أصبح من الواضح للعيان أن مشكلة محاولة قتل الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال تلقي بظلالها على الأزمة المتصاعدة في العلاقات الروسية مع الولايات المتحدة من جهة والمملكة المتحدة من جهة أخرى.
فبالاضافة الى الاختلاف في الرؤية فيما يتعلق بالملف السوري والمآخذ التي تؤخذ على روسيا في الملف الاوكراني وضم القرم وما أشيع من تدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية هذا عدا ملف التطوير الهائل للأسلحة الروسية، جاءت مشكلة محاولة اغتيال الجاسوس الروسي، حيث تصر كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة على أن موسكو تقف وراءها، رغم النفي المتواصل للأخيرة.
لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد فحسب، فالماكنة الاعلامية والتصريحات النارية لمسؤولي البلدان الثلاثة مستمرة نحو تأزيم الوضع أكثر.
وفي هذا الإطار نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية اليوم (الاثنين)، تقريرا عنونته بـ"مختبرات موسكو العسكرية السرية" التي قالت فيه ان موسكو تقوم بتطوير الأسلحة البيولوجية. وان هناك 20 مختبرا انشئ منذ ولاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثانية؛ وهي مؤسسات لأسلحة بيولوجية وكيميائية كانت تابعة للاتحاد السوفياتي قديماً، حسب قولها، وأصبحت مختبرات سرية لوزارة الدفاع الروسية. قائلة انها أصبحت محل شكوك وانتقادات من مسؤولين أميركيين حول انتهاكات محتملة لاتفاقية الأسلحة.
وعلى الجانب الثاني أكد الرئيس الروسي، يوم أمس (الأحد)، أن روسيا دمرت كل أسلحتها الكيماوية على عكس عدد من الشركاء، حسب ما قال.
وعن قضية ربط محاولة اغتيال الجاسوس الروسي بهذه المختبرات، أكد بوتين "أنه من الهراء التفكير في أن موسكو مسؤولة عن الهجوم على العميل الروسي".
من جانبهم، يصر المسؤولون الروس على أن الأبحاث في تلك المختبرات التي تديرها الحكومة هي دفاعية بحتة وقانونية تماماً.
إلا ان الأحداث الأخيرة وخاصة محاولة قتل الجاسوس جعلتها تبرز الى الواجهة.
ويتهم خبراء أميركيون روسيا بتطوير اسلحة تعتمد على الجينات والفيزياء النفسية، من بينهم خبير الأسلحة الكيماوية والبيولوجية في مركز «جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار» في مونتيري بكاليفورنيا ريمون زلينسكاس، الذي قال إن وثائق أظهرت الاهتمام الروسي في الأبحاث عن الأسلحة الكيميائية غير القاتلة، وتستخدم في «السيطرة على الحشود»، حسب ما نقلت الصحيفة.
لكن تلك المختبرات أصبحت تحت مراقبة متزايدة في أعقاب مزاعم التورط باغتيال الجاسوس.
والاتهام الأميركي للروس بتطوير أسلحة من هذا النوع يقابله اتهام روسي بأن الولايات المتحدة الأميركية نفسها تسعى لاستخدام أسلحة بيولوجية هجومية. بل لقد اتهمتها بالوقوف وراء فيروس «زيكا» أو «إيبولا» بغرب أفريقيا، للسيطرة على الحشود والتمردات، حسب ادعائها.
وكانت روسيا قد نفت في 4 مارس (آذار) الحالي تورط الكرملين في أي هجوم بغاز الأعصاب ضد العميل الروسي، بل وذكرت أن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا تجريان أبحاثاً «غير قانونية» لتنفيذ مواد سامة جديدة.
وردا على اتهام روسيا بالوقوف وراء محاولة اغتيال الجاسوس الروسي، قال الكرملين، اليوم، إن على لندن أن يكون لديها ما يدعم تأكيداتها أن روسيا مسؤولة عن تسميم جاسوس سابق وابنته في بريطانيا بالأدلة أو الاعتذار «عاجلاً أم آجلاً».
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، خلال مؤتمر عبر الهاتف مع الصحافيين، إن مزاعم بريطانيا «صعبة الشرح... لا أساس لها وتشهيرية».
فهل يمكن التنبؤ بما ستؤول اليه الاحداث بعد كل هذه التوترات المتزايدة في ظل الوضع العالمي المتأزم؟ سؤال يحتاج الى اجابة.
محاولة اغتيال الجاسوس تلقي بظلالها على العلاقات الروسية الأميركية
محاولة اغتيال الجاسوس تلقي بظلالها على العلاقات الروسية الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة