«مديحة» تبيع «الدعاء» مع الزهور على كورنيش نيل القاهرة

مديحة بائعة الورد
مديحة بائعة الورد
TT

«مديحة» تبيع «الدعاء» مع الزهور على كورنيش نيل القاهرة

مديحة بائعة الورد
مديحة بائعة الورد

كسرت «مديحة. ن» بائعة الورد على كورنيش النيل في القاهرة قاعدة اقتصادية مستقرة؛ إذ إنها لا تبيع زهوراً فقط، وإنما تبيع أيضاً معها «دعوات» للزبائن المحتملين بـ«الصحة والسعادة والخطبة والزواج».
ما يدفعه الزبون لـ«مديحة» إذن ليس مقابل الزهرة التي اشتراها، ولكنه أيضاً الأثر النفسي الذي ستجتهد، هي وزميلاتها، في إلقائه في وجدانه، وهو أمر يصعب جداً حسابه بأي آلة حاسبة.
«مديحة» ليست سوى واحدة من عشرات البائعات اللاتي تراهن بوضوح على كوبري قصر النيل العريق بوسط القاهرة، أو على الممشى السياحي الجديد على الكورنيش، تجتذبك ألوان الورد الزاهية وهن يحملنها في أيديهن، بينما ترتاب من الإلحاح الشديد، المصحوب بالأدعية، وتمني «صلاح الحال والبركة، وأن يجمع الله بين المخطوبين من الزبائن في الخير».
هؤلاء البائعات المُلحات يتخذن من شواطئ النيل مقرا لهن، فأينما حللت بالقرب من صفحة النهر البيضاء، سيأتين إليك، ممسكات أحزمة الورد في أيديهن، ويعرضنها عليك بغير لطف أو استئذان، بعبارة «مين يشتري الورد مِني».
في زاوية متسعة، من ممشى الكورنيش الجديد أمام مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو»، كانت تقف مديحة، وهي سيدة ثلاثينية، ترتدي عباءة سوداء، مزركشة ببعض ألوان التطريز...، كانت تنظر حولها، وتدقق النظر جيدا في وجوه الجالسين، الناظرين نحو «هبة مصر»، لتتحين الفرصة، للتقدم نحوهم بسرعة، في محاولة منها لإقناعهم بالشراء.
قالت «مديحة» لـ«الشرق الأوسط»، إنها لم تكن تتخيل أن يكون الورد مصدر رزق لها، فهي لم تشم وردة طوال حياتها، حتى عندما تزوجت لم يكن الورد يدخل بيتها، ولم تطمح لشرائه لشم رائحته، وقد عرفت بالصدفة البحتة عن طريق بعض معارفها بعد أن ضاقت بها الدنيا، وأرهقها البحث عن عمل، أن بيع الزهور يدر دخلا معقولا، فاتجهت إليه، وهي تعرف أن العمل مرهق جدا لمثلها، لأنها تظل واقفة على قدميها منذ الثانية عشر ظهراً، وحتى ساعة متأخرة من المساء، ولا تجلس إلا إذا أخذ التعب مبلغه منها.
في بداية عملها، لم تكن مديحة تعرف ماذا تفعل من أجل أن يقبل الناس على شراء ورودها، كانت تقضي اليوم بأكمله سيرا على قدميها، ولا تبيع إلا القليل منه، حتى نصحها الشخص الذي تشتري منه الزهور بأن تراقب زميلاتها وهن يروجن ما في حوزتهن من ورد، وتتابعهن وهن يتحدثن مع الشباب والفتيات، ويلححن على طلب شرائها، وكذلك وهن يطلقن الدعوات للمشترين بزواج سعيد، وحب دائم.
لقد توصلت «مديحة» إلى سر النجاح في بيع بضاعتها على ما يبدو؛ إذ أكدت لنا أن الدعوات التي ترددها تخاطب أمنيات وأحلام مرتادي الكورنيش، وهم «يقبلون على شراء بضاعتي، التي أصبحت أعرف أنها تتكون من صنفين: الزهرة، والدعاء».
وأضافت مديحة أنها تشتري الورد المغلف بورق السوليفان من تاجر شاب، يوجد بالقرب من منطقة عملها، حول كورنيش النيل بالقاهرة، بعدما يأتي به من أحد مشاتل ومزارع قرية برطس، بمركز أوسيم، بمحافظة الجيزة، بأسعار زهيدة، ويعد هذا التاجر بمثابة الوسيط بين أصحاب مزارع الورد والبائعين المتجولين.
قطعت مديحة كلامها، واتجهت نحو شاب يسير بصحبة فتاة، وراحت تدعو لهما بالسعادة والصحة والعافية، وأن يوفق الله بينهما، ولم تتوقف عن الدعوات حتى أخرج الشاب من جيبه مبلغا قليلا من المال، ووضعه في يد مديحة، كانت قدمت لفتاته وردة حمراء، نظرت خلسة فيما وضعه في يدها من مال، ثم بفرحة غامرة راحت تطبع قبلة على خد فتاته، وهي تودعهما بدعوات تحفظها عن ظهر قلب وترددها كل مرة.
أوضحت مديحة أنها لا تبيع الوردة بسعر محدد، قائلة: «لا أفرض أبدا على أحد ما يدفعه لي، هي مجرد هدية لمن يرغب فيها، ويقدرها حسب ما يرى، وتبعا للموقف الذي يكون فيه، قد يعطيني مبلغا يساوي كل هذا الورد الذي بين يديَّ، وقد يمنحني جنيهات قليلة ترضيني، فأنا في كل الأحوال أحمد الله على أي رزق.
من جهته، قال «يونس. م»، تاجر ورود بمنطقة المنيل (وسط القاهرة)، إن أسعار الزهور شهدت ارتفاعا كبيرا في الآونة الأخيرة، بسبب ارتفاع تكلفة إنتاجها، وتتم زراعة غالبية الورود في صوب بمحافظتي الجيزة والمنوفية، وتحتاج إلى إضاءة مستمرة، ويلجأ أصحاب تلك المزارع إلى توفير إضاءة ليلية، حتى لا تذبل. فالإضاءة الليلية وفقا لعم يونس، تساعد في المحافظة على نضارتها قبل قطفها في الساعات الأولى من النهار.
وأضاف يونس قائلا: «زراعة الفُل في مصر، تتركز في محافظة أسيوط، بمنطقة المعابدة، حيث تساعد الأجواء الجافة في فصل الربيع على نمو أنواع جيدة منه، وهي تجارة رغم تكلفتها الباهظة مربحة جدا، حيث يبيعون لتر زيت الفل الخام بأكثر من 20 ألف جنيه، مما يوازي 1200 دولار تقريبا.
وقال يونس، إن «إنتاج الورد في فصل الشتاء يكون قليلا جداً، لأن برودة الشتاء، لا تجعله ينمو كما يجب، لكنه يسعى دائما لأن يوفر لزبائنه مطالبهم، رغم مشقة السفر إلى تلك المزارع، للحفاظ على زبائنه».
من جهتها، فسرت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، قدرة بائعات الورد على إقناع الزبائن المحتملين بـ«الذكاء الشديد وتراكم الخبرات»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «بائعات الورود، يختلفن عن بقية الباعة الجائلين الآخرين، لأنهن يبعن سلعة ترفيهية، مرتبطة بالعواطف والمشاعر، وهو أمر سيربك الاقتصاديين بالتأكيد».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.