جنبلاط يصعّد ضد باسيل ويحيّد رئيس الجمهورية

التباعد بين «الاشتراكي» و«الوطني الحر» عنوان للمرحلة المقبلة

جنبلاط استقبل في دارته مساء أول من أمس القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري («الشرق الأوسط»)
جنبلاط استقبل في دارته مساء أول من أمس القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري («الشرق الأوسط»)
TT

جنبلاط يصعّد ضد باسيل ويحيّد رئيس الجمهورية

جنبلاط استقبل في دارته مساء أول من أمس القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري («الشرق الأوسط»)
جنبلاط استقبل في دارته مساء أول من أمس القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري («الشرق الأوسط»)

يدور صراع سياسي خفي منذ فترة طويلة بين الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، والتيار الوطني الحر الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، خرج إلى العلن مع حماوة الانتخابات النيابية واقتراب موعد هذا الاستحقاق في 6 مايو (أيار) المقبل.
ويظهر جلياً الآن أن الزعيم الجنبلاطي يحيد العماد عون عن تغريداته التي تحمل انتقادات لاذعة للوزير باسيل وللتيار الوطني الحر، على خلفية ملف بواخر الكهرباء، وصولاً إلى الانتخابات النيابية المقبلة في ظل التنافس بينهما، وتحديداً في دائرة الشوف - عاليه، حيث الحضور الجنبلاطي هو الأبرز في الدائرة المذكورة.
وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية مواكبة للمسار الراهن بين الفريقين، إن «القلوب مليانة» بين العونيين والاشتراكيين، خصوصاً أن الاتصالات التي سبقت ولادة اللوائح الانتخابية بين مقربين من النائب جنبلاط والوزير باسيل، لم تؤدِ إلى أي توافق، رغم أن رئيس اللقاء الديمقراطي كان يرغب في حصول ائتلاف انتخابي من شأنه أن يخفف من حدة المعركة وتشنجاتها وقدم عرضاً للتيار الوطني الحر لم يوافق عليه، على قاعدة أنه «تيار سياسي أساسي، وهو من يشكل اللوائح ولا أحد يفرض عليه هذا المقعد أو ذاك».
وقالت المصادر: «إضافة إلى ذلك، أدى تفاهم التيار الوطني الحر والوزير طلال أرسلان إلى ارتفاع حدة الخلافات على خط المختارة مقر الزعامة الجنبلاطية والتيار الوطني الحر، ومن هنا كثرت في الأيام القليلة الماضية التغريدات من قبل النائب جنبلاط التي تنتقد سياسة وزير الخارجية جبران باسيل وإملاءاته».
المعركة الانتخابية في دائرة الشوف - عاليه، مرشحة لأن تشهد مواجهة بين 4 لوائح ولا سيما بين لائحة مصالحة الجبل التي يرأسها تيمور جنبلاط، ولائحة تفاهم الوزير أرسلان والتيار الوطني الحر، ناهيك بلائحة الوزير السابق وئام وهاب وأخرى للمجتمع المدني، وبالتالي فإن المعركة ستكون على الصوت التفضيلي الذي يعتبر الصوت المرجح.
وبمعزل عن الاستحقاق الانتخابي، فإن اصطفافات سياسية ستظهر فيما بعد الانتخابات النيابية، في ظل فرز للقوى والتيارات السياسية من خلال التطاحن والمواجهات التي ستحصل في 6 مايو المقبل، وخصوصاً في دائرة الشوف - عاليه، فقد بدأ الخلاف يستعر بين دارة خلدة حيث زعامة الوزير أرسلان، والمختارة مقر زعامة جنبلاط.
وفي الوقت نفسه، قال مرجع سياسي لـ«الشرق الأوسط»، إن التباعد والخلاف بين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر قد يكون عنوان المرحلة المقبلة في إطار سعي الوزير باسيل لفرض سياسته ومشاريعه في الجبل، وذلك يعتبر دخولاً مباشراً إلى معقل الزعيم الجنبلاطي، ما ستكون له تداعيات وانعكاسات سلبية على عناوين كثيرة.
وفي هذا الإطار، يقول عضو اللقاء الديمقراطي النائب نعمة طعمة لـ«الشرق الأوسط»، إننا «في اللقاء الديمقراطي ولائحة مصالحة الجبل لم ولن ندخل في أي مواجهات سياسية أو تصعيد لهجتنا الانتخابية تجاه أي طرف، ذلك أن هذا الاستحقاق يتسم بمنحى ديمقراطي والناس تختار من يمثلها»، مضيفاً: «في المحصلة نحن نحترم خياراتها وتوجهاتها وهذه اللعبة الديمقراطية التي يتميز بها لبنان».
ولفت النائب طعمة إلى أن اللقاء الديمقراطي وخلال الاتصالات السياسية مع هذا الطرف، وذاك بغية الوصول إلى ائتلاف انتخابي «كان يهدف وما زال إلى تحقيق كل ما يحصن مصالحة الجبل وتفعيل الإنماء والتنمية في الجبل، وهذه الأمور قمنا بها منذ سنوات طويلة وليست وليدة الاستحقاق الانتخابي، وهذا ما يدركه كل أهل الجبل»، متمنياً على الجميع أن «يعتمدوا الخطاب العقلاني الهادئ حفاظاً على وحدة الجبل وأهله ولا سيما في هذه الظروف الحساسة التي نمر بها في لبنان والمنطقة، وفي خضم الأزمة الاقتصادية المستشرية وأن نتطلع إلى أمور وقضايا الناس وكل ما يجمع ولا يفرق».
وأضاف طعمة: «كل ما يسعى إليه النائب وليد جنبلاط وتيمور جنبلاط يتمحور حول الحفاظ على مصالحة الجبل وهذا التاريخ الناصع في التعايش والتلاقي بين جميع مكوناته، بعيداً عن أي تحديات ومواجهات، فنحن منفتحون على جميع القوى والتيارات السياسية والانتخابات كما أسلفت هي خيار ديمقراطي، ويجب أن يبقى في هذا الإطار».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».