في شمال سيناء الاقتراع تحت خط النار

TT

في شمال سيناء الاقتراع تحت خط النار

لم تعطل معارك الحرب على تنظيم داعش، التي يخوضها الجيش المصري في شمال شرقي شبه جزيرة سيناء، استكمال التجهيزات لفتح مقرات انتخابية ودعوة الناخبين من أهالي سيناء للخروج والمشاركة في الانتخابات لاختيار رئيس مصر القادم.
وتشهد مناطق شمال ووسط سيناء تواصل العملية العسكرية الشاملة «سيناء 2018» التي أطلقها الشهر الماضي بالمشاركة مع قوات الأمن للقضاء على بؤرة إرهابية مشتعلة منذ سنوات، أبرزها تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي بايع «داعش» الإرهابي عام 2014 وغيّر اسمه إلى «ولاية سيناء».
«محافظة شمال سيناء مثلها مثل أي محافظة أخرى تجري الانتخابات بها في الموعد المحدد»، بهذه العبارة حسم محافظ شمال سيناء اللواء السيد عبد الفتاح حرحور موقف العملية الانتخابية في سيناء في ظل الأوضاع الأمنية القائمة، وأعلن في بيان رسمي انتهاء كل الاستعدادات لإجراء انتخابات الرئاسة بالتنسيق مع جميع الجهات الأمنية والقوات المسلحة لتأمين اللجان الانتخابية كافة». وأوضح محافظ شمال سيناء، أن الانتخابات ستجري في 11 لجنة عامة في مراكز وأقسام شمال سيناء، و49 مركزا انتخابيا تغطي جميع مراكز ومدن وقرى وتجمعات المحافظة تم تجهيزها.
ومن بين الإجراءات التي أعلنها محافظ شمال سيناء اتخاذها في لجان الانتخابات توفير عنصر نسائي للتعامل مع السيدات المنتقبات. وبحسب الإحصائيات الرسمية تضم شمال سيناء 250 ألفا و605 أصوات انتخابية.
وقال مصدر أمني مسؤول بمديرية أمن شمال سيناء لـ«الشرق الأوسط»، إن إجراءات أمنية مشددة مقررا اتخاذها حول مقرات الانتخابات، من بينها نصب بوابات إلكترونية لمرور الناخبين عبرها للجان، ونشر فرق كشف عن المفرقعات وكلاب بوليسية مدربة حول مقرات اللجان، فضلا عن نشر عناصر تأمين مجهزة.
وأكد المصدر أن الانتخابات ستجرى في مركزي الشيخ زويد ورفح التي تشهد أحداثا أمنية داخل المدن المحكمة التأمين، وستخصص لجان لأهالي القرى المحيطة الراغبين في التنقل والإدلاء بأصواتهم.
وتباينت ردود أفعال أهالي شمال سيناء حول سير العملية الانتخابية، في ظل إجراءات أمنية مشددة داخل مدن ومراكز العريش والشيخ زويد ورفح ووسط سيناء، والتي تشمل تقييد حركة الدخول والخروج لهذه المناطق للمواطنين العاديين إلا بتصاريح مسبقة، وقيام حملات تمشيط وتفتيش للبيوت، وانشغال الأهالي ساكنيها بتدبير احتياجاتهم من مؤن الطعام التي أصبحت تصلهم بكميات محدودة.
يقول زايد سلامة، أحد أهالي سكان مدينة العريش لـ«الشرق الأوسط»، إنهم «غير مهتمين بالانتخابات نظرا لنتيجتها المحسومة مسبقا، فضلا عن اهتمامهم الأساسي بالبحث عن منافذ بيع الخضراوات والمؤن الغذائية التي تدفع بها وزارة التموين بعد أن خلت الأسواق من كل احتياجاتهم اليومية نتيجة الأوضاع الأمنية».
وخالفه الرأي «عايد موسى»، أحد الأهالي الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه سيخرج ويشارك في الانتخابات، وأنه وكثيرين في شمال سيناء يرون أن المشاركة تعني تأكيد أن الأهالي وهم يؤازرون جهود الجيش في الخلاص من داعش بالصبر على الجوع، يبعثون برسالة لكل العالم بأن سيناء لا تختلف عن أي مكان آخر في مصر من حيث مشاركة أهلها في الانتخابات رغم معاناتهم.
وقال محمد عبد السلام، من شباب منطقة بئر العبد، إنهم مسبقا يستعدون للانتخابات وسيقيمون أمام المقرات احتفالات تعكس رغبتهم في أن تعود سيناء كما كانت في السابق خالية من الإرهاب.
وتابع أحمد سالم، من أهالي مناطق الشيخ زويد النازحين لمناطق غرب سيناء بسبب صعوبة العيش في قريته بسبب الحرب على داعش، أنه وغيره من النازحين، سيحاولون الإدلاء بأصواتهم في لجان المناطق التي يتواجدون فيها إذا سمح لهم، لأن لجانهم الانتخابية بعيدة عنهم ويصعب الوصول إليها، نظراً لإغلاق الطرق وبُعد المسافة من غرب سيناء لشرقها بنحو 150 كم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».