حالة من القلق يشهدها قطاع المصارف والبنوك واتحادات الائتمان في الولايات المتحدة الأميركية، بسبب عرقلة مجلس النواب تمرير مشروع قانون يهدف إلى تخفيف القيود الفيدرالية على البنوك الصغيرة والمتوسطة.
وكان مجلس الشيوخ الأميركي قد وافق منتصف الشهر الجاري علي تمرير مشروع القانون، وأحاله إلى مجلس النواب لتمريره، تمهيدا لإرساله للرئيس الأميركي دونالد ترمب لاعتماده.
ويتضمن مشروع القانون، حزمة كبيرة من الإجراءات لتخفيف القواعد الفيدرالية المفروضة على البنوك الصغيرة والمتوسطة والاتحادات الائتمانية منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، وذلك بهدف تسهيل عمليات الاقتراض والإقراض للشركات والمشروعات الصغيرة والأفراد.
ويمثل مشروع القانون نقلة وتغيرا كبيرا في القواعد والقيود المتبعة في القطاع المصرفي الأميركي منذ انتهاء الأزمة المالية العالمية، والتي أعقبها فرض قيود واسعة على عمليات الإقراض من قبل البنوك واتحادات الائتمان. وأدى ذلك إلى تحجيم عمليات الإقراض من قبل البنوك الصغيرة والمتوسطة سواء للأفراد أو للشركات الصغيرة. وأثرت هذه القواعد أيضا على سوق العقارات بشكل كبير، حيث تراجع حجم القروض العقارية بشكل ملحوظ بعد تطبيق هذه القواعد.
وطبقا للقواعد المعمول بها حاليا، تلتزم جميع البنوك التي يصل - أو يتعدى - رأس مالها خمسين مليار دولار باتباع قواعد صارمة في الإقراض للأفراد والشركات، وفي جميع الأحوال لا يمكن لهذه البنوك أن تتوسع في عمليات الإقراض بشكل يؤثر على نسبة رأس المال النقدي التي يجب أن تحتفظ بها البنوك في خزائنها المركزية في جميع الأوقات. ويعتبر هذا الشرط أكبر القيود المفروضة علي البنوك الأميركية منذ الأزمة المالية العالمية، والذي أدى إلى تحجيم عمليات الاقتراض والإقراض داخل القطاع المصرفي الأميركي بشكل كبير.
وطبقا لمشروع القانون الجديد، سيتم رفع سقف رأس مال البنوك التي يجب عليها الالتزام بهذا القيد إلى 250 مليار دولار. ويعني ذلك أن جميع البنوك التي لا يتعدى رأسمالها هذا الحد مليار دولار سيتم إعفاؤها من الالتزام بهذا القيد، وهو ما يعني انفراجه كبيرة محتملة في سوق الإقراض، خاصة في سوق العقارات في الولايات المتحدة.
ويشمل مشروع القانون الجديد أيضا إعفاءات للبنوك الصغيرة والمتوسطة من الالتزام بإرسال تقارير ربع سنوية للاحتياطي الفيدرالي، إذ سيتم تقليص ذلك إلى تقريرين نصف سنويين فقط. فضلا عن إعفاءات أخرى تتعلق بحجم الضمانات المطلوبة للموافقة على قروض الشركات.
وسيمثل التوقيع على هذا القانون من قبل الرئيس الأميركي، وبدء العمل به، مؤشرا قويا على عودة الثقة والاستقرار للاقتصاد الأميركي، بعدما يقرب من عشر سنوات عانى خلالها القطاع المصرفي بعد الأزمة المالية التي ضربت سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة بصورة مؤلمة، وتسببت في إفلاس العديد من البنوك المحلية والعالمية. وكان ذلك هو السبب الرئيسي الذي جعل الإدارة الأميركية، آنذاك، تفرض حزمة واسعة من القيود علي المصارف والبنوك المحلية، وهو ما عُرف بقانون «دود فرانك 2010».
وسعى الجمهوريون في الكونغرس، منذ سنوات، لوقف العمل بقانون «دود فرانك» أو على الأقل تخفيف حدة الْقَيُود المفروضة علي البنوك المحلية في إطاره. وخلال الأشهر الماضية، شهد مجلس الشيوخ الأميركي نقاشات ومفاوضات حادة بين الجمهوريين والديمقراطيين في محاولة من الجمهوريين للحصول على دعم بعض الديمقراطيين لتمرير القانون. وبعد شهور من المفاوضات المستمرة، وافق مجلس الشيوخ منتصف الشهر الجاري على مشروع القانون بعد أن حصل الجمهوريون على دعم سبعة عشر من الأعضاء الديمقراطيين بالمجلس، وبلغت نسبة التصويت 67 صوتا لصالح القانون، مقابل 31 صوتا رافضا. وتم إرسال مشروع القانون لمجلس النواب لتمريره وإرساله إلى الرئيس ترمب.
وبرغم استعجال مجلس الشيوخ، صاحب الأغلبية الجمهورية، لسرعة موافقة مجلس النواب، صاحب الأغلبية الجمهورية أيضا، علي مشروع القانون، فإن الأخير رفض تمريره قبل أن يقوم بإضافة بعض التعديلات عليه. ويبدو أن الجمهوريون بمجلس النواب يطالبون بمزيد من الإعفاءات التي تضمنها مشروع القانون لصالح البنوك الصغيرة والمتوسطة والشركات الصغيرة. الأمر الذي رفضه الديمقراطيين بمجلسي الشيوخ والنواب. وهدد الديمقراطيين الذين وافقوا على القانون بمجلس الشيوخ برفض مشروع القانون إذا قام مجلس النواب بإدخال تعديلات عليه. واعتبروا أن الموافقة على مشروع القانون داخل مجلس الشيوخ استغرقت وقتا طويلا وتعتبر مثالا واضحا لتعاون أعضاء الحزبين لتحرير التشريعات المهمة والعمل لصالح الولايات المتحدة.
قلق في البنوك الأميركية من عرقلة قانون تخفيف قيود الإقراض
آمال واسعة بإحداث انفراجة في القطاع المالي
قلق في البنوك الأميركية من عرقلة قانون تخفيف قيود الإقراض
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة