لو أن فريق «توتنهام هوتسبير» قد تعمد نسج حكاية عن كل مساوئ كرة القدم، لم يكن له ليتقنها بتلك الدرجة.
فقد تكشفت الأسبوع الماضي تفاصيل الإستاد الرياضي الجديد الذي طال انتظاره، وتزامن ذلك مع الإعلان عن زيادة أسعار التذاكر الموسمية بواقع 70 في المائة. فالكتيب البراق الذي يتباهي فيه النادي بمرافقه الفخمة فقد بريقه بعدما علم الجمهور برفع قيمة تذاكر حضور المباريات بتلك النسبة المهولة. فبدلا من التعبير عن سعادتهم بمقر النادي الجديد، اشتكى الكثيرون من أن أعمال التشطيبات من خشب السنديان والصلب الفاخر الذي يغطي أسقف الملاعب ليست السبب الذي يجعلهم يحضرون لمشاهدة المباريات، وجاء طرح أكثر من 1000 بطاقة عضوية جديدة المقصورة على بعض المباريات دون أخرى بقيمة 2200 جنيه إسترليني للبطاقة الواحدة لتزيد الطين بلة.
كانت تلك المرة هي الأكثر التي يتعرض فيها النادي لانتقادات جماهيره بهذه الشدة. ففي البداية، كانت هناك حالة من الإنكار لورود أي شكاوى، وبعد ذلك زعمت إدارة النادي بغباء أن زيادة الأسعار لم تكن بسبب فخامة منشآت الملعب الجديد. وبعدما قامت جمعية «رابطة المشجعين» بالبحث في حقيقة تلك الأرقام الجديدة ومدى تأثيرها على الجماهير، خرج النادي بتصريح زعم فيه وجود عدد أكبر من الاشتراكات الموسمية المتاحة بسعر 995 جنيها إسترلينيا بكميات تفوق ما كان متاحا في الملعب القديم، وهو ما يفترض أن يكون مؤشرا إيجابيا، حيث يعنى ذلك أن روح ماري أنطوانيت لا تزال ترفرف فوق المكان (التي تعجبت من عدم شراء الشعب الفقير للبسكويت طالما أن الخبز غير متاح).
لكن على كل من يشارك الرأي القائل بأن هذا هو حال كرة القدم التجارية الحديثة أن يعيد التفكير في الأمر. وعلى توتنهام أيضا أن يعيد التفكير لأن مردود تلك الزيادة على أجور اللاعبين سيكون ضئيلا ولن يكون له تأثير على عملية شراء نجوم جدد. وفي جميع الأحوال، ليس هناك التزام من قبل النادي فيما يخص تخطي الحدود القصوى لأجور اللاعبين. فعملية تمويل الإستاد الرياضي، شأن غيرها من المنشآت الكبرى، تتم اعتمادا على الدين المفترض سداده في أجل محدد. وقد اقتنعت البنوك بتولي عملية التمويل استنادا إلى جماهيرية النادي العريضة. فالنظرية تقول: «ابنِ وسوف تأتي الجماهير»، وحينها سيتهيأ المناخ للبث التلفزيوني الدولي وما يترتب عليه من حقوق مالية كبيرة.
قد يكون ذلك صحيحا في ملعب جديد لموسم واحد فقط، أو حتى تتدهور نتائج الفريق. لكن ماذا بعد ذلك؟ فبعد فرض التسعيرة الجديدة على مجموعة من أوفى المشجعين للنادي، وبعدما حولنا الجماهير التي كانت في السابق تمنح جوا حماسيا للمباريات في عموم البلاد إلى مجرد زبائن، كيف تتوقع أن يكون حال تلك الجماهير؟ فقد انعكست هنا المقولة القديمة التي تقول بأن «معرفة سعر كل شيء والجهل بقيمة أي شيء» أثبتت فشلها. نعلم أن كافة الجماهير شغوفة بأنديتها، لكن جماهير «توتنهام هوتسبير» أثبتت أنها من نوعية خاصة على الدوام بدرجة أثارت الإعجاب خاصة في أوقات الشدة. كان هناك دوما إحساس بأن النادي قد ضل الطريق في الماضي، لكن في ظل قيادة المدرب مارسيو بوكيتينو عرف الفريق الانتصارات مجددا ونشأت الصلة بين الجماهير والنادي، وولد إحساس جديد بالهوية المشتركة بين الجانبين. وقد ظن الناس أن النادي أدرك ذلك، من خلال طريقة معاملته خلال الشهور الأخيرة مع الوضع في ملعب «وايت هارت لين» الجديد وفي حديث إدارة النادي عن وضع الجماهير في مقدمة ومنتصف المدرجات بالملعب الجديد. لكن الواقع الجديد يقول إن من صدق ذلك كان غبيا.
لقد علق مشجعو توتنهام عقب إعلان النادي عن رفع أسعار بطاقات الحضور الموسمية، على مواقع الفريق الرسمية بـ«مقزز»، «خيانة»، «استغلال»، «خذلان». وأعلنت رابطة مشجعي الفريق أن ما يحدث هو ابتزاز، وأن النادي أصبح يحدد الولاء بالمبالغ التي يدفعها الجمهور.
لقد أعلن بعض من الجماهير التي تمتلك بطاقات موسمية أنها لن تقوم بتجديدها، ليس لأنهم لا يرغبون في تشجيع الفريق بل لأن إدارة النادي قررت تحديد قيمتهم بالمال. فيما أفاد البعض الآخر بأنهم سيجددون الاشتراك لعام واحد وبعدها سيقررون ما إذا كانوا سيواصلون تشجيع الفريق من المدرجات أم لا. لقد اتضح بما لا يدع مجالا للشك بأن تلك الأسعار لا تعرف العاطفة، وهو أمر مضحك لأن العاطفة وحدها هي ما تعطي الرواج لهذا النوع من التجارة.
لكن مجلس إدارة توتنهام لا يزال بإمكانه رأب الصدع الذي حدث مع الجماهير بإعادة التفكير في السعر الجديد قبل الموعد المحدد لإقراره في 16 مايو (أيار) القادم. يمكن للإدارة أيضا أن تعيد التفكير في الامتيازات التي تقدمها ويمكنها تعويض التذاكر الموسمية للدوري، بتقديم خصومات على مباريات الكأس، أو عمل خصومات للسنوات القادمة. من ضمن المقترحات أيضا تجميد أي زيادة في الأسعار لفترة محددة، أو أن تعلن التزامها بتقديم تخفيضات بعد سداد الديون. وعليها أيضا أن تأخذ على محمل الجد ما تقوله شريحة عريضة من جماهير الفريق وألا تتجاهله.
يمكن لمجلس الإدارة الحالي أن يترك بصمة تتذكرها الأجيال القادمة، إذا قرروا السير في الاتجاه الصحيح الذي يجعل من توتنهام هوتسبير قلعة عريقة ذات تاريخ. أما إذا قررت الإدارة الإصرار على المضي في برنامجها برفع الأسعار، فمن المؤكد أن الأجيال القادمة ستتذكرهم بوصفهم أسوأ من أسسوا لكرة قدم حديثة حمقاء.
على توتنهام إصلاح علاقته بجمهوره بعد أزمة التذاكر
الإدارة قررت زيادة أسعار البطاقات الموسمية بنسبة 70%
على توتنهام إصلاح علاقته بجمهوره بعد أزمة التذاكر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة