طالب هانس بونتي، القيادي في الحزب الاشتراكي البلجيكي وعمدة مدينة فيلفورد القريبة من بروكسل، بفرض نظام مراقبة صارم على الإرهابيين الذين أنهوا فترة السجن، وقال إنه يجب إخضاعهم للمراقبة من جانب السلطات الحكومية المعنية، خصوصا أن هناك أعدادا من المقاتلين الذين سافروا للقتال في سوريا وجرت محاكمتهم سيخرجون قريبا من السجن عقب تمضية فترة العقوبة، وتحديدا في ظل ما يتردد حاليا بشأن مدى جدوى سياسة مكافحة التطرف داخل السجون، وما يشار في هذا الصدد إلى أنها لم تحقق النجاحات المطلوبة.
ونقلت وسائل الإعلام البلجيكية عن عمدة مدينة فيلفورد التي سبق أن سافرت منها أعداد من الشباب إلى مناطق الصراعات، قوله إن البعض من المقاتلين الذين شاركوا في القتال في سوريا وهم الآن داخل السجن سيختارون عن عمد عدم الإفراج المبكر عنهم وسيفضلون البقاء داخل السجن حتى اكتمال فترة السجن التي تتراوح للبعض منهم بين 5 و10 سنوات، حتى يتفادوا بذلك أي شروط صارمة تتعلق بمراقبتهم، لأن الإفراج المبكر، من وجهة نظر بعض المتخصصين هنا في بروكسل، يتطلب وضع الشخص الذي يطلق سراحه تحت المراقبة بطرق مختلفة؛ منها وضع إسورة إلكترونية حول قدمه لمراقبة تحركاته.
ولهذا طالب القيادي في الحزب الاشتراكي البلجيكي في تصريحاته بوضع هؤلاء المساجين تحت المراقبة لفترات طويلة قد تستغرق 5 أو 10 أو حتى 15 عاما، وقال: «هو نظام يطبق على الأشخاص الذين تورطوا في هجمات إرهابية أودت بحياة أعداد من الأبرياء»، ولكن بونتي طالب بأن يتم توسيع الأمر ليشمل كل الأشخاص الذين دخلوا السجن على خلفية المشاركة في القتال بمناطق الصراعات، «وبالتالي يمكن مراقبة نشاطهم لسنوات كثيرة، وفي هذا الأمر حماية للمجتمع».
ولم يظهر بيتر ديبروفر، رئيس كتلة حزب التحالف الفلاماني في البرلمان البلجيكي، اعتراضا على الدعوة التي أطلقها بونتي الموجود ضمن صفوف المعارضة. وأضاف ديبروفر، الذي يقود حزبه الائتلاف الحكومي حاليا: «من الأفضل ألا يغيب هؤلاء الأشخاص عن أعيننا، وتجب مراقبتهم بشكل جيد».
وقبل 3 أعوام تلقى هانس بونتي عمدة مدينة فيلفورد، دعوة من واشنطن ليكون متحدثا رئيسيا في مؤتمر الأمن العالمي برعاية الرئيس السابق باراك أوباما، وتناول في كلمته أمام الحضور تجربة فيلفورد لمواجهة الفكر المتشدد حتى يستفيد منها الآخرون. وأمام قادة دول وشخصيات أمنية وخبراء، تحدث بونتي عن تجربته الشخصية في التعامل مع ملف الفكر الراديكالي، والكشف المبكر عن توجهات للسفر إلى الخارج من جانب بعض الشباب صغار السن للمشاركة في العمليات القتالية.
وسبق أن ذكر عمدة فيلفورد في تصريحاته أن علاقته الشخصية مع أولياء الأمور ساعدته كثيرا في مهمته، حيث إن «الثقة ضرورية لكي يتحدث الأب أو الأم عن مشكلات الأبناء مع المسؤولين».
وعلى بعد 10 كيلومترات من العاصمة البلجيكية بروكسل تقع مدينة فيلفورد التي سافر منها عشرات من الشباب صغار السن إلى سوريا والعراق للمشاركة في العمليات القتالية، والأسباب وراء ذلك متعددة؛ بحسب ما ذكر بونتي عمدة مدينة فيلفورد البلجيكية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الذي أضاف: «وضعية صعبة للغاية يعيش فيها الشباب من أصول أجنبية في الغرب بشكل عام، وفي بروكسل وفيلفورد بشكل خاص؛ حيث يعانون من البطالة، ومشكلات في التعليم، وعدم الحصول على مؤهلات دراسية، إلى جانب تعرضهم لعملية غسل مخ من جانب جماعات أصولية متطرفة؛ منها جماعة (الشريعة في بلجيكا) المحظور نشاطها الآن، والتي استغلت الظروف لحثهم على السفر إلى سوريا والعراق تحت راية ما يطلقون عليه (الجهاد)».
وكثفت السلطات البلجيكية من إجراءاتها عقب حادث الاعتداء على المتحف اليهودي في بروكسل خلال مايو (أيار) 2014 لمواجهة التشدد وتداعيات عودة المقاتلين من مناطق الصراعات، لكنها تدابير لم تكن كافية من وجهة نظر البعض وقتها بالنظر إلى استمرار سفر الشباب، وتواصل التهديدات. وقال بونتي لـ«الشرق الأوسط»: «حادث الاعتداء على المتحف اليهودي في بروكسل نفذه شخص عاد من سوريا، وهذا يعني أن هناك صبغة إرهابية. ولهذا؛ وجهت انتقاداتي ليس فقط للحكومة البلجيكية، بل للدول الأوروبية الأخرى بسبب التحرك البطيء والتأخر في التعامل مع مشكلة تحول الراديكالية إلى إرهاب».
وفي هذا الصدد؛ قال وزير الخارجية البلجيكي ديديه رايندرس في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «اتخذنا خطوات كثيرة في هذا الصدد، ولكن علينا أن نقوم بالمزيد، خصوصا فيما يتعلق بالتعاون مع دول أخرى في مجال تبادل المعلومات الأمنية، وأيضا تبادل طرق التعامل مع نشر الفكر المتشدد، وهذه مهمة غاية في الصعوبة، وهذه المهمة لن تتحقق في غضون شهور أو أعوام قليلة؛ وإنما أجيال مقبلة».
بلجيكا: دعوة لمراقبة {الدواعش} 15 عاماً بعد انتهاء سجنهم
بلجيكا: دعوة لمراقبة {الدواعش} 15 عاماً بعد انتهاء سجنهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة