نقطة جديدة في ريف حماة لخفض التصعيد

TT

تركيا تقيم نقطة جديدة في ريف حماة لخفض التصعيد

أعلن الجيش التركي أمس إقامة نقطة مراقبة جديدة في محافظة حماة السورية، في إطار اتفاق مناطق خفض التصعيد الذي تم التوصل إليه بين تركيا وروسيا وإيران في مفاوضات آستانة.
وتوجهت قافلة عسكرية تركية مؤلفة من 100 مركبة، صباح أمس إلى منطقة مورك في الريف الشمالي لمحافظة حماة، مروراً بقرى كفر لوسين، وسرمدا، ومدينتي معرة النعمان وخان شيخون، من أجل إنشاء نقطة المراقبة. وتبعد النقطة الجديدة 88 كيلومتراً عن الحدود التركية، و3 كيلومترات عن مواقع انتشار قوات النظام والجماعات المدعومة من إيران.
وكان وفد استطلاع تركي تفقد قبل يومين مدن «خان شيخون» و«مورك» و«لحايا» و«كفرزيتا» و«الصياد» بريف حماة الشمالي.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين الخميس إن بلاده أقامت 8 نقاط مراقبة في سوريا من أصل 12 نقطة في إطار اتفاق مناطق خفض التصعيد، مؤكداً أن تركيا تسعى لعدم تكرار ما حدث في الغوطة الشرقية في كل من إدلب وريف حمص الشمالي
في سياق متصل، قالت مصادر دبلوماسية تركية إن روسيا وإيران أنشأتا قرابة 8 نقاط مراقبة في المنطقة، إلا أنها بمستوى رمزي، وليست في مناطق حساسة مثل نقاط المراقبة التركية. وأوضحت أن روسيا وإيران تُشرفان على مراقبة قوات النظام السوري فقط، أمّا تركيا فإنها منتشرة بين المعارضة العسكرية والفصائل المسلحة المعارضة بإدلب وبين قوات نظام بشار الأسد
وأضافت المصادر أن إيران تتفهم قلق أنقرة إزاء حماية أمنها القومي، وذلك بعد دعوة الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال قمّة أنقرة الثلاثية التركية الروسية الإيرانية الأربعاء الماضي، لانسحاب تركيا من منطقة «عفرين» وتسليمها للنظام السوري.
وأكدت المصادر الدبلوماسية، بحسب وسائل الإعلام التركية أن تركيا وإيران تُعارضان المخططات الانفصالية في سوريا، وتتفقان على دعم وحدة التراب السوري، لافتة إلى أن طهران تسعى إلى إضفاء أكبر قدر من الشرعية على نظام بشار الأسد وتدعم الحل السياسي في سوريا وفق رؤية النظام، واعتبرت أن تصريح روحاني حول عفرين، كان لمراعاة حساسيات النظام السوري.
وبالنسبة لروسيا، أكدت المصادر وجود تفاهم بشأن عملية غصن الزيتون التي تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين بدليل فتح المجال الجوي أمام الطيران الحربي التركي
في سياق متصل، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن عملية «غصن الزيتون» التي تنفذها قوات بلاده بالتعاون مع الجيش السوري الحر في عفرين تُساهم في إحلال السلام بالمنطقة، وتحول دون توسّع الإرهاب باتجاه أوروبا والولايات المتحدة.
واعتبر في مقال نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، أن «غصن الزيتون» هي قبل كل شيء خطوة للدفاع عن النفس ضد الهجمات الإرهابية على المناطق السكنية التركية. وشدّد على أن معسكرات العمال الكردستاني والوحدات الكردية الموجودة قرب الحدود التركية، تخدم هدفين اثنين، يتمثل الأول في فتح جبهة إضافية لعمليات العمال الكردستاني إلى جانب شمالي العراق وربطها لتكون «حزاماً إرهابياً» دائماً، وأكد أن الأسلحة والبنية التحتية العسكرية التي ضبطتها تركيا في عفرين، تُثبت بشكل قطعي ذلك التقييم.
ولفت جاويش أوغلو إلى أن أطرافا (في إشارة إلى واشنطن) زعمت بأن العملية التركية عطّلت الحرب ضد «داعش» بسبب تركيز الوحدات الكردية على صد التقدم العسكري التركي، معرباً عن اعتقاده في أن هذا الأمر يدل على حماقة أي استراتيجية تعتمد على «هؤلاء الإرهابيين».
وأكد أن تركيا لن تسمح بتجمع تنظيم داعش مجدداً، وستعمل مع الولايات المتحدة في هذا الصدد، داعياً إلى تجنب إظهار عملية «غصن الزيتون» على أنها هجوم تركي ضد الأكراد.
ولفت إلى تهجير نحو 400 ألف كردي من الأراضي الخاضعة لسيطرة الوحدات الكردية في سوريا، وهؤلاء لا يستطيعون العودة إلى أراضيهم بسبب ممارساتها.
أشار وزير الخارجية التركي إلى أن تنظيم داعش هُزم إلى حد كبير، ولكن ذلك لم يتحقق فقط بواسطة المجموعات المُدربة والمسلحة على يد الولايات المتحدة، معتبراً أن «داعش» هُزم بفضل جهود بذلها الجيش العراقي وتحالف عالمي يعمل من تركيا التي أثبتت الجوانب الضعيفة للتنظيم عبر تدخلها المباشر في مدينة «جرابلس» شمالي سوريا.
ولفت إلى أن تركيا تمتلك أوسع قائمة حظر للمقاتلين الإرهابيين الأجانب، وهي الدولة التي تنفذ أكبر عملية أمنية ضد «داعش» في العالم.
وأرجع التوتر في العلاقات التركية الأميركية إلى تسليح واشنطن للوحدات الكردية منذ الإدارة السابقة برئاسة باراك أوباما. وأعرب عن أمله في أن يكون تصحيح العلاقات بين البلدين، أولوية بالنسبة إلى نظيره الأميركي الجديد مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي الجديد للبيت الأبيض جون بولتون.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.