لندن وواشنطن وبروكسل تطالب بالتحقيق في عمل شركة استشارات انتخابية

بريطانيا بصدد إصدار مذكرة قانونية لتفتيش مكاتب «كامبريدج أناليتيكا»

الرئيس التنفيذي لـ«كامبريدج أناليتيكا» ألكسندر نيكس لدى وصوله إلى مكاتبها في لندن أمس (رويترز)
الرئيس التنفيذي لـ«كامبريدج أناليتيكا» ألكسندر نيكس لدى وصوله إلى مكاتبها في لندن أمس (رويترز)
TT

لندن وواشنطن وبروكسل تطالب بالتحقيق في عمل شركة استشارات انتخابية

الرئيس التنفيذي لـ«كامبريدج أناليتيكا» ألكسندر نيكس لدى وصوله إلى مكاتبها في لندن أمس (رويترز)
الرئيس التنفيذي لـ«كامبريدج أناليتيكا» ألكسندر نيكس لدى وصوله إلى مكاتبها في لندن أمس (رويترز)

تواجه شركة «كامبريدج أناليتيكا» البريطانية للأبحاث، اتهامات باستخدامها معلومات وبيانات عشرات الملايين من مستخدمي موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي، دون موافقتهم خلال 2016. وتسعى المفوضة إليزابيث دينهام رئيسة لجنة المعلومات في بريطانيا، لاستصدار مذكرة لتفتيش مكاتب المؤسسة الاستشارية بعد أن كشف تحقيق استقصائي عن المؤسسة أنها جمعت معلومات خاصة عن ملايين المستخدمين لدعم حملة ترمب الرئاسية في 2016. وقالت دينهام لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «نبحث إن كانت (فيسبوك) أمّنت ووفرت الحماية للمعلومات الشخصية على منصتها، وإن كانت تحركت بشكل إيجابي عندما علمت بفقدان البيانات، وهل أخطرت الناس أم لا».
وذكرت وكالة «برس أسوسيشن» الإخبارية، أن مكتب مفوض المعلومات سيستخدم الإذن القضائي في تفتيش الشركة المتهمة باستخدام معلومات عن 50 مليون مستخدم من «فيسبوك» دون موافقتهم، من أجل العمل لصالح حملة انتخابات الرئاسة الأميركية.
وأعلن رئيس البرلمان الأوروبي أنتونيو تاجاني من جهته أن النواب الأوروبيين «سيحققون بشكل كامل» في هذا «الانتهاك غير المقبول للحق في سرية المعطيات» الذي كانت قد كشفته صحيفتا «نيويورك تايمز» و«ذي أوبزرفر» البريطانية.
وانتقد نواب معارضون، الحكومة البريطانية لإعلانها عن إصدار مذكرة التفتيش، حيث قالوا إن الإعلان عن المذكرة قد يسمح للشركة بمحو الدليل بشأن ما يتردد عن إساءة استخدامها بيانات مستخدمي موقع «فيسبوك». وكتب النائب المعارض ديفيد لامي على صفحته على «تويتر»، أمس (الثلاثاء): «لماذا تخبر مفوضة المعلومات العالم أنها سوف تذهب إلى المحكمة وتسعى لاستصدار مذكرة تفتيش لمكتب كامبريدج أناليتيكا؟». وأضاف: «هل يتم ذلك لتحذير الشركة و(فيسبوك) لكي يقوما بمحو الملفات والأدلة؟».
وقالت دينهام إنها تريد «التوصل لتفهم كامل للحقائق والبيانات واستخداماتها»، مضيفة أن «فيسبوك» وافق على التنازل عن تفتيش منشآت كامبريدج أناليتيكا، لأن «مثل هذا البحث يمكنه تقويض تحقيق نظامي». وأوضحت أن المحققين البريطانيين سوف يفحصون استخدام البيانات الشخصية في الحملات الانتخابية السياسية. وبدأت بريطانيا التحقيق بعد أن عرضت القناة الرابعة التلفزيونية البريطانية تحقيقاً استقصائياً حول عمل مؤسسة الاستشارات السياسية «كامبريدج أناليتيكا»، التي تتخذ من لندن مقراً لها. وفي تقرير القناة مساء الاثنين، بدا أن ألكسندر نيكس، الرئيس التنفيذي لشركة «كامبريدج أناليتيكا»، يعترف بأساليب مخادعة غير أخلاقية تخص الانتخابات قامت بها الشركة لصالح عملائها. وسُمع نيكس في مقطع فيديو يقول إن الشركة يمكن أن «ترسل بعض الفتيات إلى منزل المرشح»، وذلك رداً على سؤال بشأن كيفية جمع معلومات استخباراتية عن الفريق المنافس لحملة ترمب. كما تبين أن الشركة استخدمت أيضاً حيلاً أخرى غير أخلاقية في تلك الحملة، مثل نشر تقارير كاذبة على الإنترنت وتوظيف مقاولين من الباطن بشكل غير معلن، وإنشاء مؤسسات وهمية ومواقع إلكترونية لجمع البيانات. لكن من جانبها، رفضت الشركة الادعاءات الواردة في التقرير، وقالت في موقعها على الإنترنت: «تم تحرير التقرير وكتابته على نحو يحرّف بشكل صارخ طبيعة تلك المحادثات وكيف تدير الشركة أعمالها». وأضافت أنها لا تستخدم الرشى أو المواد غير الصحيحة لأي غرض من الأغراض. وكانت شركة «فيسبوك» قد أعلنت يوم الجمعة أنها علقت علاقتها مع «كامبريدج أناليتيكا» وشركتها الأم، «ستراتيجك كوميونيكاشن لابراتوريز» (إس سي إل)، بسبب مزاعم قيام «كامبريدج أناليتيكا» باستخدام بيانات تم الحصول عليها بشكل غير صحيح من مستخدمي الشبكة الاجتماعية. وطلب رئيس لجنة الإعلام في البرلمان البريطاني من مارك زوكربرغ الرئيس التنفيذي لـ«فيسبوك» مزيداً من المعلومات. وقال المشرع داميان كولنز: «نود أن نتلقى ردك بحلول الاثنين 26 مارس (آذار)».
وهوت أسهم شركة «فيسبوك» قرابة 7%، أول من أمس (الاثنين)، لتنخفض قيمتها السوقية بنحو 40 مليار دولار، فيما يشعر المستثمرون بالقلق من أن يؤدي تضرر سمعة أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي في العالم إلى انصراف المستخدمين والمعلنين. وطالب مشرعون أميركيون وأوروبيون بتفسير لكيفية حصول المؤسسة الاستشارية على المعلومات في 2014، ولماذا تقاعست «فيسبوك» عن إبلاغ مستخدميها، الأمر الذي أثار تساؤلات أكبر بشأن خصوصية المستهلك.
وفي واشنطن أرسل رئيس لجنة التجارة والعلوم والنقل بمجلس الشيوخ الأميركي، رسالة إلى مارك زوكربرغ الرئيس التنفيذي لـ«فيسبوك» طالباً معلومات وإفادة بشأن بيانات المستخدمين في «فيسبوك».
وجاء في الرسالة التي وُجهت أيضاً إلى نايغل أوكس الرئيس التنفيذي لشركة (إس سي إل) التابعة لـ«كامبريدج أناليتيكا»: «احتمال أن (فيسبوك) لم تكن شفافة مع المستهلكين أو أنها عجزت عن التحقق من أن طرفاً ثالثاً من مطوري التطبيقات لم يكن شفافاً مع المستهلكين، هو أمر مقلق».
وطالبت السيناتورة الديمقراطية إيمي كلوبوشار، والجمهوري جون كينيدي، بأن يمْثل زوكربرغ أمام الكونغرس مع المديرَين التنفيذيَّين لـ«غوغل» و«تويتر». وقالا إن شركات التواصل الاجتماعي «جمعت كميات غير مسبوقة من المعلومات الشخصية»، وإن غياب المراقبة «يثير القلق إزاء نزاهة الانتخابات الأميركية وكذلك حق الخصوصية». وقال مسؤول الأمن في «فيسبوك» أليكس ستاموس، إن دوره تحول إلى التركيز على المخاطر المستجدة وأمن الانتخابات في شبكة التواصل الاجتماعي العالمية. وكشف ستاموس عن التغيرات بعد أن أوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أنه يغادر «فيسبوك» في أعقاب خلافات داخلية حول كيفية التعاطي مع المنصة المستخدمة لنشر أخبار مضللة. وقال ستاموس في رسالة نُشرت على حسابه على «تويتر»: «رغم الشائعات، ما زلت أقوم بعملي بشكل كامل في (فيسبوك)». وأضاف: «صحيح أن دوري تغيّر. فأنا حالياً أمضي وقتاً أطول في دراسة المخاطر الأمنية المستجدة والعمل على أمن الانتخابات». وذكرت شبكة «بلومبيرغ» الإخبارية، أن لجنة التجارة الاتحادية الأميركية تحقق في أمر «فيسبوك». وشهدت أسهم الشركة تراجعاً جديداً أمس، بواقع 1.8%.


