حاملات ذكية لتوصيل الدواء عن طريق الرئة

تتفادى أنظمتها الدفاعية وتتحلل في الجسم بعد أداء مهمتها

د. إبراهيم الشربيني («الشرق الأوسط»)
د. إبراهيم الشربيني («الشرق الأوسط»)
TT

حاملات ذكية لتوصيل الدواء عن طريق الرئة

د. إبراهيم الشربيني («الشرق الأوسط»)
د. إبراهيم الشربيني («الشرق الأوسط»)

تمكن فريق بحثي مصري من ابتكار «حاملات دواء ذكية» يمكن من خلالها استخدام الرئة في توصيل الدواء للجسم، وتفادي أنظمتها الدفاعية التي حالت في السابق دون استخدامها في هذا المجال.
ودخل الفريق البحثي في اتفاق مع شركة لإنتاج الدواء بهدف تصنيع الحاملات التي حصلت على براءة اختراع أميركية بشأن استخدامها في علاج أمراض الانسداد الرئوي المزمن، والربو القصبي، والتليف الكيسي، واستنشاق الكلور، والإنفلونزا، واحتشاء عضلة القلب الحاد.
ويقول قائد فريق الباحثين بالمشروع أستاذ علم المواد د. إبراهيم الشربيني، لـ«الشرق الأوسط» إن «الفكرة الأساسية للعمل انطلقت من النظر إلى الرئة باعتبارها عضوا مميزا جدا من حيث كفاءة التوصيل الدوائي، ولكن الأنظمة الدفاعية الموجودة بها تحول دون استخدامها في هذا الغرض، حيث تتعامل مع الدواء على أنه جسم غريب مثله مثل التراب والملوثات».
وتملك الرئة أربع خصائص تجعلها موصلا جيدا للدواء، فهي تشبه الإسفنج، بما يجعل مساحة سطحها واسعة وتكون عالية الامتصاص للدواء وتوصيله للدم، كما أن النشاط الإنزيمي بها محدود، بما يجعل فرص تكسير الدواء وتحلله محدودة، ونسبة الأوعية والشعيرات الدموية عالية جدا، بما يسرع من وصول الدواء للدم، وأخيرا فإن الدواء الذي يصل من خلالها لا يمر على الكبد، وبالتالي يحتفظ الجسم بجزء كبير من الجرعة الدوائية.
ورغم هذه الخصائص المميزة فإن ثلاثة أنظمة دفاعية موجودة بالرئة تحول دون الاستفادة منها، حيث تحصن طبقة المخاط والأهداب المنطقة العليا منها ضد الأجسام الغريبة، بينما تتعامل «خلايا الماكروفاج» مع الأجسام الغريبة التي تصل إلى العمق، وما فعله الفريق البحثي هو تصميم حاملات دواء تتفادى الأنظمة الثلاثة.
ويقول د. الشربيني: «الدراسات السابقة التي أجريت بشأن توصيل الدواء عبر الرئة توصلت إلى أنه حتى تتعامل مع النظامين الدفاعيين في أعلى الرئة فلا بد من ضبط حجم جسيمات الدواء بحيث تكون متناهية الصغر، لأنها إذا زاد حجمها سيتم لفظها والتعامل معها كجسم غريب، ولكن المشكلة أن هذا الحجم هو المثالي لنظام خلايا الماكروفاج».
والحل الذي توصل له الفريق البحثي هو تصميم حاملات دواء ذكية تخدع هذه الأنظمة الدفاعية، فيكون حجمها مناسبا بحدود «3:5 ميكرون (1000 ميكرون= 1 مليمتر) للتعامل مع النظامين الأول والثاني، وتتمتع بخاصية امتصاص الرطوبة، بحيث عندما تصل لعمق الرئة تمتص الرطوبة، فيزيد حجمها من 3 إلى 4 أمثال خلايا الماكروفاج، فلا تدركها تلك الخلايا، وتم ضبط تلك الحاملات بحيث تكتسب الرطوبة ليزيد حجمها خلال أقل من دقيقة قبل أن تدرك وجودها خلايا المناعة».
ويوضح د. الشربيني، أن هذه الحاملات الدوائية صممت من مواد غير سامة معتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، وهذه المواد قابلة للتحلل الحيوي ونواتج تحللها مواد موجودة بالرئة فلا تسبب أي التهابات أو إثارة لخلايا المناعة.


مقالات ذات صلة

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً