الاتحاد الأوروبي يناقش عقوبات على الباليستي الإيراني

لقاء مرتقب بين ميركل وماكرون وترمب للحفاظ على خطة العمل المشترك... و«5+1» بحثت في فيينا تطورات «النووي» وطهران ترفض إعادة التفاوض

اجتماع مجموعة «5+1» وإيران لبحث مسار تنفيذ الاتفاق النووي في فندق «كوبورغ» بفيينا أمس (أ.ف.ب)
اجتماع مجموعة «5+1» وإيران لبحث مسار تنفيذ الاتفاق النووي في فندق «كوبورغ» بفيينا أمس (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يناقش عقوبات على الباليستي الإيراني

اجتماع مجموعة «5+1» وإيران لبحث مسار تنفيذ الاتفاق النووي في فندق «كوبورغ» بفيينا أمس (أ.ف.ب)
اجتماع مجموعة «5+1» وإيران لبحث مسار تنفيذ الاتفاق النووي في فندق «كوبورغ» بفيينا أمس (أ.ف.ب)

بدا، أمس، أن الاتفاق النووي دخل غرفة العناية المركزة وسط مباحثات في فيينا وبرلين وخطوة متوقعة في الاتحاد الأوروبي، اليوم، ومشاورات متوقعة على أعلى المستويات خلال الشهرين المقبلين، قبل أن يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قراره النهائي بشأن البقاء في الاتفاق النووي أو يعلن «الموت الرحيم» للاتفاق بقرار الخروج من خطة العمل المشترك بين إيران ومجموعة «5+1» في 12 مايو (أيار) المقبل.
وأخذت ملفات طهران، أمس، منحى تصاعدياً عندما التقى مسؤولون من المجموعة الدولية «5+1» وإيران للمرة الثامنة، لتقييم مسار الاتفاق النووي، وسط تساؤلات متزايدة حول مستقبل الاتفاق النووي بعد تغيير وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في الأيام القليلة الماضية. وكشفت وثيقة نشرتها وكالة «رويترز»، أمس، عن توجه بريطاني وفرنسي وألماني لفرض عقوبات على إيران، لتطوير صواريخ باليستية، وذلك في وقت كشفت وسائل إعلام ألمانية عن زيارة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشهر المقبل لواشنطن، لإقناع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالبقاء في الاتفاق النووي.
وأجرى ممثل إيران مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية وكبير المفاوضين النوويين عباس عراقجي، مفاوضات عشية اجتماع اللجنة مع وفد الاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا وروسيا قبل جلوس جميع الأطراف على طاولة المفاوضات في فندق «كوبورغ» وسط العاصمة النمساوية فيينا، أمس. وترأست اجتماع أمس، نائبة مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي هيلغا شميد، وممثل الولايات المتحدة مدير تخطيط السياسات في الخارجية بريان هوك.
وكشفت صحيفة «ذوددويتشه» الألمانية، أمس، عن نيات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، القيام بزيارة مشتركة في أبريل (نيسان) المقبل لواشنطن. ورغم تأكيد الصحيفة أن إيران لن تكون محور مفاوضات مع ترمب، فإنها أشارت إلى أن الزيارة تهدف إلى منع حرب حقيقية وغير مطلوبة مع إيران. ويحاول الطرفان إقناع ترمب بالبقاء في الاتفاق النووي.
وأظهرت وثيقة سرية، نشرت وكالة «رويترز» إجراء منها أمس، أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا اقترحت فرض عقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي على إيران بسبب برنامجها للصواريخ الباليستية ودورها في الحرب السورية، لضمان استمرار الولايات المتحدة ضمن الاتفاق النووي الموقّع عام 2015.
وأفادت الوكالة، نقلاً عن مصدرين مطلعين، بأن الوثيقة المشتركة أُرسلت إلى عواصم الاتحاد الأوروبي، أمس (الجمعة)، لحشد الدعم لمثل تلك العقوبات التي ستحتاج إلى موافقة حكومات كل الدول الأعضاء في التكتل.
من جانبها، ذكرت وكالة «أسوشيتد برس» أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذين سيجتمعون، اليوم، في بروكسل لمناقشة الملف النووي الإيراني «سيؤكدون أن الاتفاق مع إيران جيد». وفي الوقت ذاته، توقعت الوكالة أن يبدأ الاتحاد الأوروبي ممارسة الضغط على برنامج الصواريخ الباليستية لإيران ودورها المزعزع للاستقرار في المنطقة.
وقال بريان هوك، بعد مباحثات في برلين وفيينا، إن ترمب يريد التوصل إلى اتفاق «تكميلي» مع الموقّعين الأوروبيين على الاتفاق النووي، مضيفاً أنه أجرى مباحثات «جيدة جداً» بهذا الشأن مع المسؤولين الأوروبيين، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوضح هوك أن الاتفاق التكميلي سيشمل برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وأنشطة طهران الإقليمية، وانتهاء صلاحية بعض بنود الاتفاق النووي في منتصف 2020، وتفتيش أكثر صرامة من الأمم المتحدة.
وزار هوك برلين، أول من أمس، للقاء نظرائه البريطاني والفرنسي والألماني، سعياً للاتفاق على موقف مشترك قبل التوجه إلى فيينا، حسب مسؤولين أميركيين.
وقال هوك: «نناقش المسائل لأسبوع في كل مرة، نُجري مباحثات جيدة جداً في لندن وباريس وبرلين»، مضيفاً أن «هناك الكثير الذي نوافق عليه، وحين يحدث اختلاف نعمل على إزالته»، إلا أنه رفض توضيح ما الذي سيحدث في حال تم التوصل إلى اتفاق ومتى يحصل ذلك، قائلاً: «ليست لدينا توجيهات من الرئيس أكثر من السعي للتوصل لاتفاق مع حلفائنا الأوروبيين».
وقال دبلوماسي أوروبي: «لدينا جميعاً المخاوف المتعلقة بالصواريخ، وعدم الاستقرار الإقليمي، ودعم الإرهاب، والنشاطات الخبيثة لإيران». وأضاف: «نحن على استعداد لاتخاذ خطوات للرد على تلك المخاوف». لكنه أوضح: «نحن بحاجة إلى ضمان عدم ارتكاب خطأ يمكن تجنبه من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي، ونتحرك حيال المسائل الأخرى بالتوازي... إن الاستخفاف بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) يضعنا جميعاً في أسوأ موقع للرد على المخاوف الأخرى».
وتعقد اللجنة كل 3 أشهر اجتماعاً منذ دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ، منتصف يناير (كانون الثاني) 2016، لبحث مسار تنفيذ الاتفاق النووي، وهذا كان آخر اجتماع قبل أن يحل 12 مايو المقبل، موعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب ما إذا كان سيصادق على الاتفاق النووي مرة أخرى بعدما منح الدول الأوروبية، يناير الماضي، مهلة أخيرة 4 أشهر لسد ثغرات الاتفاق النووي وإعادة التفاوض لا سيما حول تفتيش المواقع العسكرية وبرنامج الصواريخ الباليستية، فضلاً عن دور إيران الإقليمي المزعزع للاستقرار ودعم الجماعات المسلحة في لبنان وسوريا واليمن وأماكن أخرى.
وتزايدت أهمية اجتماع أمس، بعد إقالة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لعدة أسباب من بينها موقفه من إيران والاتفاق النووي. ويعزز تعيين مدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو المناهض لإيران، احتمالات انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق الذي وصفه ترمب بـ«أسوأ صفقة في تاريخ الولايات المتحدة» في عدة مناسبات.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في تصريح للصحافيين في مطار «مهرآباد» لدى عودته من اجتماع آستانة: «هذه حقيقة، إذا ارتكبت أميركا خطأ وانسحبت من الاتفاق النووي، من المؤكد سيكون خطأ مؤلماً للأميركيين»، حسب ما نقلت وكالة «إيسنا».
ورفض عراقجي، أمس، الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام عقب انتهاء الاجتماع. لكن وكالة «إيرنا» الرسمية نقلت عن مصدر مطلع يرافق عراقجي، أنه «سيعود إلى فندق كوبورغ لمواصلة مشاوراته بما فيها لقاء محتمل مع الوفد الأميركي».
وشاركت وفود دبلوماسية من الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي وإيران. ولم يعلق أي من الدبلوماسيين المشاركين في الاجتماع على أسئلة الصحافيين.
الاتفاق النووي، الذي تم التفاوض عليه خلال إدارة أوباما، يحدّ من تخصيب إيران وتخزين المواد التي يمكن تطبيقها على برنامج الأسلحة النووية. في المقابل، حصلت طهران على إعفاء واسع النطاق من العقوبات الدولية المتعلقة بالنفط والتجارة والبنوك.
وعن أجواء الاجتماع، كتب سفير إيران الحالي في بريطانيا وعضو فريق المفاوضين الإيرانيين حميد بعيدي نجاد، عبر حسابه في «تويتر»: «في اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، الولايات المتحدة مقابل تضامن الدول الأخرى، كانت أكثر من أي وقت سابق تحت الضغط والعزلة». وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني في الشؤون السياسية عباس عراقجي، إنه ناقش «خروق» أميركا للاتفاق النووي في العلاقات الثنائية مع وفد الاتحاد الأوروبي وروسيا وألمانيا وفرنسا عشية عقد اجتماع اللجنة المشتركة، مضيفاً أنه سيجري مفاوضات ثنائية مع الوفود الأخرى، ولم يوضح ما إذا كانت لديه نيات للقاء الوفد الأميركي على هامش المفاوضات.
ونفى عراقجي في الوقت ذاته أن تكون المشاورات الهامشية على صلة بأجندة اللجنة المشتركة. كما أعلن رفض بلاده أي مسار جانبي وقراراتها حول الاتفاق النووي، مشدداً على أن اللجنة المشتركة مسار جماعي لكل الدول المشاركة في الاتفاق النووي.
وقال عراقجي إن إثارة «الخروق» الأميركية ورفع العقوبات وتأخر الالتزامات من الإدارة الأميركية من ضمن أولويات الوفد الإيراني، لافتاً إلى تقديم إيران تقريراً لمجموعة العمل الخاصة برفع العقوبات.
وأضاف أن التقرير تقدمه الدول على غرار تقرير تقدمه إيران.
وفي تصريح لوكالة «إيرنا» الرسمية، أقر عراقجي بأن تطورات الملف النووي في المرحلة المقبلة «لن تكون سهلة»، معرباً عن أمله أن يؤدي اجتماع اللجنة المشتركة إلى تفاهم مشترك «في ظل الظروف الحالية». كما استبعد أي إمكانية لإعادة المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، وقال: «من وجه نظرنا لا توجد أي إمكانية لاتفاق تكميلي أو إضافي أو عبارات تُستخدم من هذا النوع هذه الأيام»، مضيفاً أن الحديث عن إعادة التفاوض «يعارض الاتفاق النووي».
وخرج المسؤول الإيراني بانطباع بأن مواقف بعض تلك الدول «متقاربة جداً» مع الموقف الإيراني، بينما مواقف بعض الدول تؤيد «خرق» واشنطن للاتفاق النووي «لكنها تخشى الإفصاح به صراحةً» وفقاً للمسؤول الإيراني.
وكان عراقجي خلال اجتماع مع لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني، الأربعاء الماضي، قد وصف مهمة الدول الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي، بالسير على شفرة حادة، لأن انحيازها إلى أي طرف بين إيران والولايات المتحدة سيؤدي إلى الطرف الآخر، وفق ما نقلت عنه وكالات أنباء إيرانية.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».