مقالات ذات صلة

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

العالم شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
العالم انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)

عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

أظهر موقع «داون ديتيكتور» الإلكتروني لتتبع الأعطال أن منصتي «فيسبوك» و«إنستغرام» المملوكتين لشركة «ميتا» متعطلتان لدى آلاف من المستخدمين في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق تامونا موسيريدزي مع والدها (صورة من حسابها على «فيسبوك»)

بعد 40 سنة... سيدة تكتشتف أن والدها الحقيقي ضمن قائمة أصدقائها على «فيسبوك»

بعد سنوات من البحث عن والديها الحقيقيين، اكتشفت سيدة من جورجيا تدعى تامونا موسيريدزي أن والدها كان ضمن قائمة أصدقائها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»

«الشرق الأوسط» (تبليسي )
العالم رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (رويترز)

أستراليا تقر قانوناً يحظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم أقل من 16 عاماً

أقر البرلمان الأسترالي، اليوم (الجمعة) قانوناً يحظر استخدام الأطفال دون سن الـ16 عاما لوسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما سيصير قريباً أول قانون من نوعه في العالم.

«الشرق الأوسط» (ملبورن)
العالم يلزم القانون الجديد شركات التكنولوجيا الكبرى بمنع القاصرين من تسجيل الدخول على منصاتها (رويترز)

أستراليا تحظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً

أقرت أستراليا، اليوم (الخميس)، قانوناً يحظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».