العبادي يحدد استراتيجية للعراق من الصراع بين واشنطن وطهران

حيدر العبادي خلال مخاطبته «منتدى الطاقة 2018» في بغداد أمس (أ.ب)
حيدر العبادي خلال مخاطبته «منتدى الطاقة 2018» في بغداد أمس (أ.ب)
TT

العبادي يحدد استراتيجية للعراق من الصراع بين واشنطن وطهران

حيدر العبادي خلال مخاطبته «منتدى الطاقة 2018» في بغداد أمس (أ.ب)
حيدر العبادي خلال مخاطبته «منتدى الطاقة 2018» في بغداد أمس (أ.ب)

أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أن بلاده تريد أن تنأى بنفسها عن الصراع بين الولايات المتحدة وإيران.
وقال العبادي، خلال مؤتمر الطاقة الذي عقد في بغداد أمس، إن «العراق يريد تحقيق توازن في علاقاته مع واشنطن ومع طهران»، عادا أن «هذه السياسة تصب في صالح بغداد». وفي وقت تشهد فيه العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران مزيدا من التوتر على خلفية التغييرات الأخيرة بالإدارة الأميركية، فقد عبر رئيس الوزراء العراقي عن أمله في «ألا تنسحب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران». لكن اثنين من السياسيين والأكاديميين العراقيين البارزين عبرا عن رؤيتين متباينتين حيال ما عده طموحا أو «أمنيات» للعبادي.
يقول السياسي العراقي المستقل نديم الجابري، أحد المرشحين السابقين لرئاسة الحكومة العراقية، إن «ما عبر عنه العبادي هو في الواقع مجرد أمنيات ليس لها رصيد كبير على أرض الواقع، لأن العراق في ظل إمكانياته الحالية من الصعب أن يكون طرفا محايدا في أي صراع محتمل بين الولايات المتحدة وإيران، خصوصا إذا تحول هذا الصراع إلى صراع ساخن».
وأضاف الجابري: «ليس في مقدور العراق في الوقت الراهن، أن يكون متفرجا... لأنه لا يملك المقومات الكافية التي تؤهله لأن يؤدي دور الوساطة الحميدة بين الطرفين»، مبينا أن «هناك عوائق كثيرة لا تزال تحول دون أن يتحول العراق إلى قوة إقليمية مؤثرة في التوازنات الدولية بسبب الأوضاع غير المستقرة في الداخل ومنها الوضع الأمني، حيث إن السياسة الخارجية هي في النهاية امتداد للسياسة الداخلية».
وأوضح الجابري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العراق ورغم التأثير الإيراني عليه فإنه يعد جزءا من منطقة النفوذ الأميركية، وهو أمر معروف حتى للقوى الدولية الأخرى، حيث إن روسيا مثلا لا تتحرك على العراق ولا تزاحم أميركا فيه بينما تتحرك على سوريا»، مبينا أن «لأميركا قدرة الحسم في العراق، بينما إيران تملك تأثيرا فقط، لكنها لا تملك قدرة الحسم، لكن الإيرانيين كانوا حرفيين أكثر في التعامل مع الملف العراقي أكثر من الأميركان فأصبح لهم تأثير واسع».
أما الدكتور عامر حسن فياض، عميد كلية النهرين للعلوم السياسية، فيقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «مشكلات العراق ليست قليلة، بحيث يكون طرفا في أي صراع في المنطقة لا سيما بين الأميركيين والإيرانيين، وبالتالي فإنه ورغم ذلك يحاول أن يكون نقطة توازن بحيث لا ينظر للعلاقة مع الأميركيين بعين إيرانية ولا للعلاقة مع الإيرانيين بعين أميركية».
وبينما يرى فياض أن «هذه المسألة بحد ذاتها في غاية الصعوبة، لكن العراق وصل إلى حالة من الإدراك بأنه في الوقت الذي لا يستطيع الخروج فيه خارج قدراته فإنه يعرف أن موقعه وسط بين ثلاث أمم وهي العربية والتركية والإيرانية، وبالتالي فإن استقراره هو استقرار لهذه الأمم كما أن أي مشكلات يمكن أن يمر بها العراق تؤثر بالضرورة على هذه الأمم». وأضاف: «العراق حين لا تسعفه قدرات معينة بسبب الأوضاع التي مر بها فإن الرهان على موقعه والتوازنات التي يخلقها هذا الموقع هي بحد ذاتها مسألة مهمة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.