لافروف: أميركا تخوض حرباً مباشرة شرق سوريا

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
TT

لافروف: أميركا تخوض حرباً مباشرة شرق سوريا

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

أكدت موسكو أنها تواصل الاتصالات مع الفصائل المسلحة في الغوطة الشرقية، وأعربت عن ارتياح لتطور عمليات إجلاء المدنيين، مشيرة إلى أن الوضع الحالي «يعكس التزاما بالقرار 2401».
في الوقت ذاته شن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هجوما جديدا على الولايات المتحدة وحلفائها في سوريا. وقال إنهم «يديرون حربا مباشرة وليس بالوكالة» وانتقدت وزارة الدفاع رفض واشنطن تسليم الأجزاء التي تسيطر عليها شرق مدينة دير الزور إلى الحكومة السورية.
وشكلت التطورات الميدانية الجارية في الغوطة وبشكل خاص تكثيف عمليات إجلاء المدنيين من المنطقة، عنصر ارتياح واسع برز من خلال تعليقات المسؤولين السياسيين والعسكريين الروس. واعتبر بعضهم أن التطورات دلت على «صحة الموقف الروسي منذ البداية وأنه لا يجب أن يكون ثمة تهاون مع الإرهابيين» وفقا لتعليق نقلته شبكة «نيوز رو» عن مسؤول عسكري أمس.
وكشف لافروف جانبا من النقاشات التي أجراها مفاوضون عسكريون روس مع ممثلي بعض الفصائل المعارضة في الغوطة، وقال إنها أسفرت عن تسريع عمليات الإجلاء، بعدما مالت أطراف إلى تعزيز التقدم نحو فك الارتباط بـ«جبهة النصرة». وزاد الوزير الروسي أن «جبهة النصرة الإرهابية أخضعت لنفوذها جميع الفصائل المسلحة الأخرى العاملة هناك، إلى حد تشكيل قيادة موحدة بينها». ورأى أن «منطقة الغوطة الشرقية لخفض التصعيد وقعت تماما تحت سيطرة جبهة النصرة، وهي أخضعت الفصائل التي يفترض أن تكون جزءا من العملية التفاوضية... شكلوا قيادة موحدة وبدأت ثلاث فصائل وهي فيلق الرحمن وجيش الإسلام وأحرار الشام تتحالف مع جبهة النصرة التي صنفها مجلس الأمن الدولي إرهابية».
وأشار لافروف إلى أن العسكريين الروس «بذلوا جهودا كبيرة لمساعدة المفاوضين السوريين في إقناع هذه الفصائل بضرورة فصل نفسها عن النصرة لإفساح المجال أمام محاربة الإرهابيين من دون أي التباس، وتعثر إطلاق هذه العملية لفترة طويلة، لكن الآن هناك أمل في أن ذلك بدأ يتحقق أخيرا».
وأشار لافروف في حديث لوكالة أنباء كازاخية إلى تراجع مستوى العنف في سوريا في الفترة الأخيرة، ورأى أن تلك «نتيجة أساسية لجهود مسار آستانة بعد مضي عام على انطلاقه».
في غضون ذلك، أكدت وزارة الدفاع الروسية أن «روسيا نفذت كل التزاماتها حيال قرار مجلس الأمن 2401 المتعلق بإيقاف إطلاق النار، وأن مركز المصالحة في سوريا يتفاوض بنشاط مع قادة المعارضة المسلحة».
ولفتت الوزارة في بيان إلى أن «العمليات العسكرية للقوات الحكومية السورية مستمرة فقط ضد الجماعات المسلحة التي لا تقبل المصالحة وتعمل على ترهيب السكان المحليين».
وفي مسار موازٍ، تصاعدت حدة التعليقات الروسية ضد النشاط العسكري الأميركي في سوريا، وانتقد لافروف بقوة «الوجود غير الشرعي للقوات الأجنبية»، موضحاً أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لا يحظى بشرعية ويزيد من تعقيد الموقف».
وزاد أن موسكو «مع ذلك، تتعامل بواقعية وتدرك أن محاربتهم (الأميركيين) أمر غير مطروح... لذلك ننسق تحركاتنا، على الأقل فيما يتعلق بتجنب الصدامات غير المقصودة. ويبقى عسكريونا على اتصال دائم مع القادة الأميركيين، الذين يديرون العمليات على الأراضي السورية». ولفت لافروف إلى أن وجود وحدات عمليات خاصة تابعة للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على الأرض في سوريا، يجعل الوضع الحالي «ليس حربا بالوكالة وإنما مشاركة مباشرة في الحرب».
تزامن ذلك، مع إعلان رئيس غرفة العمليات في الأركان الروسية سيرغي رودسكوي، أن لدى موسكو معطيات عن تحضيرات تقوم بها واشنطن لشن ضربات قوية في سوريا. وقال في مؤتمر صحافي في موسكو أمس، إن الولايات المتحدة «تحضر لتوجيه ضربات ضد أهداف حكومية سورية باستخدام صواريخ مجنحة». وزاد أن المعطيات تدل على «ضربات محتملة بصواريخ مجنحة من أساطيل أميركية انطلاقا من الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر».
وتطرق إلى الملف الكيماوي، مشيرا إلى أن واشنطن «دربت مسلحين في سوريا لتنفيذ استفزازات باستخدام أسلحة كيماوية»، موضحا أن «مسلحين موجودين في جنوب البلاد حصلوا على مواد كيماوية لتصنيع الأسلحة، تحت غطاء حمولات من المساعدات الإنسانية».
وفي تأكيد على أهمية مواصلة عمليات الإجلاء من «منطقتي خفض التصعيد في الغوطة وإدلب»، أشار المسؤول العسكري الروسي إلى أن البلدان الضامنة وقف النار في سوريا، وهي روسيا وإيران وتركيا، «أقامت ممرا إنسانيا جديدا للخروج من منطقة وقف التصعيد في إدلب باتجاه مدينة حلب». وأكد أن 3806 أشخاص خرجوا من إدلب إلى حلب عبر الممر الإنساني في أبو الضهور وتل السلطان.
في السياق، أعلنت وزارة الدفاع في بيان أن وحدات الجيش الأميركي الموجودة في شرق محافظة دير الزور تعرقل عودة هذه المناطق إلى سيطرة السلطات السورية، وتمنع خروج المدنيين من الرقة. وأفادت الوزارة أن السلطات السورية «تعمل على مسار مهم هو تسهيل عودة السكان في المناطق الشرقية من محافظة دير الزور، الذي يقع تحت سيطرة القوات الموالية للولايات المتحدة مما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) ووحدات الجيش الأميركي الموجودة في تلك المناطق تعرقل عودة السلطة الشرعية». وزادت أن «الجزء الذي تسيطر عليه قوات الجيش السوري من محافظة دير الزور، شهد عودة أكثر من 23 ألف شخص منذ بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي».
كما لفتت الوزارة إلى أن «السلطات» التي شكلتها الولايات المتحدة من «الاتحاد الديمقراطي لشمال سوريا»، ترغم السكان على البقاء في الرقة وتمنعهم من المغادرة إلى مناطق سورية آمنة». كما أشارت إلى أن الأميركيين «لا يسمحون بدخول المساعدات الأممية أو أي منظمة دولية إلى الرقة علما بأن القرار الأممي الدولي 2401 ينص على إيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق السورية من دون استثناء». وأوضحت أن ممثلي الجيش الأميركي أبدوا استعدادا لتمرير قافلة مساعدات إنسانية للاجئين في مخيم الركبان في منطقة التنف، وعادوا عن قرارهم في وقت لاحق.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».