تركيا و«الجيش الحر» في تل رفعت بعد عفرين

TT

تركيا و«الجيش الحر» في تل رفعت بعد عفرين

سيطرت قوات من الجيشين التركي و«السوري الحر» أمس على مدينة تل رفعت ومطار منغ العسكري في ريف حلب الشمالي في إطار عملية «غصن الزيتون» العسكرية التي استهدفت إنهاء وجود «وحدات حماية الشعب» الكردية في منطقة عفرين وقراها.
وبثت قنوات تلفزيونية تركية لقطات دخول قوات الجيش التركي وفصائل الجيش السوري الحر تل رفعت التي قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان السبت الماضي إنه سيتم إعلان السيطرة عليها «قريبا جدا». وذكرت وكالة «دوغان» التركية الخاصة أن قوات غصن الزيتون تمكنت من فرض سيطرتها على كامل مدينة تل رفعت ومطار منغ العسكري شرق عفرين، وتطهيرهما من الإرهابيين.
وفي وقت سابق أمس، أفادت مصادر محلية من مدينة تل رفعت الواقعة جنوب شرقي عفرين بأن مقاتلات تابعة للجيش التركي بدأت منذ صباح أمس، شن غارات جوية على أهداف لـ«الوحدات» الكردية في تل رفعت تمهيداً للعملية العسكرية المرتقبة للسيطرة عليها. وقال النقيب أنس حجي القيادي بالفرقة التاسعة في الجيش السوري الحر إن معركة السيطرة على تل رفعت جاءت استكمالاً لعملية «غصن الزيتون»، مشيراً إلى غارات جوية من الطيران الحربي التركي على قرى أم حوش والشيخ عيسى.
في السياق ذاته، كشفت وسائل إعلام تركية ومصادر محلية عن اجتماع ضم عسكريين من تركيا وروسيا في ريف حلب الشمالي، أول من أمس، لبحث التحرك العسكري نحو مدينة تل رفعت.
وقالت إن الاجتماع ضم عسكريين من الطرفين في بلدة كفرنايا شمال حلب، وهي المنطقة الخاضعة لتفاهمات بين الجانبين. وكشفت مصادر عن اجتماعات متكررة بخصوص تل رفعت والقرى العربية حولها في أنقرة، خلال الأيام الماضية، وأن هذه الاجتماعات أسفرت عن الاتفاق لدخول تل رفعت عسكرياً من قبل تركيا.
وتظاهر قرابة 500 شخص من سكان تل رفعت وعناصر من الجيش السوري الحر، أول من أمس للمطالبة بتحرير المدينة من «وحدات حماية الشعب» الكردية. وقالت وسائل إعلام تركية إن المتظاهرين في ساحة بين مدينة أعزاز وقرية سجّو في ريف حلب رددوا هتافات مناهضة للوحدات الكردية، وعبروا عن شكرهم لتركيا لتنفيذها عملية «غصن الزيتون» في منطقة عفرين.
وحمل المتظاهرون أعلام تركيا والجيش السوري الحر، إضافة إلى لافتات كتبوا عليها عبارات تعرب عن تطلعهم لتنفيذ الجيش الحر بدعم من تركيا عملية في «تل رفعت».
وخلال مؤتمر لفرع حزب العدالة والتنمية الحاكم في جيرسون شمال شرقي تركيا يوم الأحد الماضي كرر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن بلاده ستحقق أهداف عملية «غصن الزيتون» عبر السيطرة على تل رفعت خلال وقت قصير.
وكانت وحدات حماية الشعب الكردية سيطرت في مطلع عام 2016، على المناطق الواقعة جنوب شرقي مدينة عفرين، وهجرت نحو 250 ألفا من سكان تل رفعت من المنطقة، حيث لجأوا إلى مناطق سيطرة المعارضة في مدينة أعزاز الواقعة ضمن مناطق «درع الفرات».
في سياق مواز، قال مكتب حاكم ولاية هطاي التركي أمس إن الجيش التركي قتل 11 مسلحا كرديا في الولاية الواقعة جنوب البلاد على الحدود مع سوريا فيما قال الجيش إن اثنين من جنوده قتلا في انفجار بمنطقة عفرين.
وجاء في بيان صادر عن مكتب حاكم هطاي أن قوات الأمن التركية فتحت النار مساء أول من أمس فقتلت المسلحين بعدما رصدت وجودهم في منطقة أرسوز في هطاي قرب البحر المتوسط.
وقال إن الجيش احتجز جثث 6 مسلحين وبنادق من طراز إم - 16 وقاذفين للصواريخ وذخيرة. وأضاف أن السلطات تعتقد أن المسلحين مسؤولون عن عدد من الهجمات في الولاية العام الماضي. وبدأ الجيش التركي وحلفاء له من الجيش السوري الحر عملية غصن الزيتون في 20 يناير (كانون الثاني) ضد وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة عفرين السورية التي تقع على الجانب الآخر من الحدود مع هطاي. وتمت السيطرة على المنطقة بالكامل يوم السبت الماضي. من ناحية أخرى، قالت القوات المسلحة التركية أمس إن جنديين تركيين قتلا في انفجار عبوة ناسفة بدائية الصنع خلال عمليات تفتيش في منطقة عفرين أول من أمس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».