العراق يعتبر أي توغل أجنبي في أراضيه «عدائياً»... ومطالبة إيزيدية بحماية أممية

إردوغان لوّح مجدداً بعملية في سنجار... ومسؤولون أكراد يؤكدون سيطرة تركيا على 30 قرية

المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي
المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي
TT

العراق يعتبر أي توغل أجنبي في أراضيه «عدائياً»... ومطالبة إيزيدية بحماية أممية

المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي
المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي

اعتبر المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي، أن «أي توغل أو عمل عسكري من أي دولة داخل الأراضي العراقية يعد خرقاً للسيادة وعملاً عدائياً مرفوضاً»، وقال الحديثي تعليقاً على تهديدات الرئيس التركي بالدخول إلى قضاء سنجار لمطاردة مقاتلي حزب العمال الكردستاني المعارض، إن موقف حكومته الثابت ينطلق من مجموعة اعتبارات أساسية، يقف في مقدمتها «عدم السماح بوجود أي نشاط مسلح داخل الأراضي العراقية خارج إطار منظومته الأمنية والدفاعية وفي جميع أجزاء البلاد، ضمنها قضاء سنجار».
وشدد الحديثي على التزام بلاده في «منع استخدام الأراضي العراقية منطلقاً للقيام بأعمال عدائية ضد دول الجوار ومنها تركيا، كما أننا حريصون على التنسيق مع دول الجوار فيما يتعلق بمواجهة التحديات الإرهابية»، مشيراً إلى أن «فرض الأمن مسؤولية القوات العراقية وجميع مناطق نينوى، ومنها قضاء سنجار والمناطق المتاخمة للحدود مع تركيا تحت سيطرة القوات العراقية، وهي المسؤولة عن فرض الأمن والاستقرار فيها».
ونفى الحديثي علمه بوصول مسؤول عراقي، أمس، إلى تركيا للتباحث بشأن مشكلة سنجار الناجمة عن وجود مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي فيها. وكانت وكالة «رويترز» نقلت عن الرئيس التركي قوله أمس، إن «مدير المخابرات التركي سيجتمع مع مسؤول عراقي (أمس)، لبحث العملية العسكرية العراقية في منطقة سنجار الشمالية، وإنهاء وجود المتمردين الذين أسسوا قاعدة هناك». وكرر إردوغان تهديده بالقيام بعملية عسكرية في سنجار، إذا فشل العراق في طرد مسلحي حزب العمال الكردستاني منها.
وكانت قيادة العمليات المشتركة العراقية نفت، أول من أمس، عبور أي قوات أجنبية عبر الحدود إلى نينوى وسنجار، بعد ساعات من إعلان إردوغان، إطلاق بلاده عملية عسكرية في قضاء سنجار.
إلى ذلك، قال المتحدث باسم حركة «عصائب أهل الحق»، نعيم العبودي، إن حركته «تقف بالضد من أي خرق للأراضي العراقية، وأي قوة تدخل حدود العراق تعد قوة احتلال وسنتعامل معها على ضوء هذه القناعة». وأشار العبودي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الحشد الشعبي يرفض دخول القوات التركية إلى الأراضي العراقية، وإن أصرّت تركيا على خرق سيادة بلادنا فسيكون لنا موقف حازم منها». وبيّن العبودي أن موقف «الحشد الشعبي» بشأن قضية سنجار والتهديدات التركية «يتناغم مع موقف الحكومة لأن الحشد مؤسسة عراقية رسمية».
وفي سياق متصل، طالبت شخصيات إيزيدية بحماية دولية لسنجار. وقال قائمقام سنجار (الطوعي) محما خليل لـ«الشرق الأوسط»: «طالبنا منذ زمن ونطالب الآن بحماية أممية لسنجار عبر غرفة عمليات مشتركة وبالتنسيق مع الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان»، مشيراً إلى أن «أغلب الإيزيديين يرغبون في حماية أممية، لكننا لم نتلقَ أي استجابة من المنظمة الدولية حتى الآن». واعتبر خليل أن «تركيا وحزب العمال الكردستاني مسؤولان بشكل مباشر عن أزمة سنجار، وعلى الحكومتين العراقية والأميركية تحمل المسؤولية الكاملة عن سيادة الدولة العراقية وهيبتها». وكشف أن «القوات التركية لم تتحرك حتى الآن باتجاه سنجار، كما أن حزب العمال الكردستاني المؤلف من نحو 1200 مقاتل، أغلبهم من الإيزيديين، ما زال في القضاء رغم إعلانه الشكلي الانسحاب منها».
ولم يستبعد خليل هجوماً وشيكاً للقوات التركية على سنجار.
من جهتها، دعت النائبة الإيزيدية فيان دخيل، الأمم المتحدة، إلى الحفاظ على «الأمن الهش» في سنجار وأطرافها، مشددة على ضرورة عدم ترك فراغ أمني في المنطقة. وقالت في بيان عقب لقائها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، أمس، إن «قلق الأمم المتحدة مستمر حول أوضاع الإيزيديين في سنجار، رغم إعلان العمال الكردستاني بدء انسحابه من المنطقة»، مشددة على ضرورة «وجود خطط أممية خاصة بهذا الشأن للحفاظ على الأمن الهش في سنجار وأطرافها».
إلى ذلك، نقلت شبكة «رووداو» الإعلامية عن مسؤولين أكراد قولهم إن قوات المشاة التركية توغلت 10 كيلومترات أخيراً في منطقتي نيروة - ريكان التابعة لقضاء العمادية ومنطقة سيدكان التابعة لقضاء سوران بإقليم كردستان العراق وسيطرت على 30 قرية.
وقال قائد قوة حماية الحدود في محافظة دهوك، العقيد دلير زيباري، إنه «بسبب وجود حزب العمال الكردستاني وعدم الاستقرار في تلك المناطق، لم تتمكن قواتنا من الوصول إلى الحدود، لكننا نواصل مراقبة المناطق الحدودية». وعن تحركات الجيش التركي في المنطقة، يقول العقيد زيباري: «في الحقيقة، تقدم الجيش التركي في المنطقة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأقام له قواعد في المناطق التابعة لقضاء آميدي (العمادية)». وأضاف: «لقد توغلوا إلى عمق 10 كيلومترات في أراضي إقليم كردستان في منطقة آميدي».
من جهته، أعلن مدير ناحية سيدكان التابعة لقضاء سوران، إحسان جلبي، أن «الجيش التركي توغل خلال الأيام الأخيرة في مناطق سهل برازكَر وبرميزة، ما أثار قلق الأهالي في تلك المناطق». وأضاف: «تمت إلى الآن السيطرة على 8 قرى تابعة لناحيتنا». وقال: «القرى التي وقعت تحت سيطرة الجيش التركي كانت مهجورة من قبل، لكن السكان كانوا يترددون عليها، إلا أن الجيش التركي بدأ يقترب من قرى آهلة بالسكان ما أثار قلق سكانها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.