الصين تبدأ «هجومها المضاد» في حرب الرسوم التجارية

بكين تستهدف «المنتجات الصغيرة» وتدعو لمحادثات تجنباً للتصعيد

الصين تبدأ «هجومها المضاد» في حرب الرسوم التجارية
TT

الصين تبدأ «هجومها المضاد» في حرب الرسوم التجارية

الصين تبدأ «هجومها المضاد» في حرب الرسوم التجارية

أعلنت الصين، أول من أمس، ردود فعلها «الانتقامية والعملية» في أزمة الرسوم الجمركية، التي فرضتها الولايات المتحدة ضد عدد من الواردات، حيث كشفت عن بدء سريان رسوم جمركية من جانبها على 128 سلعة أميركية، من بينها 120 سلعة جرى فرض رسوم جمركية عليها بنسبة 15 في المائة، و8 سلع أخرى بنسبة 25 في المائة، وذلك ابتداء من أمس الاثنين... لكن بكين حثت في الوقت ذاته على إجراء محادثات تجارية مع الولايات المتحدة لمنع حدوث أضرار أكبر للعلاقات.
وانتقدت الصين ضرائب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الصلب والألومنيوم، وردت بسلسلة من التعريفات الخاصة باستهداف بعض المنتجات الأميركية، بما في ذلك اللحوم والفاكهة والنبيذ.
ورغم أن الصين لم تستهدف في ردها الأول «السلع الأميركية الكبرى»، على غرار الطائرات، إلا أنها استهدفت منتجات صغيرة متعددة، مثل منتجات لها علاقة بـ«جوز الهند» أو «الكاشو» و«اللوز»، وصولاً إلى «خردة الألومنيوم»، وهي منتجات من شأن فرض رسوم عليها أن تسفر عن أمرين، بحسب المحللين، أولاً تأكيد موقف بكين من أنها تعني ما تهدد به، وأنها سترد بقوة على الخطوة الأميركية بفرض رسوم على الصلب والألومنيوم، وكذلك أي استهداف مزمع لاحقاً لعدد من الواردات الصينية الأخرى، وثانياً فإن استهداف السلع «الصغيرة»، مثل الفاكهة واللحوم وغيرها أو المنتجات القائمة على الصناعات الصغيرة، قد يسبب ضغوطاً «انتخابية» على إدارة ترمب بأكثر من استهداف منتجات أو مصانع كبرى، نظراً لتضرر قطاع واسع من المزارعين والصناع، جراء هذه الخطوة. كما أن بكين ربما فضلت إرجاء خطوة «المنتجات الأكبر» لمرحلة لاحقة، في ظل تصعيد متوقع من الإدارة الأميركية. وتشير الأرقام إلى أن واردات الصين من المنتجات الأميركية الـ128 تبلغ سنوياً 3 مليارات دولار.
وقالت وكالة الأنباء الصينية الرسمية (شينخوا) إن لجنة الرسوم الجمركية في مجلس الدولة فرضت تلك الرسوم، بعد أسابيع من تبادل تصريحات أثارت مخاوف من حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وذلك رداً على الرسوم التي فرضتها واشنطن على الفولاذ والألومنيوم، واعتبرت بكين أنها «تلحق ضرراً خطيراً» بمصالحها.
وكانت إدارة ترمب ذكرت أن الرسوم التي فرضتها على واردات الفولاذ والألومنيوم تهدف إلى حماية الأمن القومي للولايات المتحدة، لكن وزارة التجارة الصينية رأت فيها «مخالفة» لقواعد منظمة التجارة العالمية. وقالت وزارة التجارة الصينية، في بيان على موقعها الإلكتروني، إن الإجراءات الأميركية «موجهة ضد عدد قليل من الدول فقط، في انتهاك خطير لمبدأ عدم التمييز الذي يشكل أساس نظام التجارة التعددي، ما يلحق ضرراً خطيراً بمصالح الجانب الصيني».
وكان الرئيس الأميركي هاجم الصين مرات عدة بسبب العجز التجاري الهائل للولايات المتحدة، ووعد خلال حملته الانتخابية باتخاذ إجراءات لخفض هذا العجز.
وحذرت بكين في مارس (آذار) الماضي من أنها تدرس فرض رسوم جمركية، تتراوح بين 15 في المائة و25 في المائة، على عدد من المنتجات الأميركية، بينها النبيذ والمكسرات وخردة الألومنيوم. ونقلت «وكالة أنباء الصين الجديدة» عن بيان الحكومة، أن هذه الرسوم دخلت حيز التنفيذ الاثنين. وجاءت هذه الإجراءات رداً على رسوم فرضتها الولايات المتحدة على استيراد الفولاذ (25 في المائة) والألومنيوم (10 في المائة).
وبالأمس، قالت وزارة التجارة الصينية: «نأمل أن تتمكن الولايات المتحدة من سحب الإجراءات التي تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية في أسرع وقت ممكن لإعادة تبادل السلع بين الصين والولايات المتحدة إلى المسار الطبيعي». وأضافت أن «التعاون بين الصين والولايات المتحدة - أكبر اقتصادين في العالم - هو الخيار الصحيح الوحيد».
وعلق ترمب مؤقتاً الرسوم المفروضة على الاتحاد الأوروبي والأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والمكسيك وكوريا الجنوبية. لكن البيت الأبيض كشف أنه ينوي فرض رسوم على سلع صينية بقيمة 60 مليار دولار بسبب «سرقتها» للملكية الفكرية.
وقال نائب رئيس الوزراء الصيني لو هي لوزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين في مكالمة هاتفية، الشهر الماضي، إن التحقيقات الخاصة بالملكية الفكرية انتهكت قواعد التجارة الدولية، وإن بكين «جاهزة للدفاع عن مصالحها الوطنية». ودعت الصين، الولايات المتحدة، إلى وقف «ترهيبها الاقتصادي»، وأكدت أنها مستعدة للرد.
لكن بكين لم تدرج في إجراءاتها واردات أميركية كبيرة مثل فول الصويا وطائرات بوينغ، التي رأت صحيفة «غلوبال تايمز» الحكومية إنه يجب استهدافها. وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها الأسبوع الماضي إن الصين «أوشكت على استكمال لائحة الرسوم الانتقامية على المنتجات الأميركية وستنشرها قريباً»، موضحة أن «اللائحة تضم واردات صينية كبيرة من المنتجات الأميركية». وتابعت أن «ذلك سيشكل ضربة قاسية لواشنطن التي تسير بعدوانية باتجاه حرب تجارية، وسيجعل الولايات المتحدة تدفع ثمن سياستها التجارية المتطرفة حيال الصين».
وبلغت قيمة الواردات الصينية من المنتجات الأميركية، التي جرى فرض رسوم بشأنها، ثلاثة مليارات دولار العام الماضي، أي ما يشكل بالكاد 2 في المائة من إجمالي الصادرات الأميركية إلى الصين (بلغت قيمتها 154 ملياراً في 2017)، بحسب الجمارك الصينية.
وتسعى إدارة ترمب إلى مواجهة العجز التجاري الأميركي مع باقي العالم، معتبرة أن السلع المستوردة كثيراً ما تكون مدعومة بشكل غير قانوني. وفي حالة الصين طالب ترمب العملاق الآسيوي بتقليص فائضه التجاري مع واشنطن بما لا يقل عن مائة مليار دولار.
وتعاني الولايات المتحدة عجزاً تجارياً هائلاً مع بكين بلغ في 2017 ما قيمته 375.2 مليار دولار. والتقت السيناتور الديمقراطية الأميركية إليزابيث وارن، الجمعة والسبت، في بكين، مع مسؤولين صينيين، بينهم نائب رئيس الوزراء الصيني. وكتبت وارن على «تويتر»: «أجريت نقاشاً مستفيضاً مع نائب رئيس الوزراء (لو هي) حول كيف تؤدي الإجراءات التجارية الملتوية للصين إلى الإضرار بالعمال الأميركيين». وأضافت: «كنت دائماً متوجسة إزاء السياسة التجارية، داخل الوطن وفي الخارج، التي تخدم المؤسسات الكبرى بدلاً من العائلات العاملة».


مقالات ذات صلة

سوريا بعد الأسد من منظور أميركي

خاص يرجح كثيرون أن يسحب ترمب القوات الأميركية من سوريا (أ.ب)

سوريا بعد الأسد من منظور أميركي

يستعرض «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، كيفية تعامل إدارة بايدن مع الأمر الواقع في سوريا وتوجهات إدارة ترمب.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يعتزم إلغاء التوقيت الصيفي في الولايات المتحدة

أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عن رغبته في إلغاء التحول إلى التوقيت الصيفي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ مؤسس شركة «أمازون» الأميركية العملاقة جيف بيزوس متحدثاً في لاس فيغاس (أ.ب)

عمالقة التكنولوجيا يخطبون ودّ ترمب… بالملايين

اصطف مليارديرات صناعة التكنولوجيا الأميركيون، وآخرهم مؤسس «أمازون» جيف بيزوس، لخطب ود الرئيس المنتخب قبل عودته للبيت الأبيض من خلال تبرعات بملايين الدولارات.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب في ولايته الأولى رئيساً للولايات المتحدة يلوح بيده خلال اجتماع ثنائي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان في 28 يونيو 2019 (رويترز)

ترمب ينتقد قرار بايدن إرسال صواريخ تستهدف العمق الروسي ويصفه بالأحمق

موسكو ترحب بانتقادات دونالد ترمب لقرار جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى ضد أهداف داخل عمق الأراضي الروسية

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال إفادة صحافية مشتركة بعد مباحثاتهما في أنقرة الجمعة (رويترز)

«توافق عام» تركي - أميركي على مستقبل سوريا ما بعد الأسد

سيطر ملفان رئيسيان على مباحثات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في أنقرة؛ أولهما مستقبل سوريا ما بعد بشار الأسد، والثاني التباين حول مكافحة الإرهاب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)
TT

الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)

شهدت الليرة السورية تحسناً ملحوظاً في قيمتها أمام الدولار، حيث أفاد عاملون في سوق الصرافة بدمشق يوم السبت، بأن العملة الوطنية ارتفعت إلى ما بين 11500 و12500 ليرة مقابل الدولار، وفقاً لما ذكرته «رويترز».

ويأتي هذا التحسن بعد أن بلغ سعر صرف الدولار نحو 27 ألف ليرة سورية، وذلك بعد يومين فقط من انطلاق عملية «ردع العدوان» التي شنتها فصائل المعارضة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويوم الأربعاء، قال رئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة في سوريا، محمد البشير، لصحيفة «إيل كورييري ديلا سيرا» الإيطالية: «في الخزائن لا يوجد سوى الليرة السورية التي لا تساوي شيئاً أو تكاد، حيث يمكن للدولار الأميركي الواحد شراء 35 ألف ليرة سورية». وأضاف: «نحن لا نملك عملات أجنبية، وبالنسبة للقروض والسندات، نحن في مرحلة جمع البيانات. نعم، من الناحية المالية، نحن في وضع سيئ للغاية».

وفي عام 2023، شهدت الليرة السورية انخفاضاً تاريخياً أمام الدولار الأميركي، حيث تراجعت قيمتها بنسبة بلغت 113.5 في المائة على أساس سنوي. وكانت الأشهر الستة الأخيرة من العام قد شهدت الجزء الأكبر من هذه التغيرات، لتسجل بذلك أكبر انخفاض في تاريخ العملة السورية.